![](https://www.almadar.be/wp-content/uploads/2019/03/ألمانيا.png)
من سيفوز في الانتخابات الألمانية المقبلة؟
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تستعد ألمانيا لإجراء الانتخابات العامة للبوندستاغ في 23 فبراير 2025، رغم أن موعد إقامتها كان محدداً في 28 سبتمبر 2025، إلا أن انهيار الائتلاف الحكومي بقيادة المستشار الألماني أولاف شولتز، جراء الخلافات بشأن سياسة الميزانية وسبل إنعاش الاقتصاد وإقالة وزير المالية زعيم الليبراليين كريستيان ليندنر، دفع شولتز لدعوة البرلمان الألماني للتصويت على الثقة، وحجب البرلمان في 16 ديسمبر 2024 الثقة عن الحكومة. وتشهد هذه الانتخابات منافسة بين الأحزاب، ويتميز نظام الانتخابات بألمانيا بالتناسبية، ما يجعل مؤشرات استطلاعات الرأي مقياساً لاتجاهات التصويت، التي يترتب عليها تشكيل الحكومة المقبلة، في ضوء تباين شعبية الأحزاب وبرامجهم الانتخابية حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
إلى ماذا تشير نتائج استطلاعات الرأي بشأن الانتخابات الألمانية؟
تعد استطلاعات الرأي مؤشراً للسلوك التصويتي للناخبين، ويقول الباحث في استطلاعات الرأي بمعهد فورسا مانفريد غولنر، إن استطلاعات الرأي تحدد المزاج السياسي في وقت إجرائها، وقد تختلف عن التصويت الفعلي في الانتخابات، لأن بعض الناخبين لا يحسمون موقفهم إلا قبل التصويت مباشرة، وقد تؤثر بعض الأحداث الجارية على قرار الناخب، ولكنها تعكس بشكل كبير وموثوق الرأي العام.
بالتزامن مع حجب الثقة عن حكومة شولتز، أشارت استطلاعات رأي إلى أن معظم الألمان يرغبون في أن تجرى الانتخابات بأسرع وقت، ويرون أن بلادهم لا يمكن أن تنتظر لأشهر في ضوء الخلافات السياسية. وفي 14 نوفمبر 2024 كشف استطلاع رأي لمعهد “يوغوف” أن (33%) من الألمان سيصوتون للتحالف المسيحي المعارض بزيادة قدرها نقطة مئوية عن استطلاع مماثل في أكتوبر 2024، وحصل حزبا الاشتراكي الديمقراطي على (15%) والخضر على (11%) بخسارة تقدر بنقطة مئوية، وحصل حزب “البديل من أجل ألمانيا” على (19%) بزيادة قدرها نقطة مئوية، وحصل تحالف “سارة فاغنكيشت” اليساري على (7%) بتراجع نقطة مئوية، احتفظ حزبا الديمقراطي الحر واليسار على نسبة بنحو (5%) و(3%). وتصدرت الهجرة اهتمامات المشاركين بالاستطلاع بنسبة (23%) بدلاً من (32%) التي كانت في أكتوبر 2024، وجاء الاقتصاد ثاني الاهتمامات بنسبة (14%) بينما كان (8%) في أكتوبر 2024.
كشف استطلاع رأي لمؤسسة “إنسا” أجري في 18و19 ديسمبر 2024، أن الرئيسة المشاركة لحزب “البديل من أجل ألمانيا” أليس فايدل، تصدرت قائمة المرشحين المحتملين لمنصب المستشار بنسبة (24%)، وحصل المرشح من التحالف المحافظ المعارض للاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي فريدريش ميرز على (20%)، وجاء المستشار الألماني الحالي أولاف شولتز بالمركز الثالث بنسبة (15%)، وحصل نائب المستشار ووزير الاقتصاد الألماني ومرشح حزب الخضر روبرت هايبك على (14%).
نشر حزب البديل من أجل ألمانيا استطلاع رأي على تطبيق “تيك توك”، يشير إلى أنه (28%) من المشاركين بالاستطلاع سيصوتون لصالحه، بينما سيصوت (25%) للاشتراكي الديمقراطي، و(16%) للاتحاد الديمقراطي المسيحي و(14%) لتحالف “سارة فاغنكيشت” اليساري، ويعتبر مراقبون أن هذا الاستطلاع لا يعكس توجهات الناخبين في الانتخابات التشريعية المقبلة، خاصة وأن مؤسسة “إنسا” أشارت إلي احتمالية تصويت (31.5%) للديمقراطي المسيحي، و(19.5%) لحزب البديل من أجل ألمانيا، و(16.5) للاشتراكي الديمقراطي.
