الكتابة وطن … وما المنفي إلا أنا- سوزان الأسعد تتحدث عن أدب السخرية وابتعاده عن ساحة الأجناس الأدبية المعاصرة

Read Time:4 Minute, 35 Second

سوزان الأسعد

شبكة المدار الإعلامية الأوربية…_أدب ونقد ومسرح وفن , كلها ولايات أرض الكتابة , خليقة بنات أفكار حاكم لا شعب له ,لماذا تكتب ؟ ولمن ؟قال الكاتب سليمان رشدي عندما سأله أحدهم هذا السؤال  :” أكتب لأني أحب أن ابتدع .. أحب أن أكذب ” وعندما سئل توفيق الحكيم كان جوابه :” أنا لا أكتب الا لهدف واحد وهو دفع القارئ للتفكير , وبعد مئة كتاب ,اعتقد ان أعمالي غير مجدية “وفي ولاية الأدب , سأتحدث عن المنفي البائس رغم بشاشته (الأدب الساخر )الأدب الساخر له ماض عريق وحاضر غريق , لقد حفلت الآداب العالمية بالكتابات الساخرة وكان لها روادها المعروفين مثل:جورج برناردشو: لقب بشيخ الساخرين , وهو كاتب مسرحي ايرلندي عرف بتمرده على التقاليد السائدة وكلامه الصريح اللاذع , حائز على جائزة أوسكار في الادب وحاز على جائزة نوبل والعديد من الجوائز العالمية . جعفر عباس : كاتب سوداني الجنسية غلبت على أعماله طابع السخرية ,ويعتبر الكاتب العربي الأول الذي أضافته النسخة الإنجليزية من (الويكيبيديا) إلى قائمة الكتاب الساخرين في العالم وأغلب مقالاته عبارة عن زوايا , زاوية غامقة , زاوية منفرجة , زاوية معكوسة , وأصدر عام 1994 كتاب (زوايا منفرجة ) وفي عام 2008 أصدر كتاب (زوايا منفرجة وأخرى حادة)مارك توين : لقب بأبي الأدب الأميركي , ولقب أعظم الساخرين الأميركيين ,نقولاي غوغول : وهو كاتب أوكراني الجنسية , كان من بين أوائل الأدباء الذين سخروا من الاوضاع في الامبراطورية الروسية , من أشهر رواياته (المعطف ) وقصة (ايفان ايفانوفيتش وإيفان نيكيوروفيتش) التي كانت فكاهية لكنها مليئة بقسوة ومرارة الحياة فيودور ديستوفيسكي : كاتب روسي ,وهو صاحب أشهر مقولة “السخرية هي الملاذ الأخير لشعب متواضع وبسيط “وقد قام أندريه جيد في كتابه (دوستويفيسكي مقالات ومحاضرات ) بالحديث المفصل عن هذا الكاتب العظيم الذي لم تخب مساعيه للوصول إلى العالمية وكان من أهم مؤسسي الوجودية في الأدب وكانت السخرية تابعة لوجودية هذا الأدب والنابعة من اصطدام ما يجب أن يكون بما هو كائن فعلا وبين هذا وذاك خيبة مضحكة مبكية .

السخرية مابعد الحداثة :مفهوم السخرية عند سورين كيركغارد:

