الحلاج بين الحب والصوفية

شبكة المدار الإعلامية الأوربية…_تعدّ الصوفية مذهبًا من مذاهب الدين الإسلامي، وهي طريق أو سبيل يسلكه العبد المسلم كي يصل به إلى الله -سبحانه وتعالى-، وهو طريق يوصل الإنسان إلى معرفة الله تعالى، ويكون الوصول إلى الله عند الصوفيين من خلال اجتناب نواهيه والتزام أوامره كلها، وجدير بالقول إنَّ الأدب العربي مليء بالشعراء والأدباء الصوفيين الذين أثروا خزينة الشعر العربي والأدب العربي بشكل عام بكثير من النصوص التي طغى عليها الطابع الصوفي وفقًا لمعتقداتهم، وهذا المقال سيتناول الحديث عن أحد شعراء الصوفية وهو الحلاج وسيتم ذكر العلاقة بين الحلاج والحب والمرور على أبرز أشعار الحلاج أيضًا.

نبذة عن الحلاج

هو الحُسَيْن بن منصور الحلاج، أبو مغيث أو عبد الله، شاعر صوفي وُلد في فارس، في قرية صغيرة تتبع إداريًا إلى بلدة البيضاء، وكان مولده سنة 1207م، وهو شاعر وأديب صوفي، سافر وصال وجال، فبعد أن كبر ونشأ في العراق في مدينة واصل، سافر الحلاج إلى مكة المكرمة وزار خراسان ووصلت به أسفاره إلى الهند، وقد درس الحسين بن منصور الدين واهتم به اهتمامًا كبيرًا وتتلمذ على يد عدد من المشايخ، قبل أن يسلك مسلك الصوفيين ويتبع علماء هذا المذهب ومشايخه، وقد اتُّهِمَ الحلاج بالزندقة والكفر بسبب أفكاره التي كان يطرحها بين الناس، وقد اعتبره أهل السنة متعاملًا مع الجن والشياطين، فذكرت له كثير من الحيل في التاريخ، وقد اشتهرت قصة مقتله، حيث اتهمه علماء الدين في عصره بالزندقة والخروج عن الملة في معتقداته، فأحل دمه القاضي أبو عمر محمد بن يوسف المالكي، فقُتل جراء ذلك سنة 1273م. ¹⁾

الحلاج والحب

كان الحسين بن منصور الحلاج عاشقًا صوفيًا، محبًا تتجلَّى كلُّ أشعاره في الحب الإلهي الذي كان يوغل به الصوفيون تقرُّبًا من الله -سبحانه وتعالى- فكانت أغلب أشعار الحب لديه مقترنة بالله -تبارك وتعالى- اقترانًا وثيقًا، لأنَّه كتب تقرُبًا من الله، وجدير بالقول إنّ العلاقة بين الحلاج والحب علاقة وثيقة فقد ارتبطت أشعاره كثيرًا بالألفاظ التي تدلُّ على العشق والحب، فهو القائل:

واللهِ ما طلَعَتْ شمسٌ و لا غربتْ       إلّا وحبُّكِ مقرونٌ بأنفاسِي

ولا جلسْتُ إلى قومٍ أحدّثُهُمْ        إلّا وأنتَ حديثِي بينَ جُلَّاسِي

الحلاج والحب قصة طويلة، قصة كتبها الحلاج شعرًا وأبدعها بقلب عاشق ملهم، فقد كرّس الحلاج كثيرًا من وقته وشعره ومشاعره للحب والعشق والجمال، حتَّى أصبحت أشعاره وأقواله رسائل ومكاتيب عشق بين العشاق عبر الأزمنة، وجدير بالقول إنَّ الحلاج والشعراء الصوفيون بشكل عام كانوا يعيشون حياة زاهدةً خالصةً، في سبيل الوصول إلى محبة الله، وفي سبيل الوصول إلى المحبة الإلهية المطلقة.

أشهر أشعار الحلاج

بعد الحديث عن العلاقة بين الحلاج والحب لا بدَّ من المرور على أشهر ما قال الحلاج من شعر عن الحب والعشق وغير ذلك، لتتضح ملامح العلاقة بين الحلاج والحب، هذه العلاقة التي بناها الحلاج في عقله أولًا وقلبه، ثمَّ كتبها شعرًا تداوله العشاق وتناقلوه سنين طويلة، ومن أشهر أشعار الحلاج في الحب:

• يقول الحلاج في الحب: ²⁾

أنا مَن أهوى ومَن أهوى أنا            نحن روحانِ حَلَلْـنا بدنا

فإذا أبصرتَني أبصرتَهُ            وإذا أبصرتَهُ أبصرتَنَا

• ويقول الحلاج أيضًا: ³⁾

ما لامني فيك أحبابي و أعدائي           إلّا لغفلتهم عن عظم بلوائي

تركتُ للناس دنياهم و دينهـم              شغلًا بحبِّكِ يا ديني و دنيائِي

أشعلتَ في كبدي نارينِ، واحدةٌ           بين الضلوع و أخرى بين أحشائِي

• ويقول أيضًا: ⁴⁾

لي حبيبٌ أزور في الخلواتِ         حاضرٌ غائبٌ عن اللحظاتِ

ما تراني أصغي إليه بسمعٍ           كي أعي ما يقول من كلماتِ

كلمات من غير شكلٍ ولا نُطْـ           ـقٍ ولا مثل نغمةِ الأصــواتِ

• ويقول الحلاج أيضًا: ⁵⁾

إذا بلغ الصبُّ الكمال من الفَتَى          ويذهل عن وصل الحبيب من السُّكْرِ

فيشهد صدْقًا حيث أشهدَهُ الهوى          بأنّ صلاةَ العاشقين من الكُفْرِ

• ويقول أيضًا:  ⁶⁾

مكانُك من قلبي هو القلب كلُّهُ       فليس لخلقٍ في مكانك موضِعُ

وحَطَّتْك روحِي بين جلدي وأعظُمِي        فكيفَ تراني إن فقدتُكَ أصنَعُ

المراجع

weziwezi

About Post Author

التحرير

xcxc200@yahoo.com

http://www.almadar.be

Happy

0 0 %

Sad

0 0 %

Excited

0 0 %

Sleepy

0 0 %

Angry

0 0 %

Surprise

0 0 %