ابراهيم عطا :كاتب فلسطيني
في فلسطين كل يوم شهيد، عبدو التميمي، محمد التميمي، شادي سليم، محمد العلمي، شوكت عوض، واليوم من التالي؟ …لا يتوقف دم الشهداء ونحن نرى الصور ونردد الاسماء ونبكي حرقة لاننا صرنا امواتا احياء، حيث نرى ابنائنا يسقطون أمام اعيننا على يد الصهاينة بشكل يومي وبدم بارد، واحيانا على بعد امتار فقط من المقرات ألامنية التابعة لما يسمى ظلما بالسلطة الفلسطينية التي لا تحرك سلاحا تجاه ما يحدث، بينما قوات الاحتلال تقدم كل انواع الدعم والحماية للمستوطنين عند قيامهم باقتحام المسجد الأقصى المبارك، او مهاجمة السكان المدنيين في بيوتهم وبساتينهم….
كل يوم شهيد ونحن نبكي بصمت ونتحطم معنويا وليس بايدينا ما نفعله، بينما لا تتوقف السلطة او بالاحرى “بلدية التنسيق الامني مع سلطات الاحتلال” عن ادانة هذه الاعمال الاجرامية، وعن دعوة المجتمع الدولي للتحرك وتحمل المسؤولية تجاه انتهاكات الاحتلال الغير قانونية ومن أجل تامين الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني الاعزل، وكأننا ضعفاء ولا نملك الا الاستغاثة والاستنجاد، وكأن المحتل الصهيوني يخشى تهديدات هذه السلطة التي لا تهز له جفنا، وكأن ما يسمى بالمجتمع الدولي سيردع هؤلاء الأشرار القادمون من مشارق الأرض ومغاربها، ويوقف اعمالهم الاجرامية، او يجبرهم على السير في العملية السلمية التي تتمسك بها سلطة عباس التنسيقية …
ونحن نتساءل بكل بساطة او ربما بسذاجة ان شئتم، هل بوجود انسان مثل ابومازن على رأس القيادة الفلسطينية يعلن على الملأ جهارا ونهارا انه يعارض المقاومة المسلحة، ويمنع قيام الانتفاضة الثالثة طالما هو على رأس السلطة، ويقدس التنسيق الامني مع الاحتلال جل التقديس، هل سيشعر هؤلاء المجرمون باي رادع قد يردهم او يوقفهم عند حدهم ويجعلهم ينسحبون من الاراضي المحتلة؟، بالطبع لا، لانهم يقدمون الضمان لبقاء هذه القيادة الفاسدة طالما تعمل على كبح جماح كل انواع المقاومة في الضفة المحتلة ولن تخذلهم ابدا…
نعم، كل يوم شهيد فلسطيني، بينما لم نسمع عن مقتل جندي واحد من جنود الاحتلال، ولا مستوطن واحد من المستوطنين الذين يعيثون فسادا في اراضي المزارعين الفلسطينيين، وكأن الصورة انقلبت وتحول الجندي الصهيوني والمستوطن الى مقاومين ضد الهنود الحمر من اصحاب الأرض الحقيقيين، لماذا؟ لان المقاومة الفلسطينية ممنوعة ومقموعة باوامر عباسية، وقوات الامن الفلسطينية منومة “دايتونيا” حتى اشعارا اخر، وهو ما جعل الاحتلال يصول ويجول ويقتحم المدن والبلدات ويصل باقتحاماته الى مدينة رام الله، التي هي مقر وعاصمة السلطة التنسيقية، مما حول وجود هذا الاحتلال الغير مكلف البتة الى نوع من “ستاتو كو” اقرب ما يكون الى الحالة الشرعية والى الوضع الطبيعي الذي يلقى القبول والترحاب بدلا من المقاومة والابعاد…
كل يوم شهيد، وكل يوم بؤرة استيطانية جديدة وعمليات هدم اضافية وعشرات الاسرى الجدد، وهو وضع خطير جدا ويتطلب منا وبشكل عاجل فتنمة (تحويلها الى فيتنام) الاراضي المحتلة برمتها حتى تتحول الأرض تحت اقدام المحتلين الى نار حارقة والسماء فوق رؤوسهم الى رعود طارقة والهواء من حولهم الى ادخنة خانقة…
ولكن يبدو أن السلطة التنسيقية وقيادتها التي لا يتماشى خطها مع توجهات الشعب الفلسطيني الثائر، لم يقراوا تاريخ ثورات الشعوب التي قاومت اشرس اصناف الاحتلال، وعلى رأسها شعب فيتنام، الذي لم يستنجد يوما بالمنظمات الدولية ولا بالمبعوثين الامميين او باللجان الرباعية، ولم يبحث عن حريته بعيدا عن ارضه وبندقيته، ورفض أن يفاوض الا على صوت رصاص المقاومين، ورأسه مرفوعا، ولكن هذه القيادة نفسها هي من يمنع التحول الى الحالة الفيتنامية التي لا تلائمها ولن تبقيها على رأس السلطة…
تحية اجلال الى شهدائنا الابرار ومن المؤكد أن دمائهم لن تذهب هدرا، لان الحالة الفيتنامية قادمة لا محالة، شاء من شاء وابى من ابى
Average Rating