هل انتقمت أمريكا من إيران التي تحرشت بسفنها في الخليج بضرب الحشد الشعبي العراقي قرب سوريا؟

Read Time:5 Minute, 45 Second

د.عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب
أستاذ بجامعة أم القرى بمكة
شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_ جرح مفتوح في جسد الشرق الأوسط التجاهل يزيد الوضع سوءا، يبدو أن أمريكا تدفع ثمن استجابة سياساتها في العقود الماضية لضغوط جماعات الضغط الموالية لإسرائيل والتي تشكل الجزء الأهم من السيطرة على المال والثروة المسيطرين في الولايات المتحدة والتي تمكنت من توجيه السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط تبعا لما تمليه مصلحة إسرائيل التي أغفلت مصالح وأهداف الولايات المتحدة.هناك صحوة أميركية في استعادة مصالحها الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، التي تركت إيران تستثمر عدد من الأزمات في المنطقة في التمدد، بدأ من غزو العراق عام 2003 وتسليمه لإيران على طبق من ذهب، حتى مجئ ما يسمى بالثورات العربية التي ركبت إيران موجتها التي تتقاطع مع دعم الولايات المتحدة لتيار الإسلام السياسي المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين. بدأت إيران بالبحرين لكنها فوجئت بدخول القوة الخليجية المشتركة المسمى بدرع الجزيرة بقيادة السعودية لحماية البحرين من التدخل الإيراني، ولم تتوقف إيران عند هذا الحد، بل بدأت تستعد لمرحلة جديدة من الانتشار عبر وكلائها وأعطت الحرس الثوري الإيراني وعلى رأسه قاسم سليماني قائد فيلق القدس، وحزب الله بتشكيل مليشيات كوكلاء لها في المنطقة ودعمها في العراق وسوريا واليمن مستثمرة فترة المفاوضات حول النووي الإيراني مع الدول 5+1.
ومن أجل حصول أوباما على توقيع اتفاق تاريخي مع إيران ترك اليد الإيرانية تتمدد في المنطقة، وحينما تعثرت إيران ووكلائها في سوريا بسبب الدعم والتنسيق الخليجي التركي، استعانت إيران بروسيا بعدما أرسلت قاسم سليماني موفدا إلى روسيا لإقناعها بالحضور إلى سوريا، وهي أيضا وجدتها فرصتها التاريخية. لم يكن أمام المملكة العربية سوى تشكيل تحالف عربي إسلامي والبدء بعاصفة الحزم في اليمن لمواجهة إيران في اليمن البوابة الجنوبية بعد حماية أمنها في الشرق في البحرين وكذلك في المنطقة الشرقية.بعد مجئ ترامب الذي لم يقتنع باستراتيجية أوباما الذي ترك منطقة الشرق الأوسط غنيمة لإيران ولروسيا التي تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة، فعاد إلى توثيق التحالف التقليدي السابق مع أبرز حلفاء أمريكا في منطقة الشرق الأوسط وهي السعودية التي تكفلت بمحاربة جميع أشكال الإرهاب سواء كان منبعه سني أو شيعي وتشكيل تحالف دولي لمحاربة الإرهاب الذي اعتبرته الولايات المتحدة يمثل بالفعل بادرة كبيرة ومهمة من قبل المملكة التي تقود هذا التحالف إلى جانب التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بل اعتبرته الولايات المتحدة أحد أهم الابتكارات السعودية المفيدة للأمن والسلام الدوليين، وهو يمثل فكرة رائدة من شأنها مساندة التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب والعالم أشد ما يكون لمثلها لأنها أصبحت ضرورة ملحة وتستدعي تضافر كل الجهود الدولية ومن المؤكد سيكون للعمل المشترك السعودي الأميركي الدور الأعظم في مثل هذه الحالات.اعتبر ترامب أن إيران دولة راعية للإرهاب فلابد من مواجهتها لتقليص نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، واعتبر كذلك أن إيران لم تلتزم بروح الاتفاق حول برنامجها النووي.المعركة المضحكة فئران وزوارق البحرية الإيرانية تتحرش بالسفن الأميركية في الخليج وأي معركة بحرية أمريكية إيرانية مشتركة ستفقد إيران أسطولها بالكامل، لكن البعض يعتبره مجرد استعراض سياسي وليس حقيقي حيث يريد خامنئ أن يكذب على الشعب الإيراني بأن إيران تتحدى أمريكا.فقد ادعت إيران أن الأسطول الذي تقوده الولايات المتحدة قد انتهك مياهها الإقليمية الدولية وهو ما نفاه المسؤولون الأمريكيون، وردا على البحرية الإيرانية نشرت القوات الأمريكية طائرات هليكوبتر حربية من يو إس إس جورج دبليو بوش لتحوم فوق زوارق التدخل السريع الإيرانية وفقا للقائد ويل بينينغتون، وحاولت أمريكا تغيير مسار السفن الأمريكية في مضيق هرمز لأن أمريكا لا تريد خوض معركة مع الملالي بترتيب منه، وهو ما يعتبر احتجاج من إيران على أن القوة البحرية الإيرانية يجب أن تبقى في المياه الدولية في خليج عدن وباب المندب وهي تدعي هذا التواجد من أجل حماية ناقلات النفط والسفن التجارية وضمان أمن المنطقة.