كتاب المدار

بين الموت بالكورونا أو الموت جوعا هناك خيار ثالث !

0 0
Read Time:2 Minute, 58 Second

عبدالله صالح

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_منذ أن جاءت الرأسمالية العالمية بسياستها المسماة الليبرالية الجديدة قبل أكثر من أربعة عقود، استفحلت معدلات الفقر والبطالة بين قطاعات واسعة داخل المجتمع وترسخت الفوارق الاجتماعية بين أقلية ثرية وباقي الطبقات المفقرة من عمال وكادحين وعاطلين عن العمل والذين يشكلون الغالبية العظمى للمجتمع البشري، تقول منظمة أوكسفام البريطانية غير الحكومية إن ثروات 62 شخصا من أغنى أغنياء العالم، تعادل جميع ثروات نصف سكان العالم الأفقر.* ، وفي عام 2015، يعيش 736 مليون نسمة حالة من الفقر المدقع في خمس بلدان فقط في العالم، هي الهند، نيجيريا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، إثيوبيا وبنجلاديش * ، وفقا لهذه الإحصائية البسيطة يمكننا تصور حالة المجتمع البشري وهو يخوض المعركة ضد كورونا بمنظومات صحية لم تَنَلْ إلا الجزء اليسير من ميزانيات الدول، غنية كانت أم فقيرة ، ديمقراطية كانت أم استبدادية ، دينية كانت أم علمانية .
لنأخذ الهند على سبيل المثال لا الحصر، هناك نزوح جماعي من العاصمة الهندية هذه الأيام هربا من الجوع لا الوباء، بحيث امتلأت الشوارع المحيطة بالعاصمة الهندية دلهي بأشخاص يمشون على الأقدام للوصول إلى قراهم في الولايات المجاورة ومعظمهم من العاملين بأجر يومي والذين أصبحوا عاطلين عن العمل بعد أن أعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عن إغلاقٍ كامل للبلاد في 24 مارس لوقف تفشي فيروس كورونا.*
أن الحجر الصحي في المنازل تجنبا لانتشار جائحة كورونا هي الخطوة الرئيسية الوحيدة التي اتخذتها مجمل الحكومات على صعيد العالم في مواجهة خطر هذا الوباء، هذه الخطوة رغم أهميتها في التقليل من خسائر هذه المعركة التي تخوضها البشرية ضد هذا العدو الخفي، إلا أنها أصبحت وبالا على المليارات من البشر الذين يعانون من الفقر والجوع والحرمان أصلا والذين يعتمدون على العمل اليومي لتأمين قوتهم ، هؤلاء وضعوا بين خيارين أحلاهما مر ! فأما المكوث في البيت وعدم الاختلاط بالآخرين وانتظار الجوع كي يفتك بهم وبأسرهم، أو الخروج للحصول على لقمة العيش وانتظار كورونا كي ينال منهم ، هذا هو حال المليارات من البشر على سطح هذا الكوكب. هذه الأزمة التي تواجه العالم اليوم يشكل العمال والكادحون والمفقرون غالبية ضحاياها.
العراق لم يشذ عن هذه القاعدة، خصوصا بعد الاحتلال الأمريكي ومجيء السلطة الطائفية الإسلامية والقومية ، بل ودفعت هذه السلطة بالبلد الى الهاوية على جميع الأصعدة ، سياسية ، اقتصادية واجتماعية ، فمعدلات البطالة وخصوصا بين الشباب تزداد يوما بعد يوم وكل الدلائل تشير الى عجز هذه السلطة عن تنفيذ ابسط المطالب المتمثلة بتأمين حياة يليق بالبشر في بلد يسبح على بحيرة من النفط ،ناهيك عن الثروات الطبيعية والموارد الأخرى. لقد زاد انتشار فايروس كورونا من تفاقم هذه الأزمة وسط منظومة صحية شبه متلاشية فعلى صعيد البُنى التحتية تفتقر الى ابسط المعدات والوسائل التي من شأنها، لا الانتصار في هذه المعركة، بل وحتى التقليل من الخسائر الناجمة عنها، دعك من الاعتقادات الخرافية التي توصي بها المافيات المسيطرة على السلطة عبر رموزها ضاربة عرض الحائط كل الإجراءات التي من شأنها الوقاية من هذه الجائحة.
العالم بعد كورونا لن يكون كالعالم قبل كورونا، هناك تغيير جذري قادم لا محال، وهو ما يشهد به حتى مفكروا البرجوازية ومنهم وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر بقوله : أن جائحة كورونا ستغيّر النظام العالمي للأبد* ، تغيير يسير في اتجاهين مختلفين ، الاتجاه الأول هو المقاومة الشرسة التي ستبديها الرأسمالية العالمية من أجل اعادة انتاج وصياغة نفسها وفقا لمتلطبات المرحلة القادمة في محاولة منها لإطالة عمرها وإعادة التمسك بالسلطة من قبل الطبقة البرجوازية والنجاة من هذه الأزمة ، أما الاتجاه الثاني فهو يتمثل في النضال الدؤوب من قبل القوى الثورية والأحزاب والمنظمات الشيوعية عن طريق نضال العمال والكادحين الموحد لسد الطريق أمام هذا الوحش الرأسمالي كي يعيد ترتيب أوراقه ووضع هذا النضال على المسار الصحيح وفقا للرؤيا الماركسية والسير به نحو بناء المجتمع الاشتراكي باعتباره الحل الوحيد، والقضاء، والى الأبد، على النظام الرأسمالي ، وهذا هو بالضبط الخيار الثالث الذي يجب أن ننشده ونناضل من أجله .

الحوار المتمدن

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code