كتاب المدار

الثورة السودانية وخطر الانقلاب العسكري

0 0
Read Time:4 Minute, 57 Second

عدلي محمد احمد
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_خيانة البرهان ورغم أنها غير مفاجئه كثيرا من جانب ممثل المكون العسكري في مجلس السيادة, باعتباره المكون الذي يرعاه عتاة التصهين,تأتي كنقطة تقاطع بين سياقين.بين سياق التسويق الصهيوني لصفقة القرن, حيث تبدو وكأنها احدي عناصر هذا السياق خصوصا مع ظهورها من خلال إعلان نتنياهو عنها.وسياق تدهور الوضع السوداني برمته , بعد أن كان قد تصور البعض انه قد عرف طريق “السلامة” ,حيث دار العام ليجد النظام كله انه أمام الانسداد الشامل الذي كان أمامه في ظل حكم البشير وكيزانه , والجديد انه صار محملا بأعباء اشد أمام الشعب السوداني , فالمكون العسكري الرسمي والجنجويدي المتنفذ صار موسوما بقتل مئات الشهداء ومطلوبا للمحاكمة آجلا أم عاجلا علي الأقل في جريمة مجزرة فض اعتصام الثورة, مما يفرض علي شخوصه قلقا وجوديا , ناهيك عن عجزهم الأوضح عن حماية أدوات وأشخاص نظامهم.الوضع الاقتصادي صار لا يقل شراسة في وجه الشعب عن وضع حكم البشير في أيامه الأخيرة خصوصا عندما حاول الإفلات من براثن الأزمة بالمزيد من تحميل أعباء الأزمة علي عاتق فقراء المدن والعمال وفقراء الريف.السلام, حدث ولا حرج , فاستمرار المذابح ما زال احدي الملامح الأساسية في الغرب السوداني.فهل هي مجرد صدفه أن يتقاطع مسار مستلزمات صفقة القرن مع مسار احتياجات الثورة المضادة الممثلة في حكم البرهان ,لا يبدو الأمر كذلك خصوصا مع دور العراب الإماراتي لهذا الحكم والراعي للسياقين.والأمر الواضح أن اندفاع القيادة العليا للجيش السوداني دفاعا عن البرهان وتوجهه الصهيوني السافر, لا يقول بالمرة أن الموضوع عارض أو انه زلة رئيس محاصر بالضغوط, بل توجه رأت هذه القيادة ضرورة قصوى وعاجله ودون ادني تريث وقبل أن تطلع علي مواقف القوي السياسية المختلفة في المسألة , وقبل أن يتضح موقف جماهير الثورة, حيث بدت القيادة العسكرية وكأن البرهان لم يكن إلا رسول من جانبها إلى الصهيوني نتنياهو, يستكشف أمور الاعتراف والتطبيع وعوائدها وإخطارها ومحاذيرها.
وحتى عندما اصطدم البرهان بالموقف المتلجلج لحمدوك , كان موقفه تعريضه بكل فجاجه ومعه قيادات فحتيه لمزيد من الإحراج , عبر الإعلان عن سابق اطلاعه علي الأمر ومعه قحتييوه.
وهو ما يؤكد دون أي شك أن في الأمر توجه أساسي تدفع إليه القيادة العليا للجيش باعتبارها القيادة الحقيقية الصلبة للثورة المضادة التي لا يشكل ما عرف بالمجلس السيادي إلا واجهتها السياسية, فالمكون العسكري فيها لا تنحصر طاقته في شخوصه بل قبل كل شيء في ما تحت يده من أسلحه وذخائر.
لقد قرأ الشعب السوداني كله في الحقيقة لقاء نتنياهو الذي دعمه بيان الجيش علي انه الوجه المعلن لانقلاب عسكري شامل , بما لا يقل عن تهديد لا ينقص تفعيله إلا موقف بقية الفرقاء في الدست الحاكم.ولا يمكن الفصل بحال بين هذه التوجه الصهيوني وبين التمرد العسكري من جانب قوات الأمن الذي سبقه بأسابيع قليله, كما لا يمكن الفصل بين هذين الموقفين وبين الحكم القضائي الذي نجحت الجماهير شرق السودان في انتزاعه من قضاء النظام الذي كانت تحاصر محكمته الآلاف من الغاضبين الباحثين عن قصاص الشهيد احمد الخير.ففي حقيقة الأمر فان التمرد المدفوع من قوش بحجة تأخر مستحقات تعويض القوات , كان تعبيرا عن مدي الغضب إزاء من يحكمون , باعتبارهم عاجزين عن حماية أدوات النظام من الضباط القتلة الذين لحق بهم عار تعذيب وقتل الناس.ويبدو أن ما كان يعاني منه قوش لم يكن يعبر في الحقيقة إلا عن معاناة الحكم نفسه ورعاته بالذات يمكن بسهوله مشاهدة شخوصهم في خلفية المشهد السوداني كله بوضوح .