اختارت أمريكا الرد على التحرش الإيراني بتوجيه ضربة للحشد الشعبي العراقي قرب معسكر التنف شرق سوريا التابع للتحالف الدولي بقيادة أمريكا وهو ما أدى إلى قتل وجرح العديد من عناصر الحشد بينهم 7 ضباط من الحرس الثوري الإيراني قتلوا من بينهم حسين قمي قائدهم الاستراتيجي الرئيسي، ورغم نفي قوات التحالف بقيادة واشنطن مسؤوليتها عن هذا الهجوم إلا أن متحدث باسم كتائب سيد الشهداء أكد استهداف القوات الأمريكية للرتل العسكري ما أدى إلى مقتل 36 عنصرا من الفصيل وإصابة 75 آخرين. وهو ليس فقط رد على تحرش إيران البحري بالسفن الأمريكية بل كذلك هو بمثابة رفض واشنطن ربط طهران بدمشق وبيروت وهو ما أعلنه وزير الدفاع الأميركي ومدير الاستخبارات الأميركية بعدما شاع في الأشهر الأخيرة سعي إيران إلى تأمين طريق بري يربطها بسوريا عبر الأراضي العراقية وهو الأمر الذي عبر عنه حيدر العبادي رفضه في أكثر من مناسبة دخول الحشد إلى الأراضي السورية بحجة قتال داعش.يعد هذا الاستهداف الأول من نوعه لمليشيات محسوبة على إيران في الداخل العراقي، علما بأن طائرات التحالف قصفت مرات عدة مواكب عسكرية للنظام السوري ومليشيا حزب الله في الداخل السوري بالقرب من منطقة التنف عند الحدود السورية الأردنية.إيران منزعجة من العلاقة بين الرياض وواشنطن التي تكتسب أهمية بصفتها شريكا استراتيجيا موثوقا في مكافحة الإرهاب بعدما فشلت في إلصاق تهمة الإرهاب بالسعودية، بل إن واشنطن والرياض يعملان على تعزيز قوات التحالف والقوات السعودية في اليمن بطرق مختلفة يعملان معا ضد أطماع إيران التوسعية المتورطة في دعم المليشيات الإرهابية بالتمويل والتدريب والدعم اللوجستي في سوريا بعدما اقتنعت الولايات المتحدة أن إيران تسبب قلقا لدى كل من الرياض وواشنطن على حد سواء بسبب سياستها الرامية لزعزعة الاستقرار بالمنطقة خصوصا وأنها تفشل الحلول السياسية الممكنة للأزمة السورية.إيران قلقة من التقارب السعودي العراقي حيث تريد السعودية علاقات قوية مع العراق في كل المجالات خصوصا بعدما التقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع وزير النفط العراقي جبار اللعيبي واستعرضا الفرص المشتركة اقتصاديا وفتح المنافذ البرية وتشجيع التبادل التجاري والاستثماري وتسيير رحلات مباشرة في خطوة اعتبرها المراقبون أن الرياض تحاول لاختراق نفوذ إيران والحد من هيمنتها على بغداد ضمن استراتيجية سعودية لإعادة العراق إلى محيطه العربي. لذلك تثير زيارة المسؤولين العراقيين للسعودية غضب إيران التي تخشى أن تهدد عودة العراق لمحيطه العربي نفوذها المترامي في البلاد وشنت هجوما كبيرا على الزعيم الصدر بلغة نعته بالخيانة بعد دعوة تلقاها من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وهي الأولى منذ عام 2006 عندما التقى بالملك عبد الله بن عبد العزيز، وفي يونيو 2017 أجرى رئيس الوزراء حيد العبادي زيارة للسعودية التقى فيها بالملك سلمان وهي الزيارة الأولى منذ توليه الرئاسة منذ تسلمه منصبه نهاية عام 2014.زيارة الرئيس الأميركي للرياض وفرت فرصة كبيرة لبلورة موقف أميركي – سعودي – خليجي – عربي – إسلامي، لمكافحة الإرهاب وإطلاق رسائل محددة للدول التي تحاول العبث بأمن واستقرار المنطقة وفي مقدمتها إيران التي لابد أن الرسالة وصلتها ولكنها لا تزال ترفض التنازل عن المكتسبات التي حققتها خلال الفترة الماضية منذ تسليم العراق لها، لكن كيف تواجه التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب بقيادة السعودية الذي يطالبها بالتخلي عن السلوك الإرهابي والعدواني ودعم الإرهاب والإرهابيين في المنطقة؟.إيران منزعجة من تعزيز الولايات المتحدة وزيادة قواتها البحرية والجوية والبرية في أفغانستان وكذلك في الموصل لأنها تعتبر إيران مشكلة كبيرة حيث ذكرت نيويورك تايمز الأميركية بأن إيران تسعى في الفترة الأخيرة عشية انفجار الأزمة القطرية إلى التمدد في اتجاه أفغانستان وصولا إلى جمهورية آسيا الوسطى ومنطقة بحر قزوين بالاعتماد على حركة طالبان التي كانت توصف بأنها الأشد عداوة لدولة الولي الفقيه ليس فقط السعودية تدافع عن مكتسبات الدول العربية بل كذلك أمريكا تدافع عن مصالحها في المنطقة عبر التحالف الاستراتيجي بينها وبين السعودية.
_…شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_

 

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post حاجة المركزي الأوربي للتكيف مع عدم القدرة على إغلاق كامل لصنابير التحفيز
Next post وزير الزراعة الهولندي يرد على اتهامات نظيره البلجيكي بسبب فضيحة البيض