الكاتبة الليبية عائشة الأصفر
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_مذ وعيت ولدي شعور أن ثمة مدن ليست ملك ساكنيها وحدهم، هي لي أيضا، بكل ألوان ترابها وأعراقها، طقوسها وخراريفها، وما حوته ذاكرتها من صناديق جداتها وخزائن ملكاتها، شعور تنامى وتضخم حدا لامتناه، “بغداد” و”دمشق”، “صنعاء” و”مراكش”. هي لي كما لقاطنيها الذين ولدوا فيها وتنفسوها، يافعة بدا لي شط العرب ونهراه من سماء البصرة جذع شجرة وغصنين، وكنتُ فوقه حمامة تودّ لو تُفتح لها نافذة الطائرة لتهوي إلى عشٍ أضاعته! وانا أتحسس تراب “نينوى” تراقص بين أصابعي أساطير بلغة أزلية، ومن الصندوق المعلق المتأرجح فوق مرتفعات لبنان أشرئب خفِقة لأرى وجه الجولان والمخيمات أستبين منها جملة: (وعادت قواتنا إلى قواعدها سالمة) التي أزلزل بها الطابور المدرسي بإذاعتنا الصباحية، وعلى ضفة “البردى” ركض إليَ الماء بقصص “آرام”، وبين جدران “مراكش” الحمراء غفوتُ على رائحة ثرى أخبره!
عشتُ بعدها أؤمل معانقة مضارب الحميريات وجسور قسنطينة، وانتظرت حديث شجن مع “ولادة” في بساتين غرناطة! أحسب أن النهاية ابتلعت الحلم، وتوقا إلى “عدن” و”عنّابة” بدأ يشيخ!
بعض الأمكنة تخصّني.. نعم تخصني
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_