دراسات المدار

قراءة للاحتلال الأمريكي والإيراني للعراق

0 0
Read Time:5 Minute, 4 Second

ادهم إبراهيم

شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_ عند الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 لم تلق الجيوش الأمريكية مقاومة عنيفة لها إلا في مناطق محددة من الأراضي العراقية . وقد ظن الأمريكان بصحة نظرياتهم السابقة من أن العراقيين سيستقبلونها بالورود خصوصا بعد أن تم قهرهم بالحصار الجائر الذي دام لفترة تزيد على عشر سنوات عجاف ، إلا أن شهر العسل الأمريكي هذا لم يدم طويلا ، حيث زادت نقمة العراقيين عليهم خصوصا بعد مارأوه من تدمير ممنهج للبنى الأساسية للدولة العراقية وسياسة التفرقة العنصرية والطائفية التي اتبعت ابتداء ومنذ تشكيل مجلس الحكم على أساس المحاصصة المذهبية للعرب ، والقومية للكورد . فاشتدت المقاومة العراقية بمساعدة السوريين أولا ثم بمساعدة إطراف خارجية وداخلية أخرى .  وأدت هذه المقاومة وخصوصا في الفلوجة إلى خسائر مادية ومعنوية للجيش الامريكي وقد تم صرف المليارات لتثبيت الاحتلال في العراق كما تم التضحية بالعديد من الجنود الامريكان بين قتيل ومعوق ، ومريض نفسيا . فقررت أمريكا سحب الكثير من قواتها من مدن وشوارع العراق . مع إبقاء قوة ضاربة نخبوية قليلة . وبذلك ظهرت أمريكا بمظهر المنسحب إلا أنها لم تكن ترغب بهذا الانسحاب ، فكان انسحابا تكتيكيا والى حين

. وأحلت محلها أحزابا وأفرادا عراقيون يتصارعون حول مقدسات وثروات . وقد سبق لها وان روجت لبرامج وأسس مذهبية دعائية لتحقيق هذا الغرض . كما فسحت المجال لإيران للتمدد في العراق للتحكم بشيعة العراق وفرض سيطرتها عليهم . مع استبعاد الشيعة من ذوي النزعة العربية . وبذلك تحقق هدفين

الأول . التخلص من كل فكر عربي عن طريق إحلال المذهبية محل القومية العربية وإخراج العراق من ميزان القوى العربية

والثاني .إثارة حفيظة دول الخليج والأردن تجاه السياسة الجديدة في المنطقة وإظهار إيران كعدو أساس للدول العربية بدل إسرائيل

لقد ساعد على  تنفيذ ذلك الاتفاق النووي الإيراني مع دول الخمسة زائد واحد أي الدول الخمسة الأعضاء في مجلس الأمن الدولي زائد ألمانيا . حيث ضمنت أمريكا التخلص من البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها . وربما كانت هناك بنود سرية أخرى على مايبدو . حيث توغلت إيران في بعض الدول العربية مثل سوريا ولبنان عن طريق بوابة العراق لتحقيق الحلم الإمبراطوري الإيراني ذو الأبعاد التاريخية والإستراتيجية

وقد جاء تنظيم الدولة الإسلامية المزعومة .  داعش . ليرسخ هذا النفوذ أكثر وليظهر إيران بمظهر المكافحة للإرهاب . حيث كانت تعتبر أساساً من الدول الإرهابية أو مايسمى سابقا بمحور الشر . فتدخلت إيران بشكل سافر بالشؤون الداخلية للعراق عن طريق تقديم الدعم العسكري ، وبموافقة الحكومة العراقية بعد أن كانت تدعم بشكل غير مباشر الأحزاب والميليشيات الموالية لها

وقد حققت سيطرتها على اغلب السلطات التنفيذية والتشريعية . بحيث أصبح الوزراء لايعينون الا بموافقة السلطات الإيرانية كما أن اغلب النواب في مجلس النواب العراقي يأتمرون بأوامر إيرانية في شتى المجالات بما فيها تشريع القوانين أو استجواب الوزراء . كما سيطرت إيران على العشرات من الفضائيات العراقية للتأثير على الرأي العام العراقي . وتوجيه الإعلام باتجاه مناصرة إيران والدفاع عنها ومحاربة كل من يحاول الاستقلال عن التأثير أو القرار الإيراني بالعراق . وان هناك ميليشيات تتولى تنفيذ السياسة الإيرانية في الشارع العراقي وإرهاب كل صوت أو رأي معارض للسياسة الإيرانية في العراق . وكذلك محاربة أي فكر عربي أو الدعوة له بحجة قطع الطريق على عودة حزب البعث . وتصوير كل مفكر عربي على انه من مؤيدي البعث أو من أنصار صدام , لقد كان مؤيدي إيران من اشد الداعين إلى الأقاليم في العراق وتماهوا في ذلك مع الأمريكان حتى جوز الدستور العراقي إقامة هذه الأقاليم . إلا انه بعد السيطرة الإيرانية بهذا الشكل على العراق والذي لم يكن متوقعا حتى من اشد المتفائلين من أصحاب القرار الإيراني ،  صارت إيران والموالين لها في العراق من اشد المعارضين للأقاليم فيه . كيف تؤيد إيران إقامة الأقاليم والعراق كله قد أصبح بيمين الحرس الثوري الإيراني المرتبط مباشرة بالولي الفقيه القائد الأعلى للسياسة الإيرانية كل هذا يتعلق بالاحتلال الإيراني للعراق ولغاية يومنا هذا , ولكن لاننسى الاحتلال الأمريكي وأهدافه بعيدة المدى للعراق

