سمنون المحب والتصوف

Read Time:3 Minute, 6 Second

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_إنَّ التصوّف هو أحد مذاهب الإسلام، وهو مذهب قائم على الأخذ بالحقائق، والحقيقة عند المتصوّفة هي العلم الصوفيّ، وقد برزتْ للتصوّف مناسكُ خاصة بهذا المذهب، ابتدعها المتصوفوّن وقاموا بتأديتها ولمّا يزالوا قائمين على ذلك، ولعلَّ أشهر مناسك الصوفية هي الحضرات المتخصّصة بالذكر، والتي يقيمها الصوفيون تأمُّلًا في مَلكوت الله وشكرًا وذكرًا وتقرُّبًا من الله تعالى، وقيل: إنّ التصوف هو التعلق بالحقيقة واتباع الرسول في الشريعة، وقد برزَ عدد من الشعراء والأدباء الصوفيين، وكانَ أبرزهم: الحلاج وابن الفارض وجلال الدين الرومي وغيرهم، وهذا المقال سيسلِّط الضوء على أحد شعراء المتصوّفة وهو سمنون المحب.

نبذة عن سمنون المحب

هو الشاعر الحَسَن بن سمنون بن حمزة الخواص، أحد شعراء العصر العباسي، شاعر متصوّف سارِحٌ في مَلَكوت الله تعالى، لُقِّبَ في عصرِهِ بسمنون المُحبّ لأنّه كانَ يكتب شعرًا في محبّة الله تعالى، وقد عاش سمنون المحب في بغداد، ولازم كلًّا من السقطي والقلانسي ومحمد القصاب، الذين كانوا من أكبر متصوفة بغداد ومشايخها، ومن القصص التي وردت عن سمنون المحب هي قصة عبارتِهِ الشهيرة التي قال فيها: “ادعوا لعمّكم الكذاب” وقصة هذه العبارة أنَّ سمنون المحب قال مرة في أحد أبياتِهِ: فَلَيسَ لي في سِوَاكَ حَظٌّ فكَيفَ مَا شِئتَ فَامتَحنّي إن كان يرجو سواك قلبي لا نلتُ سُؤلي ولا التمَنّي فابتلى الله تعالى سمنون المحب بمرض عسر البول، فأصبح يطوف على الناس ويقول لهم: “ادعوا لعمّكم الكذاب” []. وقد اشتُهر لسمنون شعرٌ جيّد، وتُوفي في بغداد سنة 298 للهجرة، وهو القائل: “لا يعبَّرُ عن شيءٍ إلا بما هو أرقُّ منه، ولا شيءَ أرقُّ من المحبّة فما يعبر عنها؟”، فكان داعيًا إلى المحبة، خلّدَ نفسَهُ بالحبّ، وسُمِّيَ بالمُحبّ، فكانَ حبًّا في الحياة، ولم يزلْ يُدعى بالحب حتى هذه اللحظة.
شعر سمنون المحب

 كما وردَ سابقًا، فإنّ سمنون المحب شاعر صوفيّ اشتهر له شعر جيّد تداولَه الناس وجمهور النقّاد تذوّقًا وتحليلًا، ولعلّ أبرزَ ما قال:

أحنّ بأطراف النهار صبابةً وبالليل يدعوني الهوى فأجيبُ وأيامُنا تفنى وشوقي زائدٌ كأنّ زمانَ الشَّوقِ ليسَ يغيبُ

ومما قال أيضًا: بكيتُ ودمعُ العينِ للنَّفسِ راحةٌ ولكنَّ دمعَ الشَّوقِ يُنْكَاْ بهِ القَلْبُ وذكرى لما ألقاهُ ليسَ بنافعي ولكنَّهُ شيءٌ يهيجُ بهِ الكَرْبُ فلو قِيلَ لي: منْ أنت؟ قلتُ: معذبٌ بنارِ مواجيدٍ يضرِّمُها العتْبُ بُليْتُ بمنْ لا أستطيعُ عتابَهُ ويَعتُبنِي حتَّى يُقالَ لي الذَّنْبُ وقال أيضًا: أفديكَ بل قلّ أن يفديك ذو دنفٍ هل في المذلّة للمشتاق من عارِ؟ بي منك شوقٌ لوَ اْنَّ الصخرَ يحملُهُ تفطّر الصَّخرُ عن مستوقدِ النارِ قد دبّ حبّك في الأعضاءِ منْ جسدي دبيبَ لفظيَ من روحي وإضماري ولا تنفّست إلا كنتَ مع نَفَسِي وكلُّ جارحةٍ من خاطري جاري

وقال: وقد كان قلبي خالياً قبل حبكم وكان بذكر الخلقِ يلهو ويمزحُ فلما دعا قلبي هواك أجابَهُ فلستُ أراهُ عنْ فنانكَ يبرحُ رُميتُ ببينٍ منكَ إنْ كنت كاذباً إذا كنتُ في الدنيا بغيركَ أفرَحُ وإنْ كان شيءٌ في البلاد بأسرِها إذا غبت عن عيني بعيني يُلمحُ فإنْ شئتَ واصلْنِي وإنْ شئتَ لا تصلْ فلستُ أرى قلبي لغيركَ يَصْلُحُ

 وقال أيضًا: أنتَ الحبيبُ الَّذي لا شكَّ في خلدٍ منهُ فإنْ فقَدَتْكَ النَّفسُ لم تَعِشِ يا مُعطشي بوصالٍ أنتَ واهبُهُ هل فيكَ لي راحةٌ إنْ صِحْتُ واعَطَشِي

weziwezi

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post لبنان وإسرائيل مستعدان للتفاوض: ما هو على المحك؟
Next post المواجهة حول مبيعات الأسلحة إلى الخليج: ‘حالة طارئة’ أم إنذارٌ كاذب؟