-هي المنافي-

صفوح صادق شاعر فلسطيني

     -هي المنافي-

هكذا هي المنافي في الجوى
تغادرنا ولا تعرف الإياب
تُنبِّهنا الريحُ في خريف العمر ونستكين
نتكدّسُ في دروب الأماني
والوطنُ حروفٌ تجمّعت

على شفاه غرابٍ يتيم

أحلامنا أسرابُ طيورٍ
تُحلِّقُ في أفقٍ عقيم
ندفنُ الآهَ في صدورنا
ونغزلُ من الألمِ حكايا الأنين
يا وطناً غابَ في ملامحهِ النور
هل يعود؟ أم يبقى شبحاً
في الخيالِ مقيم؟
نلملمُ جراحَنا ونسيرُ

وفي قلوبنا نبضُ الآهِ القديم

هكذا هي المنافي في الجوى
تغادرنا ولا تعرفُ الإياب
يا درباً طويلاً لا نهايات له
يُضيءُ الخُطى ويقتلُ الحُلمَ العظيم
تُراقُ دموعُنا على أرصفةِ الصبّرِ

وتبتلعُ الأرضُ صدى الحنين

نحملُ الحنينَ كأثقالِ السنين
ونرسمُ الغدَ على صفحاتِ الرياحِ
ولكنَّ المنفى يعبثُ بذاكرتِنا

يُعيدُنا كلَّ مرّةٍ إلى عَتمةِ الجراح

أيها الغيابُ الذي يسرقُ وجوهَ الأحبّةِ
إلى متى هذا التيه؟
وهل للنجومِ التي غابت
أن تعودَ وتُضيءُ لنا الطريق؟
يا وطنَ القلبِ يا سِرَّ الوجودِ
عُد إلينا فقد طالَ البعادُ
علَّنا نستفيقُ من هذا الحلم

الذي صارَ كابوساً يسكنُ الفؤادُ

أيا قلباً يئنُّ بلا شجون
أما آنَ لجرحِك أن يلين؟
كأنّ الدربَ موحشٌ في صقيعهِ

وكأنّ العمرَ ضاعَ بلا يقين

ولكنّ في الأُفقِ نورٌ قريبٌ
يُشعُّ كصبحٍ يمحو الحنين
يُخبرنا بأنّ للغيمِ إنجلاءٌ

وأنّ الليلَ يسبقُ النهارَ المبين

يا وطناً في القلب مهما تناءى
سنلقاك يوماً عل مَرِّ السنين
سنزرعُ فيك أُغنياتَ العودةِ
وسنجعلُ منك حُلمَ العاشقين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post  “قوانين الثورات” العدالة التي لا تُهزم
Next post جديد مقالات الخبير والمستشار الاقتصادي الليبي السيد وحيد الجبوعين على الوطن الاقتصاد والبطالة الظاهرة والمقنعة