![](https://www.almadar.be/wp-content/uploads/2024/11/ترامب.jpg)
السياسات الأوروبية تجاه أوكرانيا قبل ولاية ترامب الثانية
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تسعى الدول الأوروبية، بقيادة المملكة المتحدة وألمانيا، إلى تعزيز أمن أوكرانيا وتعميق التعاون الدفاعي في مناطق استراتيجية مثل بحر البلطيق والبحر الأسود وبحر آزوف. تشمل هذه الجهود تقديم مساعدات عسكرية ضخمة لأوكرانيا وتدريب القوات الأوكرانية، بالإضافة إلى تعزيز القدرات الدفاعية لدول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. يسعى الاتحاد الأوروبي على دراسة كيفية التعامل مع الأصول الروسية المجمدة وتأثيراتها الاقتصادية، كما أن هناك تحركات لتعزيز الدفاع الأوروبي المشترك من خلال مبادرات مثل “PESCO”، مع التركيز على دمج أوكرانيا في مشروعات الدفاع الأوروبية قبل ولاية ترامب الثانية.
تعزيز الأمن في بحر البلطيق
تعد المملكة المتحدة واحدة من أكبر الداعمين العسكريين لأوكرانيا، فقد تعهدت بتقديم (12.8) مليار جنيه إسترليني كمساعدات عسكرية ومدنية منذ حرب أوكرانيا. كما دربت أكثر من (50) ألف جندي أوكراني على الأراضي البريطانية. ووقع رئيس الوزراء البريطاني “كير ستارمر” في يناير 2025 والرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي” معاهدة “شراكة لمدة 100 عام” تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري لتعزيز الأمن في بحر البلطيق والبحر الأسود وبحر آزوف، و أكد “ستارمر” إن بلاده ستلعب دورها كاملاً في ضمان أمن أوكرانيا.
كشفت ألمانيا عن تحمل المسؤولية “بقدراتها الخاصة” في ضوء التهديد المتزايد الذي يشكله ما يسمى بأسطول الظل الروسي، وضمان االسلامة في بحر البلطيق من خلال السفن الألمانية. تهدف قوة المهام القيادية (CTF)، التي يوجد مقرها في مدينة روستوك الساحلية على بحر البلطيق، إلى تعزيز جاهزية دفاع حلف شمال الأطلسي في المنطقة.
تجميد الأصول المملوكة للبنك المركزي و التخلي عن إمدادات الوقود الأحفوري الروسي
جمدت دول، بما في ذلك العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، حوالي (300) مليار دولار من الأصول المملوكة للبنك المركزي الروسي بعد حرب أوكرانيا في فبراير 2022. حيث يتم الاحتفاظ بحوالي (200) مليار دولار من الأصول في منشأة “يوروكلير” في بروكسل، مع تجميد حوالي (5) مليارات دولار في الولايات المتحدة. ذكرت تقارير في يناير 2025 أن الرئيس المنتهية ولايته “جو بايدن” بذل جهدا قبل عودة “ترامب”، لحلفائه الأوروبيين للاستيلاء الكامل على الأصول حتى يمكن استخدامها كوسيلة ضغط في أي مفاوضات سلام مستقبلية. ومع ذلك، يدفع بعض المشرعين الأوروبيين من أجل منح الأصول لأوكرانيا لشراء الأسلحة والمساعدة في إعادة بناء البلاد، ويخشى آخرون أن يؤدي الاستيلاء على الأصول إلى زعزعة استقرار أوروبا.
صرح وزير الشؤون الأوروبية البولندي “آدم سزالابكا” أن بولندا ملتزمة بقيادة أجندة دفاعية قوية والتخلي الكامل عن الوقود الأحفوري الروسي. كما أعلن الوزير البولندي عن خطة صارمة بشأن سياسة الطاقة، مشيراً إلى التحول من الاستقلال عن الإمدادات الروسية إلى الانفصال الكامل عن مثل هذه الإمدادات. وتابع “يجب أن يكون هدفنا هو التخلص تماما من إمدادات الوقود الأحفوري من روسيا وإمدادات المواد الخام حتى نكون أكثر أمانا.
الموافقة على شحنات أسلحة إضافية إلى أوكرانيا
التقى وزير الدفاع الألماني “بوريس بيستوريوس” بالرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي” في كييف في يناير 2025. وأعرب وزير الدفاع عن توقعه بأن يكون هناك حل في المفاوضات الجارية في ألمانيا بشأن تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا بقيمة (3) مليارات يورو. يريد المستشار الألماني “أولاف شولز” الموافقة على شحنات أسلحة إضافية إلى أوكرانيا بقيمة (3) مليارات يورو قبل الانتخابات الفيدرالية في فبراير 2025 إذا تم تمويلها عن طريق تعليق كبح الديون. ستزود ألمانيا أوكرانيا تقريبًا بـ (60) صاروخًا إضافيًا لنظام الدفاع الجوي “Iris-T” للدفاع ضد الهجمات الروسية، سيتم التسليم من مخزونات الجيش الألماني.