أظهر استطلاع رأي لمعهد “يوغوف” في 4 يناير 2025، أن غالبية الألمان يتبنون موقفاً سلبياً تجاه أي ائتلاف محتمل بمشاركة الأحزاب التقليدية، ويرفض (50%) تحالف الاشتراكي الديمقراطي وكتلة الاتحاد المسيحي، بينما يقبل (41%) بهذا الائتلاف، وفي حال انضمام الحزب الديمقراطي الحر لهذا التشكيل تتراجع الموافقة على التحالف بنسبة (16%) ويعارضه (74%). بينما يوافق (26%) على تحالف الاتحاد المسيحي مع حزب الخضر ويرفضه (64%).
كشف استطلاع نشرته مؤسسة “دويتشه فيله” في 18 يناير 2025، أن (4) من كل (10) ناخبين قلقون بشأن مستقبل بلادهم السياسي، ويرفض (50%) رؤية الحزب الاشتراكي الديمقراطي في أي ائتلاف حكومي مقبل، وتراجعت شعبية الحزب لأدنى مستوى بنسبة (16%) وحصل حزب الخضر الشريك بالائتلاف الحكومي الحالي على (14%)، بينما تصدرت الكتلة المحافظة للاتحاد المسيحي استطلاع الرأي، وتزايدت شعبية حزب “البديل من أجل ألمانيا” الشعبوي، وصعد تحالف “سارة فاغنكيشت” اليساري.
أوضح استطلاع رأي لمؤسسة “إنسا” في 20 يناير 2025، أن الكتلة المحافظة للاتحاد المسيحي حصلت على تأييد (29%) من المشاركين بالاستطلاع، وبلغت نسبة حزب “البديل من أجل المانيا” (21%)، وحصل الاشتراكي الديمقراطي على (16%) وبلغت نسبة حزب الخضر (13%)، وحصل تحالف “سارة فاغنكيشت” على (7%) وكانت نسبة (5%) للحزب الديمقراطي الحر و(4%) لحزب اليسار
ما العوامل المؤثرة في تحديد اتجاهات التصويت؟
ترتبط اتجاهات التصويت في الانتخابات الألمانية المقبلة، بمواقف الأحزاب من قضايا الهجرة والاقتصاد ودعم أوكرانيا، وقدرة كل حزب على استقطاب ناخبين جدد والحفاظ على أصوات الناخبين التقليدين للحزب. يمتلك الحزب الاشتراكي الديمقراطي خبرة في مجال العمل السياسي، ويركز في برنامجه الانتخابي على جذب فئة العمال والشباب والنقابات، لتبني أفكار تطبيق العدالة الاجتماعية، ولكنه فقد شعبيته جراء الأزمة الاقتصادية وانهيار الائتلاف الحكومي.
تصدر الكتلة المكونة من حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي استطلاعات الرأي، تشير إلى شعبيتها لسنوات في حكم ألمانيا، وتجذب فئات أصحاب الأعمال والشرائح المحافظة، وتواجه أزمة داخلية تتعلق بالتوافق حول شكل التحالفات المحتملة وتحديداً مع حزب الخضر، وقدرتها على مواجهة التحدي الاقتصادي بتقوية صناعات وإصلاح سوق العمل.
يعتمد حزب الخضر على أصوات الناخبين من الشباب والطبقات المتعلمة، لتبني خطاباً بشأن قضايا البيئة وتغيرات المناخ، ونجح في المشاركة في حكومات ائتلافية على مستوى الولايات، ويواجه انتقادات حادة من العاملين بالصناعات الثقيلة، لاعتباره سبباً وراء ارتفاع أسعار الطاقة.
يعتمد برنامج الحزب الديمقراطي الحر على دعم قطاعات الاقتصاد وتقليل الضرائب على الشركات وتحرير السوق، ولكن خروجه من الائتلاف الحكومي الحالي يصعب مسألة إعادة الثقة مع الناخبين.