“مثلما تبتدئ الفلسفة بالشك، كذلك تبتدئ الحياة الكريمة، تلك التي نصفها بالإنسانية، بالسخرية.”وما يقترحه الفيلسوف والساخر الإيطالي الشهير أمبيرتو إيكو هو أن نراجع فكرة ديكارت عن طبيعة الإنسان: إنّ الشيء الأعدل توزيعاً بين الناس ليس الحس السليم، كما قالت الأزمنة الحديثة من بعده، بل «الحماقة» وهذا يعني ان مفهوم السخرية يدين الى الحماقة, وهو عبارة عن تمييز ميتافيزيقي لنا عن مخلوقات تشبهنا,إذن رسالة الصورة الساخرة برأي إيكو: عليها ألا تخشى المبالغة أبداً، وإذا ما أصابت الهدف، فهي لا تقوم سوى بتجسيد ما سيحققه آخرون دون خجل وبهدوء أعصاب ووقار رجولي. السخرية هي خرق , هي تجرؤ هي ثورة لغوية على عدم العمل , مع الربيع العربي خرجت السخرية الى الفضاء العام , الى الطرقات الى الساحات الى الابتسامات العابسة بصورة مؤثرة جدا.كان للسخرية فيما بعد الحداثة تجاوزات كثيرة لم يقبلها الكتاب والمسرحيون الساخرون ابدا  فأخذوا موقفا منحازا لموضوع السخرية القديم ألا وهو إنشاء  الإنسان الجديد والمجتمعات الجديدة وفق مثل أعلى معين , لكن ما قيمة أدب السخرية إن لم يواكب الواقع ومشاكلة ؟ ما قيمة أدب السخرية إن كان رهين الماضي ومثل الماضي ومشاكل الماضي ؟هيمنت سخرية ما بعد الحداثة بوصفها موقفا ثقافيا في ستينيات القرن الماضي. وتسببت هزيمة الثورات التي قادها الشباب في الغرب عام 1968، إلى تبني استراتيجية السخرية الدفاعيةلكن وفي وقت ما من التسعينيات الماضية، بدأت هذه الثقافة تستنفذ اهدافها. اصبحت الحيل الساخرة التي يوظفها الفنانون والكتاب في ما بعد الحداثة مرهقة ويمكن التنبؤ بها، وأنتجت الممارسة المستمرة للسخرية الناقدة للمجتمع عددا قليل من (المكاسب السياسية) المباشرة ونتيجة لذلك، بدأ الفنانون والكتاب الابتعاد عن السخرية, ومن أبرز الأدباء الساخرين العرب في العصر الحديث القاص السوري زكريا تامر الذي تناول في قصصه الكثير من القضايا الاجتماعية والسياسية في ومن أهمها النمور في اليوم العاشر , سنضحك .عرف أسلوبه بالبساطة واستخدم اللغة الواضحة القريبة من فهم القارئ وهي من أهم سمات الأدب الساخر عموما , كما اتبع الرمزية أيضا وكان له أسلوبه الخاص الذي لم يكن تقليدا لأي أسلوب آخر ,كل من يقرأ قصص زكريا تامر يجد مابين السطور صرخة عارمة صداها في عقل القارئ يوقظ فكره ليعيد النظر بما يحدث حوله .ومن الشعراء والصحفيين الساخرين أيضا , الشاعر التونسي ابن سليانة الهادي عبد الملك هو شاعر من جيل السبعينات وتتميز قصائده بمناخاتها الوجدانية والوطنية والناقدة الساخرة وهومن المثقفين ومن المساهمين لسنوات في الحراك الثقافي والشعري , فضلا عن حضوره الإعلامي لسنوات عبر مساهماته في الكتابات الصحفية ضمن سياقات الأدب والشعر والحياة بشؤونها وشجونها ترتدي حلل السخرية و الطرافة بضرب من الإشارات و الإماءات و الترميز و هو الشاعر الممتلئ بالتراث الشعري العربي البعيد و القريب وأهم مؤلفاته وآخرها ( المروحيات ) وهي قصائد قصيرة تلمس الواقع التونسي ونقد سلوكياته ويومياته وعلاقاته بشيء من السخرية .وقد جاء فن الكاريكاتير في الرسم داعما لفن السخرية في الأدب وتطور عبر التاريخ ليبلغ أوجه في العصر الحديث فهو وأدب السخرية وجهان لعملة واحدة فهما مرصد هزلي للواقع ولكل لمتناقضات الموجودة في العلاقات الإجتماعية , ومن أبرز وأشهر الكاريكاتوريين العرب في العصر الحديث ناجي العلي، الذي ابتكر في فنه الكاريكاتيري شخصية حنظلة الشهيرة، وكان أقرب إلى الساحر منه إلى الفنان العادي، وفيفنه تعويذة مبهمة، لكنها تأسر العقول بجدراة , ففي الحديث عن فن الكاريكاتير، حديث عن نوع من تعاويذ السحرة، التي تجتمع فيها الأضداد، كما هي الحال في الحياة.هل اختفى الأدب الساخر عن الشاشة الثقافية ؟لم يختفِ الأدب الساخر عن الشاشة الثقافية تماما وإنما قل إنتاجه في الأجناس الأدبية ولعل ذلك يعود لعدة أسباب منها ظهور دور الصحافة التي لاتخلو من الصور الكاريكاتيرية ومثلما ذكرنا سابقا هما وجهان لعملة واحدة لكن وجه الكاريكاتير طاغيا ًأكثر , خصوصاً أن الصورة أقوى حضوراً من الكلمة, ويمكننا إعادة السبب إلى المسرح أو الدراما التي تعكس هموم المجتمع ومشاكله التي تلفت الإنتباه بالمشاهدة أكثر من القراءةوالأهم من ذلك كله , هو صعوبة هذا الأدب وخاصة بعد الربيع العربي وبعدما تعشش الحزن في الصدور , فأصبح من السهل إبكاء الناس ولكن من الصعب إضحاكهم في ظل الندبات التي أحدثها التاريخ القريب والذي مازال يحدثها الواقع.

_…شبكة المدار الإعلامية الأوربية…_

 

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post تحديث الواتس آب سيبدأ مع الإعلانات للمستخدمين
Next post Hannes Halldorsson بين المرمى وصناعة أفلام السينما