جاسم محمد
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تتفاعل معضلة عودة المقاتلين من جديد، وتحتل أولوية أجندات التحالف الدولي، والمؤتمرات والاجتماعات الدولية، رغم القضاء على معاقل تنظيم داعش في العراق وسوريا خلال شهر نوفمبر من عام 2019، الانقسامات والتصدع ظهر داخل التحالف الدولي، وهذا مايثير الكثير من المخاوف حول مصير المقاتلين الأجانب في سوريا. الخطر لايكمن في المقاتلين الأجانب، هناك غض نظر إلى مخاطر تنظيم داعش في دول المنطقة والى مصير مئات الآلاف من عناصر تنظيم داعش وعائلاتهم.اجتمع وزراء خارجية الدول الأعضاء في التحالف العالمي ضد تنظيم داعش يوم 14 نوفمبر 2019 لمناقشة الخطوة المقبلة في مواجهة تنظيم داعش بعد مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي. وناقش الاجتماع، الغزو التركي لشمال شرقي سوريا، وتدخل روسيا والنظام السوري ، وموقف قوات سوريا الديمقراطية من الحرب ضد داعش، بالإضافة إلى الخطوات المستقبلية من حيث التواجد الأمريكي في شمالي سوريا. المقاتلون الأجانب في أوروبا
هل التحالف الدولي ضد داعش مازال فاعلا ؟
التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، بدون شك أنجز مهمته “العسكرية” بالقضاء على معاقل تنظيم داعش في العراق، مدينة الموصل وفي الرقة السورية خلال شهر نوفمبر 2017، لكن هناك إجماع لدى المراقبون والمعنيون في مكافحة الإرهاب والتطرف، إن القضاء على معاقل التنظيم، و “خلافة داعش المكانية” لا تعني نهاية للتنظيم.الأيدلوجية المتطرفة مازالت فاعلة، ونزعها من عقول أو من ترسخت في أذهانهم، تحتاج سياسات وإستراتيجيات دولية وإقليمية و وطنية أوسع من القضاء جغرافيا على هذا التنظيم او غيره من الجماعات المتطرفة. اردوغان وداعش شهد التحالف الدولي بعد القضاء على معاقل داعش عام 2017، تراجعا كبيرا، وزاد هذا التراجع إلى حد يمكن وصفه، ب”العودة إلى نقطة الصفر” عسكريا وميدانيا، عندما أعلنت الولايات المتحدة، سحب قواتها من سوريا.لكن شهد التحالف الدولي تماسكا قليلا خلال شهر اذار وابريل من هذا العام 2019، باستعادة قرية الباغوز من تنظيم داعش، ليعود وينتكس من جديد عندما أعلن ترامب سحب قواته بشكل نهائي من سوريا والتخلي عن قوات سوريا الديمقراطية” قسد” خلال شهر أكتوبر من العام الحالي 2019.
الولايات المتحدة تخسر ثقة حلفائها
إن تخلي الولايات المتحدة عن قوات سوريا الديمقراطية، يعكس مدى تقلب سياسات ترامب، وعدم والتزامه مع حلفائه، في المنطقة أو دوليا، وهو يبعث رسالة غير إيجابية بأنه لايجد ثوابت في سياسات ترامب حتى تلك المعنية في محاربة التطرف والإرهاب.الانسحاب الأميركي ، فتح الباب امام القوات التركية، لتنفيذ عملياتها العسكرية الواسعة” نبع السلام” والتي يمكن وصفها، بأنها محاولة من أردوغان لاستعادة تنظيم داعش من جديد. العملية العسكرية، وحملة الحكومة التركية بتنفيذ عمليات إلقاء قبض على قيادات داعش في سوريا وتركيا، ممكن وصفها، بأنها محاولة من اردوغان، “لإخفاء” تورطه مع هذا التنظيم، وممكن أن تصب في صالحه لأغراض الدعاية السياسية ومن جانب آخر هي ورقة رابحة بدون شك للضغط على دول أوروبا لمواجهة الانتقادات ضده في تورطه مع تنظيم داعش ومواجهة الانتقادات الأوروبية ضد عمليات تنقيب تركيا قبالة السواحل القبرصية.
هل يتجه التحالف الدولي نحو غرب إفريقيا
أن مخاوف تمدد وانتقال التنظيمات المتطرفة من سوريا والعراق إلى غرب أفريقيا بعد القضاء على معاقل داعش في سوريا والعراق 2017، زادت حيث تسعى كل من فرنسا وألمانيا على تشديد الرقابة على منطقة الصحراء انطلاقا من النيجر، وربما هناك اهتمام أميركي في غرب إفريقيا. فقد أعلن تنظيم داعش مطلع شهر أكتوبر 2019مسؤوليته عن هجوم في مالي أسفر عن مقتل 53 جنديًا، بالإضافة إلى احد المدنيين على الأقل.حواضن التطرف في إفريقيا تحول التحالف الدولي نحو غرب إفريقيا، من شأنه أن ينعكس سلبا على شمال سوريا وعلى منطقة الشرق الأوسط فالأوروبيون لايستطيعون سد الفراغ العسكري الأميركي وهذا يعني أن روسيا سوف يكون لها حضورا أوسع إلى جانب بتركيا وإيران، أمام ضعف للوجود العسكري الأميركي.