يحصل حزب البديل من أجل ألمانيا على تأييد واسع من شرائح رافضة للأحزاب التقليدية، واستند في برنامجه على انتقاد سياسات الحكومات السابقة في الهجرة، ويتخوف بعض الناخبين من خطابه المعادي للمهاجرين والاتحاد الأوروبي، لذا ترفض الأحزاب الأخرى التحالف معه. يستقطب تحالف “سارة فاغنكيشت” ناخبين اليسار وناخبين اليمين المحافظ، وتتحفظ أحزاب الوسط على غموض برنامجه وافتقاده الخبرة السياسية.
ماذا تقول نتائج الانتخابات السابقة في ألمانيا؟
أشارت الانتخابات الإقليمية التي أجريت في سبتمبر 2024، إلى صعود حزب البديل من أجل ألمانيا في ولايتي تورينغن وساكسونيا بشرق البلاد، وتراجع أحزاب الائتلاف الحكومي وتصدر الاشتراكي الديمقراطي انتخابات ولاية براندنبورغ بفارق ضئيل عن حزب البديل، وعاد اليسار للظهور في هذه النتائج لتبني مواقف متقاربة من حزب البديل بشأن الهجرة وحرب أوكرانيا.
شهدت الانتخابات العامة لعام 2021، مشاركة أوسع لم تشهدها ألمانيا منذ انتخابات 1972، وزادت نسبة الناخبين الأكبر سناً بشكل ملحوظ مقارنة بالخمسين عاماً الماضية. وفاز الاشتراكي الديمقراطي بنسبة (25.7%)، وحصل تحالف الاتحاد المسيحي على (24.1%)، وفاز حزب الخضر بنسبة (14.8%) وحصل الحزب الديمقراطي الحر على (11.5%)، وفاز البديل من أجل ألمانيا بنسبة (10.3%). انتهت الانتخابات بتشكيل ائتلاف إشارة المرور “الاشتراكي الديمقراطي والديمقراطي الحر والخضر”، ويعد الائتلاف المكون من (3) أحزاب غير معتاد بألمانيا، ولكن فرضت نتيجة التصويت تشكيله، لينهي فترة حكم الاتحاد الديمقراطي المسيحي بقيادة أنغيلا ميركل التي حكمت (16) عاماً.
كيف تؤثر التحالفات المحتملة على تشكيل الحكومة المقبلة؟
من غير المتوقع أن يحصل أي حزب على الأغلبية في البوندستاغ، فحصة الحزب من المقاعد بالبرلمان تكون أكبر قليلاً عن نسبته من الأصوات الإجمالية، فالأحزاب التي لم تحصل على (5%) من الأصوات لا تحصل على مقاعد، وتترقب الأحزاب شكل التحالف وفقاً للمشهد السياسي.
– الائتلاف المحافظ- الليبرالي: في حالة تطابق استطلاعات الرأي مع نتائج التصويت، ستتصدر الكتلة المحافظة المكونة من الاتحاد الديمقراطي المسيحي و الاتحاد الاجتماعي المسيحي النتيجة، ومن المرجح أن تتجه للتحالف مع الحزب الديمقراطي الحر، وفي حال عدم تجاوز الأخير نسبة (5%)، يصبح الاتحاد المسيحي أمام أزمة لتشكيل الحكومة.
– الائتلاف الكبير المحافظ اليساري الوسط: في حال فشل تشكيل ائتلاف محافظ ليبرالي، يطُرح التحالف بين الاشتراكي الديمقراطي والاتحاد المسيحي، ورغم أنه تحالف تقليدي حكم ألمانيا لعدة دورات، فإن سياسيين بالاتحاد المسيحي يرفضونه لتراجع شعبية الاشتراكي الديمقراطي.
– الائتلاف المحافظ– البيئي اليساري: يصبح هذا التحالف خياراً آخر بالتعاون بين الاتحاد المسيحي والخضر، ويعول البعض على نجاح هذه التجربة بولاية شليسفيج-هولشتاين أقصى شمال ألمانيا، بينما يتحفظ آخرون لرفضهم تركيز برنامج الخضر على القضايا الاجتماعية والبيئية.
– ائتلاف جامايكا: في حال تعثر التحالف الكبير والتحالف المحافظ الليبرالي، يمكن أن تندمج أحزاب الاتحاد المسيحي والديمقراطي الحر والخضر، في حال لم يحصل الخضر على عدد مقاعد كافية لتشكيل التحالف.
