النفط الباكستاني موازين الطاقة عالمياً

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تبدو آفاق باكستان المستقبلية على مشارف تغيير فارق حرفياً، إذ كشفت المسوحات الجيولوجية قبالة سواحلها عما يمكن أن يصبح من أكبر احتياطيات النفط والغاز في العالم، ما سيفتح الأبواب أمام ثروات غير مستغلة.

وتشير التقديرات الأولية إلى أن احتياطيات النفط والغاز المذكورة قد تحول باكستان إلى واحدة من أكبر منتجي الطاقة، وإذا سارت الأمور حسب الخطة؛ ستمتلئ المياه الباكستانية بمختلف منصات التنقيب البحرية في غضون عقد ما سيدر إيرادات بمليارات الدولارات.

ويأتي هذا الكشف في توقيت مهم لباكستان الموشكة على الإفلاس، إذ تستورد حالياً نحو 85% من نفطها الخام و30% من غازها الطبيعي، ما يكلفها عجزاً سنوياً في الموازنة يصل إلى مليارات الدولارات.

ونتيجةً لذلك، فرض عليها صندوق النقد الدولي قيوداً نقديةً صارمة رفعت أسعار الكهرباء بنسبة 155% منذ 2021، ولهذا أصبحت حصص ترشيد الوقود أمراً معتاداً في العديد من الصناعات الباكستانية، ما أسفر عن انخفاض كبير في معدلات الإنتاجية.

في هذا السياق، نشر موقع ” أسباب ” للدراسات الإستراتيجية تقريرًا حول هذه الاكتشافات وأهميتها الاستراتيجية وتأثيرها ليس فقط على الاقتصاد الباكستاني، بل أيضًا على السوق العالمي للطاقة. وهل ستنجح باكستان في تحويل هذه الفرصة التاريخية إلى رافعة للنمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار؟ الإجابة في التفاصيل التي حملها التقرير.

معاناة باكستان مع الطاقة 

في يناير/كانون الثاني عام 2023، استيقظ ملايين الباكستانيين ليجدوا منازلهم بلا كهرباء، وذلك بالتزامن مع تعرض البلاد لأكبر انقطاع للكهرباء في تاريخها، وجاء الخلل نتيجة تقلُّب جهدٍ غير منتظم أصاب الشبكة الوطنية، لكن انقطاع الكهرباء كان بمثابة إنذارٍ واضح للعديد من الباكستانيين.

إذ عانت إسلام آباد من سوء في صنع القرار، وتفشّي الفساد، والكوارث الطبيعية، وغياب التخطيط طويل الأجل لعقود ما أسفر عن عرقلة قدرتها على ضبط ميزانيتها مع إبقاء أنوار البلاد مضاءة، لكن الأوضاع لم تكن كذلك دائماً، فإبان استقلالها، كانت باكستان واحدةً من أغنى دول العالم على صعيد احتياطيات الطاقة المحلية.

واعتمدت إسلام آباد على احتياطيات الفحم والغاز الطبيعي، فخصصت أموالاً طائلة لبناء السدود الكهرمائية ومحطات الطاقة النووية خلال عقدها الأول بعد الاستقلال، لكن السنوات التالية شهدت نمو سكان باكستان بمقدار خمسة أضعاف، لتنمو معهم احتياجات البلاد.

وبدأت الأوضاع في التدهور بدايةً من التسعينيات، إذ عجزت الحكومة عن مواكبة التحول الحضري السريع، وبدأت البنية التحتية القائمة في التداعي، فتواصلت إسلام آباد مع وسطاء الطاقة لإنقاذ نفسها من انقطاع الكهرباء، لكنها أغرقت نفسها بذلك في وحل الديون.

وفي ظل سعيها اليائس لحفظ الاستقرار السياسي، وعدت باكستان  بدعم شركات الطاقة للحفاظ على ثبات الأسعار للمستهلكين، لكنها عجزت عن الوفاء بوعدها، فحين تخلّفت الحكومة عن سداد الدعم؛ عجزت شركات الطاقة المحلية عن صيانة بنيتها التحتية وبدأت استيراد الوقود.

  • صارت باكستان تستورد اليوم ما يصل إلى 30% من غازها الطبيعي و85% من نفطها الخام، ما يُكلِّف خزانة الدولة 17.5 مليار دولار سنوياً.
  • جاء هذا العبء المالي على حساب الخدمات العامة ليثير الاضطرابات الاجتماعية على مستوى البلاد.
  • جاءت الصراعات في أوكرانيا وغزة لتزيد الطين بلة برفع أسعار الطاقة.
  • وعند حساب معدل التضخم وزيادة الطلب، من المتوقع أن تقفز تكلفة استيراد باكستان للنفط والغاز من 17.5 ملياراً إلى 31 مليار دولار سنوياً وذلك خلال السنوات السبع المقبلة، لا شك أنه رقم ضخم، وسيكون أكبر من ميزانية الدفاع الحالية بثلاثة أضعاف، ونظراً لعجزها عن مواكبة الديون المتراكمة وارتفاع الأسعار؛ أصبحت باكستان في وضع حرجٍ اليوم، إذ تُغلق صناعاتها الأبواب واحدةً تلو الأخرى.

ويتجلّى المثال على ذلك في قطاع المنسوجات المسؤول عن 60% من صادرات البلاد، إذ يعجز هذا القطاع عن العمل لأيامٍ متتالية بسبب انعدام وقود الطاقة، كما يعاني المستهلك الباكستاني اليوم من انخفاض في توافر الطاقة التي أصبحت تكلفتها أعلى، إذ ارتفعت أسعار الطاقة جداً في السنوات الثلاث الماضية فقط، لدرجة أن العديد من مواطني باكستان البالغ عددهم 240 مليوناً أُجبِروا على ترك منازلهم والنزوح للشوارع، وهذه أسوأ فترة تمر بها البلاد، حتى بالمعايير الباكستانية.

انتعشت آمال إسلام آباد بتحقيق استفاقة اقتصادية بعد اكتشاف يمكن أن يمدها بشريان حياة، فقد حدّد المنقبون في مسح جيولوجي حديث 240 موقعاً مبدئياً ربما تحتوي على كميات ضخمة من النفط الخام والغاز الطبيعي كلها داخل المياه الإقليمية لباكستان

عربي بوست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post لمخططات الإسرائيلية والغربية هي العائق لاستقرار سوريا
Next post بلجيكا وطلبات اللجوء