كتاب المدار

شراء القرار الفلسطيني قبل الانتخابات الفلسطينية

0 0
Read Time:2 Minute, 25 Second

ابراهيم عطا : كاتب فلسطيني

هل ما زالت تأخذ مصروفك من والدك او من ولي امرك؟ إذا كان كذلك، فانت غير حر ولا مستقل ماديا، وبالتالي غير مستقل بقراراتك…فلا يمكنك شراء ما تشاء وكيفما تشاء، ولا تستطيع اتخاذ أهم القرارات في حياتك الشخصية، مثل الارتباط بمن تحب بكامل الحرية ومن دون تدخل مباشر او غير مباشر من هذا الشخص المسؤول عنك…
واذا كنت شاعرا او كاتبا تتلقى المال والهدايا من الحاكم او المسؤول، فانت اشبه بالموظف الذي يتقاضى راتبا مقابل جهدا وعملا ينجزه لمديره او رئيسه، ولن تكون حرا في كتاباتك او مشاعرك، ولا بد أن تمدح وتثني على هذا الحاكم وتجامل وتتملق لكل افعاله وخطواته…
إن كان هذا يحدث على مستوى الافراد والاشخاص ، فانه ينطبق ايضا وبشكل تام على الاحزاب والمنظمات التي تتلقى الدعم المادي من هذا النظام او ذاك، فتصبح مطبلة له ومسوقة لتوجهاته، او من دول الخارج، فتصبح تحت عباءتها و تدور في فلكها…
ونفس الامر ينطبق على الدول خاصة الصغيرة والفقيرة منها، والتي تعتمد في ميزانياتها ومداخيلها على المساعدات والهبات والقروض التي تقدمها الدول الكبيرة والغنية او البنوك والمؤسسات الدولية، والامثلة كثيرة بين دولنا ودول العالم، وقد رأينا على سبيل المثال كيف تحكمت الولايات المتحدة بأوروبا الغربية طوال عقود من الزمن من خلال تقديمها لمشروع مارشال الاقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية، والذي حول اوروبا بعظمتها وتاريخها الى دمية ورهينة سياسية بيد السيد الامريكي، وما زال يكلفها ذلك اثمانا باهظة من سيادتها واستقلالية قرارها حتى الان، ويضطرها للدوران دائما في فلك السياسة والمصالح الأمريكية…
والقرار الامريكي يوم أمس باستئناف تقديم المساعدات للفلسطينيين يأتي في هذا الإطار ليس الا، أي في اطار سياسة الاحتواء والسيطرة، وليس حبا وعطفا على الشعب الفلسطيني…
وفلسطين التي اختصروها بما يسمى بالسلطة الفلسطينية، وكما يعرف الجميع، لا تملك بالوضع القائم والراهن أي مقومات لدولة مستقلة ذات سيادة، لذلك فان اعتمادها شبه كلي على الدعم المالي الخارجي، وهو ما يجعلها أسيرة ومقيدة في قرارتها للخارج، ومن هذه القيود على سبيل المثال ما تقوم به السلطة الفلسطينية من منع للعمل القاوم المسلح في الاراضي التي تسيطر عليها، وهو ما يحرص على تنفيذه وبحزم وصرامة “سيادة السيد الرئيس” وجماعة اوسلو من حوله، وكذلك قوات أمنه التي تدربت على ايدي المخابرات الأمريكية…
ولكن ما الذي تبتغيه الإدارة الأمريكية الحالية ومن خلفها ابنتها الغير شرعية “مستعمرة اسرائيل الصهيونية”، حتى تعود لتقديم المساعدات للفلسطينيين؟
الاهداف قد تكون متعددة وطويلة الاجل، ولكن أعتقد أن الأولوية حاليا هي لوقف عمل المحكمة الجنائية الدولية، التي بدأت تتحرك باتجاه محاكمة مسؤولي وجنود قوات الاحتلال الصهيوني على جرائمهم المرتكبة في الاراضي المحتلة عام ٦٧ (الضفة الغربية وقطاع غزة)، وهو ما يتطلب شراء القرار الفلسطيني بهذا الخصوص وفي الوقت المناسب…ومن تجاربنا ومعرفتنا بالسلطة الفلسطينية وقيادتها، نقول انه قد لا يكون بالامر العسير (وما زلنا نذكر تقرير غولدستون وتراجع ابو مازن باللحظة الاخيرة)…
نتمنى أن نكون مخطئين و أن لا تستخدم هذه الاموال لشراء الذمم والاخلاق لأصحاب القرار على حساب مصلحة ومباديء شعبنا المظلوم، وان تسير المحكمة الجنائية الدولية قدما باتجاه تطبيق العدالة على المجرمين الصهاينة…وكل التقدير لأصحاب المباديء والقرارات المستقلة مهما قدمت لهم من اموال واثمان

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code