ماذا عن تشكيل محاكم دولية في العراق ؟
ناقشت دول أوروبا خلال العام الجاري 2019، مقترح، إنشاء محاكم دولية على غرار محاكم نورينبرغ الألمانية مابعد الحرب العالمية الثانية، أبرزها السويد، لكن هذا المقترح واجه رفضا من قبل الولايات المتحدة، حتى الأموال التي ممكن أن تقدم للعراق، فيمكن وصفها بالرشى.خريطة حواضن التطرف في العراق
المقترح الأوروبي لايمكن تنفيذه في العراق للأسباب التالية :
ـ تدهور وفساد الوضع السياسي العام في العراق، وعدم استقراره.
ـ لا توجد بنية تشريعية قضائية مناسبة تتماشى مع الأحكام القضائية الدولية أو الأوروبية في الوقت التي تفرض فيها محاكم العراق أحكام الإعدامات ترفض أوروبا ذلك وتصر على محاكمتهم في العراق وفق “مقاييس أوروبية” وهذا يمثل ازدواجية في الموقف الأوروبي.
ـ المحاكم الدولية، تحتاج إلى موافقات وقرارات دولية، وهذا ممكن أن يشهد رفضا من بعض أعضاء دول مجلس الأمن الدولي، أبرزها روسيا وحتى الولايات المتحدة.
لاجديد في الموقف الأوروبي باستعادة المقاتلين الأجانب
يبدوانه، لايوجد موقف أوروبي واضح أو جديد في استعادة المقاتلين الأجانب، ربما هناك حلحلة في الموقف الألماني باستلام من سبعة إلى تسعة أشخاص يوم 13 نوفمبر 2019 مرحلين من قبل الحكومة التركية. ماتخشاه دول أووربا، أنها لاتملك شواهد وأدلة قضائية تجرم من التحق بتنظيم داعش والجماعات الأخرى، وهذا يعني أن عناصر داعش ستكون طليقة في شوارع أوروبا. موقف ألمانيا من عودة المقاتلين الأجانب
الخيارات محدودة أمام أجهزة الاستخبارات الأوروبية
إن أجهزة الاستخبارات الأوروبية هي جهة تنفيذية، ويبدو مايحصل الآن من عند المحاكم الأوروبية يختلف عن ماتقوم به أجهزة الاستخبارات، الأحكام القضائية، تطلق سراح عناصر داعش، والاستخبارات الأوروبية لا تملك خيار، غير إخضاعهم إلى المراقبة المشددة، وهذا مايعتبر تحديا واستنزافا إلى أجهزة الاستخبارات الأوروبية بسبب استنزاف الموارد والطاقات البشرية.
أين تكمن المشكلة
المشكلة تكمن، أن أجهزة الاستخبارات الأوروبية في الغالب تتعامل مع الإرهاب وكأنه قضية جنائية، تحتاج إلى الشواهد والأدلة، ولا تجرم من يسافر إلى سوريا والعراق أو من التحق بالتنظيمات المتطرفة. رغم جهود أجهزة الاستخبارات الأوروبية داخل سوريا والعراق إلى جانب فريق عمل المدعي العام هناك، باتت تنقصها الكثير من الشواهد للإثبات الإدانة القضائية، وهنا تكمن المشكلة.
مخاطر المقاتلين الأجانب
تكمن مخاطر عودة المقاتلين الأجانب إلى أوروبا بنشر التطرف مجتمعياً، من خلال وجودهم في المجتمعات الأوروبية بعيدا عن الإدانة القضائية، وهذا مايعتبر تهديدا إلى أمنها القومي. الخطر لايكمن فقط في أوروبا ولكن وجود 800 مقاتل أوروبي، إلى جانب عائلاتهم وأطفالهم وفق ما جاء على لسان الرئيس ترامب، هذه الأعداد وغيرها من المقاتلين العرب والأجانب التي تقدر بعشرات الآلاف ممكن أن تتمكن من الهروب خلال أي عملية عسكرية محتملة تقوم بها تركيا من جديد. أوروبا وبرامج الوقاية من التطرف استعادة تنظيم داعش في سوريا والعراق ودول المنطقة بات محتملا في ظل معطيات الانقسامات داخل دول التحالف الدولي وتراجع دول أوروبا عن مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية.
ماهو الحل ؟
يجب حل الانقسامات داخل التحالف الدولي، وان لاتؤخذ سياسات محاربة التطرف والإرهاب، بجريرة الخلافات بين أوروبا وإدارة ترامب، لا احد يختلف حول محاربة التطرف والإرهاب.الخيار القائم، هو إيجاد تحالف جديد لمحاربة التطرف والإرهاب، لايتحدد بالقضاء على تنظيم داعش، بل محاربة التطرف والإرهاب، بشكل شامل، وعلى دول أوروبا أيضا والغرب، أن تكون رؤيتها شمولية وإستباقية في ردع التطرف ومكافحة الإرهاب ولا تنحصر في جزئية عودة المقاتلين الأجانب.وينبغي أن تقوم دول أوروبا إلى جانب دول أخرى باستعادة مقاتليها، وعليها أن تتحمل المسؤولية القانونية، كون هؤلاء نزحو إلى التطرف من داخل أوروبا ودول أخرى.هناك خطر يلوح في الأفق يهدد دول منطقة الشرق الأوسط، وينعكس بتداعياته اكثر على دول أوروبا، وهذا مايتطلب تفعيل تحالف جديد وتعاون دولي لمحاربة التطرف والإرهاب.
Average Rating