صحيح أن تغير رؤساء الولايات المتحدة لايغير كثيرا في السياسة الأمريكية إلا أن هذه السياسة لها مراحل وتكتيكات . وقد قلنا سابقا أن قرار أمريكا بالانسحاب من العراق كان قرارا تكتيكيا لتقليل الخسائر . أن أمريكا بعد احتلال العراق لايمكن أن تفرط به لأي سبب كان ولأي دولة كانت وان السماح لإيران للتغلغل في العراق والسيطرة على سياسته كان أيضا قرارا تكتيكيا , الآن تريد أمريكا العودة إلى العراق . ومن قال أنها تركته أساسا ؟ بعد انتهاء مرحلة الانسحاب الأمريكي التكتيكي الشكلي من العراق والذي تزامن مع مرحلة الرئيس اوباما . وجدت أمريكا الآن أن الفرصة قد أصبحت سانحة لها للعودة بهدوء إلى العراق . خصوصا وان من كان معاديا لها أو مقاوما للوجود الأمريكي والذين أذاقوها الأمرين ،  يطمح الآن بعودة أمريكا إلى العراق للتخلص من النفوذ الإيراني وأتباعها, لقد قتل من قتل وهجر من هجر ومدن عريقة كاملة قد أطيح بها,والباقين في مدن الوسط والجنوب ذاقوا الجوع والهوان والحرمان من ابسط الخدمات وانعدمت الوظائف كما انعدم التعليم عن أبنائهم . ووجدوا أن حماية المذهب والادعاء بالدين واللحى والسبح والخواتم التي تجلب الحظ والمنصب والرزق . كان هراء في هراء والغرض منه هو نهب الدولة والمواطن واستغفاله والضحك على الذقون,  الآن وبعد كل الذي جرى . وجدت أمريكا أن سياسة تصفية الخصوم بعضهم لبعض كما كان مخططا لها قد تمت بنجاح . وان وقت العودة قد حان . فبدأت بإنشاء القواعد والتوسع بها لتشمل كل مناطق العراق . كما بدأت بالسيطرة على منفذ طريبيل وبعدها ستؤمن الحدود العراقية السورية لتقطع الطريق عن الإمدادات الإيرانية لحلفائها في سوريا ولبنان . والعمل بجهود حثيثة للقضاء على داعش وأخواتها في العراق وسوريا . وتهدئة اللعب في العراق بعد كل هذه الفوضى . ويبدو أن الفوضى في العراق ستكون خلاقة على الطريقة الأمريكية كما كانت هي سبب الفوضى أيضاً  أن الوجود الأمريكي الجديد في العراق سيكون بمعزل عن الوجود الإيراني تماما حيث لاتسمح أمريكا لوجود أي منافس لها في العراق بعد الآن . وان رسائل بهذا المعنى قد وجهت إلى رئيس الوزراء العراقي . ويبدو أن السيد العبادي قد اخذ الأمور بجدية أيضا ولذلك رأينا تحركات متبادلة لوزراء وعسكريين مع الأردن والسعودية . وان بقاء إيران في العراق هو مسألة وقت لان الأمريكان لايرغبون بمواجهة مباشرة مع إيران وهم يعلمون أن لها اذرع عسكرية عديدة في العراق كما أن لديها وكلاء عديدين في دول العالم مستعدين لتنفيذ أوامر الحرس الثوري . والبديل هو مزيد من الضغوط الاقتصادية والمضايقات في البر والبحر مع افتعال الأزمات حتى تحقيق انسحابها إلى داخل الحدود الدولية العراقية الإيرانية,إننا نعتقد أن أمريكا سوف لن تغادر قواعدها أو تنسحب من العراق تحت أي ظرف كان وان احتلالها للعراق سوف يتخذ شكل حلف طويل الأمد لان العراق له أهمية قصوى لها من الناحية الجيوستراتيجية . إضافة إلى الأهمية التاريخية . وسيعتبر جزءا مكملا لأمن الولايات المتحدة الأمريكية لأمد طويل

_…شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code