
تفريغ الساحات الفلسطينية من القيادات
عمر فارس ناشط فلسطيني مقيم في بولندا
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_معظم الشهداء القاده قضوا فترات طويله في سجون الإحتلال الصهيوني ..وسجون سلطه رام الله
من اللافت للنظر أن العديد من القادة الشهداء الذين أعلنت كتائب القسام عن استشهادهم كانوا قد تعرضوا للاعتقال لفترات طويلة، سواء في سجون الاحتلال الإسرائيلي أو في سجون السلطة الفلسطينية. هذا الأمر يطرح تساؤلات حول العلاقة بين الاعتقال والعمل المقاوم، وحول سياسات الاحتلال في استهداف القيادات الفاعلة في الميدان.
تسعى إسرائيل بشكل مستمر إلى تفريغ الساحة الفلسطينية من القيادات المؤثرة عبر الاعتقال، حيث تستهدف النشطاء الذين يشكلون تهديدًا حقيقيا لمخططاتها. وخلال فترات الاعتقال، يخضع الأسرى لمحاولات ممنهجة لكسر إرادتهم عبر التحقيق والتعذيب والعزل الانفرادي، إلا أن التجربة أثبتت أن الأسر غالبًا ما يزيد المقاومين صلابة وإصرارًا على مواصلة طريقهم. وبعد الإفراج عنهم، يعود الكثير من الأسرى المحررين إلى صفوف المقاومة، حاملين معهم خبرة تنظيمية وعسكرية جديدة، تجعلهم في صدارة المستهدفين من قبل الاحتلال. ولهذا السبب، نجد أن العديد من الشهداء القادة كانوا أسرى سابقين، حيث إن الاحتلال لا يتوقف عن ملاحقتهم حتى بعد خروجهم من السجن.
من جانب آخر، لا يمكن إغفال دور السلطة الفلسطينية في ملاحقة المقاومين عبر الاعتقال السياسي، حيث يتم احتجاز العديد من النشطاء لفترات طويلة بناءً على تهم تتعلق بانتمائهم لفصائل المقاومة، أو لمجرد الاشتباه في نيتهم تنفيذ عمليات ضد الاحتلال. وقد وثقت تقارير حقوقية عديدة تعرض بعض المعتقلين في سجون السلطة للتعذيب والمعاملة القاسية، في إطار ما يُعرف بـ”التنسيق الأمني” بين السلطة وإسرائيل. وبما أن هؤلاء المعتقلين غالبًا ما يكونون عناصر فاعلة في العمل المقاوم، فإن الإفراج عنهم لا يعني انتهاء ملاحقتهم، بل يكونون عرضة للاستهداف المباشر من قبل الاحتلال. لذلك، نجد أن العديد من الشهداء الذين كانوا معتقلين سابقًا في سجون السلطة، لم يسلموا لاحقًا من عمليات الاغتيال الإسرائيلية، مما يعكس الترابط بين الاعتقال والمطاردة والاستهداف.
هناك عدة أسباب تجعل الأسرى المحررين ضمن أولويات الاحتلال في عمليات الاغتيال، أبرزها اكتسابهم خبرة سياسية وعسكرية وتنظيمية خلال فترة اعتقالهم، مما يجعلهم أكثر تأثيرًا في العمل الميداني بعد الإفراج عنهم. كما أنهم يصبحون رموزًا في مجتمعاتهم، مما يعزز الروح المعنوية ويحفز الأجيال الجديدة على المقاومة. إضافة إلى ذلك، فإن الاحتلال يرى في تصفية القادة المؤثرين وسيلة لضرب بنية المقاومة وإضعافها.
إن استهداف القادة الشهداء الذين كانوا أسرى سابقين هو جزء من استراتيجية إسرائيلية مستمرة لضرب الحركة المقاومة، إلا أن التجربة أثبتت أن الاعتقال لا يؤدي إلى إنهاء العمل المقاوم، بل على العكس، يُنتج قيادات أكثر صلابة وإصرارًا. وفي ظل استمرار العدوان الإسرائيلي، يبقى السؤال مفتوحًا: هل يمكن أن يكون الاعتقال رادعًا حقيقيًا للمقاومة، أم أنه مجرد محطة تعزز من عزيمة المقاومين؟
عمر فارس.
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_
Average Rating