تعزيز قدرات صناعة الدفاع الأوروبية
أيد مجلس الاتحاد الأوروبي الاستنتاجات المتعلقة بالمراجعة الاستراتيجية للتعاون الهيكلي الدائم “PESCO” وهو حجر الزاوية في التعاون الدفاعي للاتحاد الأوروبي. وتهدف المراجعة، التي بدأت في نوفمبر 2023، إلى تعزيز فعالية “PESCO”، ومواءمتها مع الحقائق الجيوسياسية المتطورة بعد عام 2025. تؤكد الاستنتاجات على التزام الاتحاد الأوروبي تجاه أوكرانيا، وضرورة دمج أوكرانيا في مبادرات الدفاع التابعة للاتحاد الأوروبي، وتوصي بتسهيل مشاركة أوكرانيا في مشاريع “PESCO” ضمن الأطر القانونية القائمة.
تهدف هذه الخطوة إلى دعم الاحتياجات العسكرية لأوكرانيا ودمج قاعدتها الصناعية الدفاعية تدريجياً في “EDTIB”. كما أصبح لدى المفوضية الأوروبية مفوض للدفاع والفضاء لأول مرة في تاريخ الكتلة. ونظرا للطريقة التي تعمل بها المؤسسة عادة، فمن المتوقع أن يكون هناك محاولات لزيادة التوافق العسكري، فضلا عن الدفع نحو تعزيز وزيادة قدرة صناعة الدفاع في أوروبا في ظل ولاية ترامب الثانية.
حل مشكلة الهجرة غير الشرعية التي تسببت فيها بيلاروسيا وروسيا
يسعى الاتحاد الأوروبي على تعزيز قدرات صناعة الدفاع الأوروبية ودعم المبادرات الدفاعية الأوروبية وتعزيز أمن البنية التحتية الحيوية أو المبادرات مثل الدرع الشرقي. يهدف ذلك لحل مشكلة الحدود الشرقية لبولندا. ينص البرنامج الجديد للحكومة البولندية على بناء هياكل وقائية للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين وصد العدوان المحتمل من جيرانها الشرقيين، والتي أصبحت عرضة لتدفقات الهجرة غير الشرعية التي تسببت فيها بيلاروسيا وروسيا.
أشارت “ألكساندرا كوزيول” المحللة في المعهد البولندي للعلاقات الدولية إلى “أن الهياكل الحدودية التي يتم بناؤها هي جزء من الردع الوطني، حيث يرتبط بنائه بالحاجة إلى احتواء الأعمال العدائية، وهذه ليست بيلاروسيا فحسب، بل روسيا”. وأوضحت أن “البرنامج يهدف إلى تعزيز أمن الحدود الشرقية لبولندا، وهي أيضًا حدود حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي”.
اعتماد نظام جديد قائم على الذكاء الاصطناعي
يتنامى الاهتمام امتزايد بالتقنيات ذات الاستخدام المزدوج – الابتكارات القابلة للاستخدام في السياقات العسكرية والمدنية. ويتجلى هذا الاتجاه بشكل خاص في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، حيث يمكن للتطورات أن تعزز القدرات الدفاعية. أحصى تقرير (370) شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا الدفاعية مدعومة برأس مال مخاطر في دول حلف شمال الأطلسي، ويبلغ مجموع قيمتها الإجمالية (161) مليار دولار. وتشكل التكنولوجيا الدفاعية (1.8%) من تمويل رأس المال المخاطر الأوروبي، وهو ما تضاعف ثلاث مرات منذ عام 2022.
تلقت القوات المسلحة الأوكرانية نظامًا جديدًا قائمًا على الذكاء الاصطناعي يهدف إلى جعل المركبات المدرعة أكثر تنوعًا وفعالية في يناير 2025. وهناك خطط لاختبار حل جديد للدفاع الجوي بقيمة (1.5) مليون دولار أمريكي وتسليمه إلى أوكرانيا مجانًا. وقد يمثل هذا خطوة أخرى في استخدام التقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي في القطاع العسكري.
تتلقى أوكرانيا أول نوع جديد من مدافع “الهاوتزر” ذات العجلات من قبل الجيش الألماني. كما أن هناك عدد متزايد من الشركات الناشئة في مجال الصناعات الدفاعية التي تعمل على تطوير وبناء طائرات بدون طيار وأنظمة مضادة للطائرات بدون طيار. حيث باتت الطائرات بدون طيار تلعب دورا أساسيا في حرب أوكرانيا.
