![](https://www.almadar.be/wp-content/uploads/2021/09/كمامة.jpeg)
بلجيكا والوباء القادم
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_قبل خمس سنوات، اجتاح فيروس كوفيد-19 العالم، وأجبر الدول على اتخاذ تدابير استثنائية غير مسبوقة. لم تكن بلجيكا استثناءً، حيث واجهت نظامها الصحي أزمة كبرى، دفعت السلطات إلى إعادة التفكير في استراتيجيات الوقاية والتصدي للأوبئة. لكن بعد نصف عقد، هل باتت البلاد قادرة على التعامل مع جائحة جديدة بفاعلية؟ وما الإجراءات التي تم اتخاذها لضمان الجاهزية الكاملة لمواجهة أي تهديد صحي محتمل؟
١. المراقبة الوبائية.. العين الساهرة على الفيروسات
منذ بداية الجائحة، لعب معهد Sciensano دورًا محوريًا في مراقبة الفيروس وتتبعه، واليوم لا يزال الباحثون يستخدمون تحليل مياه الصرف الصحي كأداة فعالة لرصد انتشار الفيروسات المختلفة، بما في ذلك كوفيد-19، والإنفلونزا، والفيروس التنفسي المخلوي (RSV)، وحتى شلل الأطفال.
يشرح كونراد فان هورد، رئيس قسم الأمراض في Sciensano، أن هذه التقنية تتيح تتبع انتشار الفيروسات بين السكان قبل أسابيع من ظهور الأعراض لديهم، ما يمنح السلطات فرصة الاستجابة المبكرة. إلى جانب ذلك، يتم تحليل بيانات الأطباء العامين ودور الرعاية والمستشفيات لتشكيل صورة دقيقة حول أي تهديد وبائي محتمل.
٢. المخزونات الاستراتيجية.. هل تفادت بلجيكا أخطاء الماضي؟
أحد الدروس القاسية التي تعلمتها بلجيكا خلال أزمة كوفيد كان نقص المعدات الطبية الأساسية مثل الأقنعة والقفازات، بعد أن تم إتلاف المخزون الاستراتيجي دون تعويضه قبل تفشي الفيروس. لتفادي هذا السيناريو مستقبلاً، وضعت الحكومة نظامًا جديدًا يقوم على:
إلزام المستشفيات بتخزين إمدادات كافية لـ ثلاثة أشهر في حالات الطوارئ.
تعزيز المخزون الفيدرالي والإقليمي بما لا يقل عن 45 مليون قناع طبي، تُجدد بشكل دوري لضمان عدم انتهاء صلاحيتها.
حجز أولوية الإنتاج في بعض المصانع الأجنبية، لضمان حصول بلجيكا على المعدات الضرورية أولاً خلال الأزمات الصحية العالمية.
وفقًا لمارك فان دير أوويرا، مدير خلية الاستعداد والاستجابة في وزارة الصحة، فإن هذا النموذج يضمن استمرار توفر المعدات الطبية دون الحاجة إلى تخزينها في مستودعات ضخمة، مما يحول دون تكرار الأخطاء السابقة.
٣. القبول المجتمعي.. هل سيتحمل البلجيكيون قيودًا جديدة؟
خلال أزمة كوفيد-19، واجهت الحكومة تحديًا كبيرًا في إقناع السكان بضرورة القيود الصحية، حيث شهدت بلجيكا احتجاجات ضد الإغلاقات العامة، وجوازات اللقاح، وإجراءات العزل الصحي. فكيف سيتم التعامل مع هذا الجانب مستقبلاً؟
يرى وزير الصحة فرانك فاندنبروك أن التواصل الفعّال سيكون مفتاح النجاح، مشددًا على أن السلطات لن تلجأ إلى فرض إجراءات قسرية إلا عند الضرورة القصوى، وستركز بدلًا من ذلك على تعزيز الثقة والتضامن المجتمعي.
رغم ذلك، لا تزال الحكومة تحتفظ بخيارات قانونية طارئة، تتيح لها فرض إغلاق جزئي أو كلي في حال تفشي مرض خطير، ولكن بشكل أكثر تنظيمًا من المرات السابقة. كما تشير الدراسات إلى أن 62% من البلجيكيين لا يزالون يعتمدون على توجيهات السلطات في أوقات الأزمات، رغم الانتقادات التي طالت طريقة إدارة الجائحة السابقة.
هل بلجيكا مستعدة فعلًا؟
بينما تبدو بلجيكا اليوم أكثر استعدادًا لمواجهة الأوبئة من أي وقت مضى، تبقى العديد من التحديات قائمة، أبرزها تحقيق التوازن بين الأمن الصحي وحقوق الأفراد، وضمان استدامة التمويل لنظم المراقبة الصحية، وتعزيز ثقة المواطنين في الإجراءات الحكومية. ومع استمرار التهديدات المحتملة من الفيروسات المتحورة، يبقى السؤال: هل ستكون الجهود الحالية كافية لتجنب كوارث جديدة؟
وكالات
Average Rating