ثقافة

الشعر والكلمة التي تقتل صاحبها

0 0
Read Time:4 Minute, 45 Second

نجاة أحمد الأسعد

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_الشعر ليس ديوان العرب وحسب؛ بل كان في العصور الأولى من حياة العرب والمسلمين، ممثَلاً بالقصيدة والشاعر، وسيلة إعلامية اجتماعية وسياسية مهمة، وأسلوباً لرواية الأحداث، وتدوين حياة الأشخاص، والنقد أو الذم أو المدح.وعبّر الشعر أيضاً، عن الاتجاهات الثقافية والتوجهات السياسية للأفراد والجماعات في بعض الأحيان، وربما كان دافعاً لتغيير هذه التوجهات، مما جعله يكتسب بعد كلّ هذا أهميةً كبيرة، وضعت الشعراء في قائمة المشاهير والعظماء حيناً، وفي قائمة المغضوب عليهم أحياناً أخرى، ناهيك عن الأسباب الشخصية، التي جعلت شعراء خلدهم التاريخ، إما يعيشون حياتهم طبيعية، أو يقتلون، فمن هم أبرز أولئك الشعراء من الذين قتلتهم قصائدهم؟ لأقتلنّ منهم مئة في صحراء العرب وقبل الإسلام، لم يكن من الضروري أن يكون المرء سيداً في قومه أو غنياً، أو مثقفاً فقط، حتى يكون شاعراً كبيراً، لذا كان للمطرودين من قبائلهم، ولأصحاب العداوات، ممن يعيشون حياتهم خارج أيّ قانون أو عادات مثلاً، أن يكونوا شعراء، ومن هؤلاء؛ ثابت ابن أواس الأزدي، المشهور بالشنفرى، صاحب العداوات الكبيرة، والشاعر الشهير بأنّه سريع الخطو والركض، وقد اشتهر بقصيدته “لامية العرب”، ومطلعها: “أقيموا بني أمي، صدورَ مَطِيكم فإني، إلى قومٍ سِواكم لأميلُ، فقد حُمّت الحاجاتُ، والليلُ مقمرٌ وشُدت، لِطياتٍ، مطايا وأرحُلُ”. وقد قتل الشنفرى في خلافٍ كبير مع قبيلة سلامان التي قتلت والده، فانتقم الشنفرى منهم بسيفه وهجائه الذي أرّقهم، وقتل منهم 99 رجلاً في أكثر من عراك، إلى أن قتلوه في النهاية. وتقول الرواية التاريخية؛ إنّ الشنفرى قطع وعداً بقتل مئة رجلٍ منهم انتقاماً لأبيه في إحدى قصائده، وإنّ جمجمته التي ركلها أحد قتلته بعد زمن، تسبّبت في دخول عظمة في ساقه، التي تلوثت ومات على إثرها؛ لذا يعرف الشنفرى بأنّه الشاعر الذي أوفى بوعده، بعد أن قُتل. ضيعني أبي صغيراً اشتهر امرؤ القيس بصولاته وجولاته بين الصعاليك، وبمجونه مع النساء، وبقصائده التي تراوحت بين الغزل والمديح والبطولة، لكنّه، في النهاية، كان ابن أحد ملوك القبائل الأغنياء والمؤثرين، وهو حجر الكندي، ورغم فقدانه لأمه صغيراً، وخروجه إلى الصحراء بعيداً عن كنف أبيه منذ الشباب، إلا أنّ لعنة عائلته ظلّت تلاحقه إلى أن قتل. وامرؤ القيس، هو واحد من شعراء المعلقات المشهورين، ومطلع معلقته هو: “قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل، بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ، فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمها لما نسجتْها من جَنُوب وَشَمْأَلِ”. بعد أن قتل بنو أسدٍ والد امرىء القيس، ونهبوا ثروته، دار بين العرب يطلب ثأر أبيه، وقد عاونته بعض القبائل بالرجال والسلاح، مما جعل بني أسد يفرون من وجهه، إلا أنّه لاحقهم وقاتلهم، وكثر أعداؤه من القبائل بعدما قوي، ونكّل بالعديد منهم، فلجأ إلى قيصر الروم في المشرق، الذي أجاره، إلى أن بعث بنو أسد برجلٍ يسمى الطماح، كشف لقيصر حبّ امرئ القيس لابنته، وكيف أنّه كتب بها قصائد غزلٍ فاحش كعادته حين يتقرب من النساء، فقام قيصر بتسميمه والتخلص منه، وذلك بعد زمنٍ على أخذ امرئ القيس بثأره من بني أسد، وهو الذي قال حين بلغه خبر مقتل أبيه وهو سكران: “ضيعني أبي صغيراً وحملني دمه كبيراً، اليوم خمر، وغداً أمر”. الخيل والليل تقتل شاعرها لم يكذب أبو الطيب المتنبي، حين قال: إنّ الخيل والليل والبيداء تعرفه جميعاً، فهو شاعر شقّ الآفاق، ولم يقترب من نجمه ولغته وجمال شعره أي شاعرٍ في التاريخ العربي تقريباً، لكنّ قصائده، التي مدحت بطولات سيف الدولة الحمداني، وهجت كافور الإخشيدي في مصر، وتغنت بالحكمة والطبيعة في أرض العرب، حملت رغم عظمتها وتنوعها بذور مقتله وموته. ورغم قوله: “أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي، وأسمعت كلماتي من به صممُ”، ورغم تغنّيه بالكتب والقراءة والثقافة أيضاً، إلّا أنّه قتل في النهاية بسبب الهجاء، الذي لا يمثل جزءاً أساسياً من شعره. وبينما عرف المتنبي بالزهو لفرط قوة شعره، فإنّه هجا رجلاً بخيلاً وجباناً، في حادثة حصلت له مع ذلك الرجل، وهو ضبة بن زيد الأسدي، الذي لم يرد على المتنبي بخيرٍ أو بشرّ، إلا أنّ أخاه، ويدعى فاتك الأسدي، غضب لما وصف فيه المتنبي أخاه وعائلته من هجاء، وأدرك أنّ قصيدته فيهم، ولا بدّ من أنّ العرب ستتناقلها طول الزمن، فأضمر الشرّ، وبقي مترصداً للمتنبي إلى أن لقيه، بحسب الروايات التاريخية، في طريقٍ، سدته قصيدة المتنبي الشهيرة: “الخيل والليل والبيداء تعرفني، والسيف والرمح والقرطاس والقلم”، فقد واجهه فاتك بقصيدته هذه، واصفاً إياه بالجبان، إذا هرب، فلم يهرب المتنبي، وقتل في تلك الحادثة. حامل موته بيده يتميز طرفة بن العبد بأنّه شاعر شاب تفوق على العديد من كبار الشعراء في عصره؛ فقد تفوق عليهم من خلال مآسيه الخاصة؛ إذ مات والده وهو طفل، وسرق أقاربه ميراثه، فعانى الفقر بعد طفولةٍ ميسورة، وكتب أعذب القصائد في الحب والحكمة، وهو من أصحاب المعلقات، ومطلع معلقته المشهورة: “لِخَـوْلَةَ أطْـلالٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَـدِ تلُوحُ كَبَاقِي الوَشْمِ فِي ظَاهِرِ اليَدِ، وُقُـوْفاً بِهَا صَحْبِي عَليَّ مَطِيَّهُـم، يَقُـوْلُوْنَ لا تَهْلِكْ أسىً وتَجَلَّـدِ”. ورغم تنوع قصائده بين الغزل والحكمة والطبيعة، إلا أنّ طرفة بن العبد، لم يكن ليلقى مصيراً أفضل من سابقيه من الشعراء، ممن انتقدوا أو هجوا القادة في قصائدهم، فهو لم يهب من انتقاد ملك الحيرة الشهير عمرو بن هند، الذي كان صاحب دهاء وبطش شديدين، فاختار لطرفة ميتةً ستظلّ حديثاً لكلّ الأجيال، بدهشتها وبشاعتها؛ إذ أرسله بكتابٍ خاص، رسولاً إلى عامل البحرين في ذلك الزمن، وكان الكتاب يضمّ أمراً من عمرو بن هند بقتل طرفة، الذي قتل وهو لم يتجاوز السادسة والعشرين من العمر.الجمال لا يعفي من الموت من بين الشعراء العرب، يُقال إنّ جمال وجه وضاح اليمن، نافس جمال قصائده، وقد اختلف العرب في أصله، إن كان فارسياً أم يمنياً، لكنّ أحداً لم يختلف في أنّه، وقصائده، سعيا خلف النساء، ومديحهن والتغزل بهن. لك

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code