مراجعة العقوبات الأمريكية على روسيا
يقوم الاتحاد الأوروبي بمراجعة العقوبات الأمريكية التي فرضها الرئيس “جو بايدن” على روسيا، وسط مخاوف من إمكانية إلغائها من قبل “دونالد ترامب” مع عودته إلى البيت الأبيض. تهدف المراجعة إلى تحديد كيف يمكن للأوامر التنفيذية التي أصدرها “بايدن”، إذا تم إلغاؤها، أن تعيق العلاقات التجارية وتقوض مبادرات الاتحاد الأوروبي. كما تعد توجيهات “بايدن” بشأن التجارة والأمن السيبراني قيد التقييم من قبل الاتحاد الأوروبي بحثًا عن العواقب المحتملة لعكسها.
يقول “توم كيتنج” مدير مركز التمويل والأمن في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن “ترامب” قد يواجه أيضًا قيودًا تشريعية إذا حاول التراجع عن العقوبات التي فرضت في عهد “بايدن”. لقد أدى قانون مواجهة أعداء أميركا من خلال العقوبات، الذي وقعه ترامب في أغسطس 2017، إلى الحد من قدرة الرئيس على إلغاء العقوبات من جانب واحد على دول مثل روسيا.
إنشاء “مجلس أمن أوروبي” في ظل ولاية ترامب الثانية
أشار تقرير في 22 ديسمبر 2024 إلى أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض من المرجح أن تؤدي لتزايد التوتر مع الزعماء الأوروبيين بشأن الأمن عبر الأطلسي. ومع ذلك، حتى لو ظلت الولايات المتحدة منخرطة بنشاط في حلف شمال الأطلسي أثناء وبعد فترة ولاية “ترامب” الثانية كرئيس، فإن أوروبا تواجه حقيقة غير مريحة، فقد انتهى عصر الضمانات الأمنية الأميركية غير المشروطة.
أضاف التقرير أنه في الوقت نفسه، تواجه القارة تهديدا متجددا من روسيا مع استمرار حرب أوكرانيا. يمكن أن يشكل دافعا للدول الأوروبية لإنشاء مجلس الأمن الأوروبي لتنسيق سياساتها الدفاعية والخارجية بشكل أفضل. قد يعمل المجلس كمكان للالتقاء بين القادة الأوروبيين لتطوير استجابات سريعة لمثل هذه الأزمات، وتتجنب العرقلة من جانب الزعماء المؤيدين للكرملين مثل فيكتور أوربان في المجر أو روبرت فيكو في سلوفاكيا.
تقييم وقراءة مستقبلية
– يتضح أن أوروبا، بالتعاون مع حلفائها، تتجه نحو تعزيز منظوماتها الدفاعية في مواجهة التهديدات الروسية المتزايدة في ظل ولاية ترامب الثانية، تأتي هذه التحركات في سياق أوسع يهدف إلى دمج أوكرانيا تدريجياً في مبادرات الدفاع الأوروبية، مثل “PESCO”، مما يعكس تحولاً استراتيجياً في السياسة الدفاعية للاتحاد الأوروبي.
– من المرجح أن تستمر الدول الأوروبية في تعزيز مكانتها كداعم رئيسي لأوكرانيا، في إطار شراكة استراتيجيات طويلة الأمد، ما يعكس التزامًا أوروبيًا قويًا في منطقة البحر الأسود والبلطيق. أما ألمانيا، فستواصل دورها القيادي من خلال زيادة التواجد العسكري في بحر البلطيق مع الحرص على تأمين السلامة العسكرية وتعزيز جاهزية حلف الناتو في هذه المناطق.
– تشير المراجعات المتواصلة للعقوبات الأمريكية على روسيا إلى تحول محتمل في السياسات الأمريكية الداخلية، قد يؤدي إلى تعقيد الموقف مع عودة “ترامب” إلى السلطة. في ظل هذه الديناميكيات، قد تتجه أوروبا نحو تأسيس “مجلس أمن أوروبي” لمواجهة التحديات الأمنية المستمرة، مستفيدة من تجربة التعاون الدفاعي بين الدول الأعضاء.
– بات متوقعا أن تستمر العقوبات المفروضة على روسيا، وسط ضغوط أوروبية لدعم أوكرانيا عبر الأصول المجمدة. لكن هذا قد يثير انقسامًا داخليًا داخل الاتحاد الأوروبي، حيث يدفع البعض لاستخدام هذه الأصول لإعادة بناء أوكرانيا بينما يخشى آخرون من تأثيرها على الاستقرار الأوروبي.
– يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى أكثر من مجرد صناعة دفاعية قادرة على تحقيق الغرض منها. فهو يحتاج إلى القوة العسكرية لضمان استمرار أوكرانيا كدولة مستقلة إذا أمكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
Average Rating