ان الانقلاب الذي اتخذت صيغة التهديد به لقاء نتنياهو , لن يكون إلا تمرد الحكم علي نقسه مع فارق طفيف في السرعات تفرضه ضرورة تمرير الانقلاب حال انتقال قصته إلي طور التنفيذ.إننا هنا إزاء تهديد بانقلاب في مواجهة الثورة وجماهيرها يهدد بالديكتاتورية المفرطة وإرهاب دولة النظام , فالمكون العسكري لا يستشعر انفلات الثورة واندفاعها للأمام , بل يرعبه ما أرعب قوش باعتبار البرهان وكباشي وحميدتي علي رأس أجندة الثورة التي فرضت إعدام 31من قوات النظام , فيما يخص القصاص للشهداء.ومن جهة أخرى يبدو أن رسالة التهديد التي حرصت تأدبا علي كسوتها الصهيونية موجهه أيضا للغرب, وتحديدا لواشنطن التي لا تمد يدها للمساعدة بل ما زالت متمسكة بالعقوبات, في لحظه لا يوجد فيها لا دقيق للخبز ولا وقود , ويبدو أن الأمر يمكن أن يمتد إلى المرتبات.والأمر الذي لا يخلو من دلالته هنا أن رد فعل حمدوك في هذا السياق جاء علي صوره لا تقل شناعة عن لقاء الصهاينة , حيث طلب من مجلس الأمن شمول السودان بالفصل السادس من قانون الأمم المتحدة , أي فتح الباب واسعا أمام دور قوات أجنبيه في الداخل السوداني, دور مفتوح وفقا لهذه الروح علي الفصل السابع الذي يعني إخضاع كل السودان لقوات أجنبيه.وهو ما يمكن قراءته بعيدا عما يثيره من غضب مشروع, أن حمدوك يريد أن يكون الانقلاب وحدوده تحت إشرافه بحكم منصبه , وإلا فالفصل السادس, ومن جهة أخرى يتضمن الأمر طمأنه للحركات المسلحة في غرب السودان , فالانقلاب لن يستهدفها وبضمانه دوليه فعليه, علي أن الطمأنة الأكثر الحاحا في موقف حمدوك هي طمأنة أسياده الغربيين باعتباره ممثلا لنظام نابع وخاضع للعقوبات , فالانقلاب له دور محدد يأمل أن يكون سريعا, ويطرح إجراءه تحت الحراسة المشددة لمجلس الأمن وهكذا يتضح جليا أن المجلس السيادي الذي قدمته فحت للشعب علي انه سلطة الثورة المتاحة في ظل موازيين القوي المتحققه, يتجه دون مواربة إلى التهديد بالحرب الأهلية بل توفير مقدماتها , تحت حراسة الدول الكبرى وإسرائيل وعملائهما من العرب المتصهينين.وإذا سارت هذه التوقعات إلى وجهتها , فإنها تنطلق من أن الوضع السوداني صار لا يسمح بالاختيار بين الحرب الأهلية وغيرها من إجراءات سياسيه تدريجية للقضاء علي الثورة , بعد أن اشتد عودها كثيرا وارتفع وعي جماهيرها , وانفضح معظم من كانت تثق فيهم , وخابت توقعاتها في الكثيرين ممن صدقتهم , وفي ظل أوضاع اقتصاديه باتت اشد تدهورا , ولا يحيط بها أي أمل في تخطيها , وفي ظل عجز بالغ عن التوصل للسلام المأمول في ظل كل هذه الأوضاع المتشابكة المعقدة.
وان الحرب الأهلية صارت أمرا يمكن تعاطي دراسته بل والإعداد والاستعداد له, ولكن يظل الملفت في هكذا تفكير, انه يشطب علي إمكانية انتصار الثورة في هذه الحرب الأهلية.والأمر المرجح أن هذه التوجهات قد يبدو أنها لا تسعي إلى انتصار سريع مضمون ومؤكد , بل إلى شن حرب أهليه طويلة الأمد نظرا لقوة الثورة, وهي مسألة لا تقل عن الدفع بالوضع كله إلى جهنم , بما في ذلك تدمير السودان علي الطريقة السورية أو اليمنية.فانتصار الثورة السودانية سيكون له أثره البالغ المباشر علي تطورات الثورة في مصر والثورات العربية وكذلك علي الأوضاع في إثيوبيا.
الحوار المتمدن

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code