ابراهيم عطا :كاتب فلسطيني
بدأت العمل مع اسبانيا في التسعينيات من القرن الماضي، وفي تلك الفترة وقبلها بعشرات السنين كانت مملكة اسبانيا، شعبا وحكومات، من اكثر الدول الداعمة لقضية فلسطين في اوروبا…ولكن مع مرور الوقت كنت الاحظ تراجا متسارعا في تأييد المواطن الاسباني وفي فهمه واستيعابه لحقوق الشعب الفلسطيني، وفي نفس الوقت كنت أرى تقبلا متزايدا لوجهة نظر كيان الاحتلال…
وما فاجأني في السنوات الأخيرة هو وجود نوع من الانحياز التام للمحتل ورفض واضح لطرحنا المقاوم من قبل الكثيرين ممن التقيت بهم، فقد كانوا يدافعون عن الكيان الاسرائيلي ويبررون احيانا اعماله الاجرامية، ومنها على سبيل المثال ما قاله لي يوما أحد الزملاء حول قتل جنود الاحتلال للأطفال…”وماذا تريدهم أن يفعلوا، أن ينتظر الجندي الى ان يرمي الطفل الحجر على رأسه ويقتله؟”…او ما قالته لي احدى الموظفات عندما كنت اخبرها عن فترة اعتقالي في المعسكرات الصهيونية ومعاملة الجنود الاسرائيليين واذلالهم لنا، “هذا غير ممكن، أكيد أنت معمول لك غسيل دماغ..”…وزميلة اخرى تتهمنا باستخدام الاطفال على الارض وفي الاعلام… وغيرها من المواقف التي تدل على تراجع ملحوظ في التضامن مع قضيتنا العادلة لصالح طروحات العدو الصهيوني…
وكنت أتساءل بيني وبين نفسي اين يكمن الخلل، وهل هو بسبب سيطرة وتاثير الدعاية الصهيونية على وسائل الإعلام الغربية، وضعف اعلامنا وقلة امكانياتنا، أم أن الجاليات الفلسطينية في تلك الدول غير نشطة وفعالة وسفاراتنا الموقرة هناك لا تحرك ساكنا للتعريف بما يحدث من قهر ومعاناة تحت الاحتلال الاسرائيلي، ولفضح جرائمه ومجازره بحق اهل فلسطين…
وقبل حوالي شهر تلقيت شريط فيديو يتحدث عن سفير دولة فلسطين في مدريد، ويظهر كيف انه فشل في مواجهة أحد الضيوف من دولة الاحتلال على احدى القنوات الاسبانية، وذلك بسبب عدم اتقانه للغة البلد، فترك الحديث لمترجم السفارة، وذلك بالرغم من بقائه في منصبه على رأس البعثة هناك لاكثر من ١٥ عاما…
عندها تكونت لدي صورة نوعا ما عما يحدث في اسبانيا وربما الشيء ذاته ينطبق على الكثير من دول العالم حيث يكون فيها السفير مجرد موظف يتقاضى راتبه في بلاد الغربة، دون أن يكون له اي تأثير او صوت في البلد المضيف الى ان تنتهي مهمته هناك، هذا إذا انتهت…وتذكرت أيضا اللقاء الذي دعت له السفارة الفلسطينية في مسقط مع “الرئيس محمود عباس”، قبل خمس سنوات، وكيف تحدث ابو مازن لحوالي ساعتين عن أهمية الاستثمار في فلسطين، وكأنه يتحدث عن دولة مستقلة ومستقرة، ولم يأت على ذكر الاحتلال أو المقاومة، ولم يتطرق لموضوع المستوطنات والحواجز والاعتداءات اليومية، او لآلاف الاسرى والمعتقلين والمعتقلات في السجون الصهيونية…
وهنا يأتي السؤال الذي يطرح نفسه بنفسه، لماذا يبقى السفير او الرئيس على رأس عمله كل هذه المدة اذا لم يتمكن من تمثيل بلده وشعبه بالشكل المناسب، ويعرف العالم بشؤونه وقضاياه…فالسفير يجب أن يكون في خدمة الوطن وليس في خدمة “السيد الرئيس”، والرئيس يجب أن يكون في خدمة الشعب وان يمثل تطلعاته ويعمل على تحقيق ارادته واماله، وإلا فليتم البحث عن الشخص المناسب للمكان المناسب حتى تتحقق الاهداف المرجوة والمكاسب…
تحية لكل من يعمل سفيرا فعليا لبلده وممثلا حقيقيا لقضاياه لنقل الصورة والواقع لكل العالم، وكل التقدير لمن يكون هو الصورة نفسها على أرض الواقع وفي المواجهة المباشرة دفاعا عن القدس الشريف وكامل تراب فلسطي
Average Rating