– ائتلاف إشارة المرور: يعد هذا الائتلاف مستبعداً، لتراجع شعبية الاشتراكي الديمقراطي والديمقراطي الحر، إضافة إلى الخلافات بينهم حول مسائل جوهرية، وصعوبة أن يحقق الخضر نتيجة كبيرة بالانتخابات.
تقييم وقراءة مستقبلية
– تعد الانتخابات التشريعية 2025 نقطة فارقة في المستقبل السياسي بألمانيا، ومن ثم مستقبل الاتحاد الأوروبي، نظراً لثقل ألمانيا الاقتصادي والسياسي داخل التكتل الأوروبي، وبالتالي أي تغيرات ستطرأ على نتيجة التصويت وشكل الحكومة المقبلة، ستنعكس بشكل مباشر على سياسات الاتحاد بشأن دعم أوكرانيا والتعاون مع الناتو، والعلاقات الاقتصادية والسياسية بين الدول الأعضاء، لذا يسارع الحزب الاشتراكي الديمقراطي من أجل إعادة بناء الثقة بين الناخبين بالترويج إلى أنه ضامن للاستقرار والعدالة الاجتماعية، بعد انتقادات وجُهت لحكومة شولتز بشأن إدارة ملفات الهجرة والاقتصاد ودعم أوكرانيا، ويحاول تكتل الاتحاد المسيحي العودة للحكم من جديد، بينما يعتمد حزب البديل من أجل ألمانيا على تصاعد شعبيته الأشهر الماضية، ليحقق نتائج غير مسبوقة في الانتخابات العامة.
– استطلاعات الرأي هي ترجمة لتقييم الناخبين لسياسات الأحزاب، فأغلب المؤشرات اتجهت نحو الاتحاد المكون من الديمقراطي المسيحي والاجتماعي المسيحي لسببين، السبب الأول يتعلق بتراجع شعبية الاشتراكي الديمقراطي واعتراض الناخبين على حكومة شولتز، والسبب الثاني لتخوف الناخبين من أن تذهب الأصوات إلى “البديل من أجل ألمانيا” وأن يكون جزءاً من الحكومة المقبلة، ما يعني رفضهم لسيطرة اليمين الشعبوي على زمام الأمور وسياسات ألمانيا، لذا من المتوقع أن تحقق كتلة الاتحاد المسيحي نتائج تشبه نتائجه قبل 2021.
– يحدد السلوك الانتخابي في الانتخابات المرتقبة وفقاً لاعتبارات، تقييم الناخبين لأداء الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي وأسباب انهيار هذا الائتلاف، ما يعني احتمالية خسارة أحزاب الاشتراكي الديمقراطي والديمقراطي الحر والخضر أصواتاً، وبرامج الأحزاب في الاقتصاد والهجرة، ما يرجح حصول “البديل من أجل ألمانيا” على أصوات جديدة.
– من المتوقع أن تشهد الانتخابات الألمانية تصويتاً عقابياً للأحزاب التقليدية، ما يصب لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا، خاصة وأنه يقدم نفسه كمعارض بديل، ويتضمن برنامجه سياسات التصدي للهجرة ويربط بين الإخفاق الاقتصادي واستقبال عدد كبير من المهاجرين والإنفاق في ملفات البيئة، ما يجعله المستفيد الأول من تغير توجهات سلوك التصويت، وقد يستفيد تحالف “سارة فاغنكيشت” من التصويت العقابي، ويميل له بعض اليساريين واليمينيين لتحفظه على سياسات الهجرة وانتقاده للأزمة الاقتصادية.
– تكشف هذه الانتخابات حجم الخلافات داخل الأحزاب، والانقسامات داخل التكتل الواحد، فعلى سبيل المثال تتباين الآراء في تكتل الاتحاد المسيحي، حول تشكيل الحكومة في حال تصدرهم الانتخابات، والأحزاب التي يتم التحالف معها مثل الخضر والديمقراطي الحر والاشتراكي الديمقراطي. كما يعد تحالف “سارة فاغنكيشت” الذي تأسس في يناير 2024، دليلاً على الانقسام في حزب اليسار، لذا ستشهد المرحلة المقبلة صعود أحزاب وتراجع أخرى بناءً على نتيجة التصويت.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات
Average Rating