غادة الطبيب
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_بروحِ طفلة وقلب صبية مُقبلةٍ على الحياة وحكمة سيدة عجوز مُحنّكة تستقبل الكاتبة دلع المفتى، الحياة.
تكتبُ بقلم شاعري وتُحول شخوص رواياتها إلى اجساد نابضة بالحياة ، مفعمة بالمشاعر، تكتب الزوايا الصحفية بذات الروح ، تثير الجدل وتقاتل من أجل غدٍ أجمل لكل البشر.
سورية الهوى، كويتية الروح، تحمل الوطن ويحمِلها هموماً وأغنيات وأوف.
التقيناها وكان لنا معها هذا الحوار , حول الأدب والدراما والأمومة.
1/وُصفتِ بأنك تحملين روح مقاتل، تُعلنين عن أرائكِ بصراحة ودون مواربة، هل تعبتِ من المعارك؟ أم أنّ المقاتل في داخلك سيظل حاضرا لآخر لحظة؟
لا… لم ولن أتعب. مادام هناك ظلم، مادام هناك تفرقة وعنصرية وطائفية وكره وحقد وغرور… لن أتعب. أحيانا أشعر بالضعف، أشعر أنه لا طائل… وأكاد أن أشعر باليأس، لكن خبر واحد عن جريمة ضد امرأة أو طفل… تعيد لي الهمة.
2/الماغوط شخّصَ حالة الإغتراب التى يعانيها المثقف في بيت واحد حول سقوط الكرسي من على حافة رصيف المقهى.. السؤال هل المثقف العربي يعانى الإغتراب في وطنه؟ وما هو الحد الفاصل في رأيك بين الغربة والاغتراب؟
الغربة ليس غربة الجسد بل هي غربة الروح. قد يكون الإنسان يعيش في بلده، في حارته، في بيته ويشعر بالغربة نتيجة للظروف الحياتِية والسياسيّة والإجتماعية التي يعيشها . وقد يشعر أنه في بيته في بلد بعيد يطأهُ لأول مرة. الغربة في الداخل.
3/وَصف الراحل نزار قباني، الأعمال الإبداعية بأنها لايكتبها إلا المجانين فما هو الحد الفاصل بين الإبداع والجنون في حال سلّمنا أنهما مترادفان؟ وكيف تحافظين على الحد الواهى بينهما؟
هم ليسوا مجانين… هم على الحافة. فالابداع هو الخروج من الإطار.. الخروج عن المعتاد ،عن المألوف، وفي العادة في بلادنا من يخرج عن المألوف ينظر له باستغراب. فلقد تعودنا أن (نمشي الحيط الحيط وياربي الستر)، هكذا نرتاح ونريح من حولنا. لكن الإبداع لا يمكن أن يخرج من جو كهذا. الإبداع يحتاج كسر القوانين والحدود والحواجز.
4/تتقدمين في العمر بشكل جميل (دون مجاملة) فهل يشكل العمر هاجساً لكِ؟ تخافينه؟ تحتاطين له؟
لن أكذب عليك وأقول أن العمر لا يشكل هاجس. في البدايات كنت أخاف الكبر شكليا… التجاعيد، الترهلات. الآن أصبحت أقلق من الكبر صحيا. فأنا إنسانة تحب الحياة وأحب الحركة والرياضة والرقص والفرح… والعمر يعاندني في هذه الحالات فالمرض والتعب والوهن كلها تلازم التقدم في العمر وهذا ما أكرهه. لكني لازلت أحب الحياة ولازلت أسعى لها.
5/عطفاً على السؤال السابق كأنثى ترغب دائماً أن تكون جميلة، هل فكرت يوماً في اللجوء لعمليات التجميل؟
طبعا.. لكن في حدود الطبيعي والمقبول وليس كما نراه حاليا من وجوه منفوخة وممسوخة.
6/مابين (هن لسن أنت) و(شمس منتصف الليل) كيف ترينَ تجربتك الأدبية،بعين الأديب أم بعين الناقد أم بعين القارئ؟
أنا ناقدة قاسية جدا على نصوصي.. أنتقد أعمالي بعين القارئ أحيانا وبعين الناقد أحيانا أخر. وبين أول رواية وآخر رواية؛ شمس منتصف الليل سنين من القراءة والكتابة والأهم سنين من العيش، جعلتني أكثر عمقاً وأكثر صدقاً مع كلماتي وأفكاري واستطعت أن أخرج ما يعتمل في صدري على الورق دون رتوش ودون خوف. ومن قرأ روايتي الأولى وقارنها بالأخيرة يستطيع أن يشعر بمقدار النضج والعمق في روايتي الأخيرة.
الكاتب الذكي يقوم بتمرير رايه ( بحيادية)
7/يتبنى بعض الكتاب اراء معينة ويحاولون تمريرها فيما يكتبونه ، في رأيك هل الكاتب مطالب بالحياد؟ أم ان الحياد مجرد وهم ؟
الكاتب ليس نبي ولا هو كامل. الكاتب لديه فكر ولديه رأي أيضا، ولا أعتقد أنه يستطيع أن يقف على الحياد، لكن الكاتب الذكي يستطيع أن يَظهر على الحياد بينما يقوم بتمرير رأيه (بحيادية) دون فرضه على القارئ بصورة فجّة.
8/كيف غيرت الأمومة، الأنثى في داخلكِ، جعلتها أكثر حساسية، أكثر تعقلا، أم أكثر حساباً للأيام؟
الأمومة أجمل شعور وأجمل مهنة وأجمل كينونة تشعر بها المرأة.. وأصعبها. الأمومة تقلب كيان الأنثى فتجعلها ترى الأمور بمنظور مختلف، منظور أمومي همه الأول والأخير الأطفال.
نعم أصبحت أكثر حساسية وأكثر قلقا وأكثر خوفا من المستقبل … وفي نفس الوقت أكثر سعادة.
9/يقال أن الرواية تفقد الكثير من ألقها عند تحويلها لعمل درامي ،تتفقين مع هذا الرأي أم لا؟و هل تتخوفين من تحويل رواياتك لأعمال درامية؟ وفي رأيك هل يحق للكاتب فرض وجهة نظره في اختيار الابطال والمخرج؟
في الحقيقة كتبت روايتي الأخيرة شمس منتصف الليل وأنا أتخيلها أمامي. كنت أرى المشاهد وأسمع الحوارات وأضحك وأبكي مع بطلاتها. رأيتها مسلسلا كاملا . هل يمكن أن تتحول إلى فيلم أو مسلسل؟ بالتأكيد.. هل ستكون بجمال وجودة الرواية؟ لا أدري… لأني حتى الآن لم أشاهد فيلما أفضل من روايته.. فبالرغم أنّ الإبداع النظري (أفلام، مسلسلات، مسرح) يساعد في انتشار النص، إلا أن القراءة تبقى في المرتبة الأولى إحساساً بالحكاية.
10/ صُنفت رواية نزيلة قصر وايلدفيل لآن برونته بأنها واحدة من اوائل الروايات النسوية، رأيك في مفهوم الرواية النسوية هذا اولا، ثانياً هل يمكننا أن نصنف رواياتك بأنها أعمال (نسوية) محضة من حيث موضوعاتها الحساسة وتناولها لحياة وتفاصيل النساء؟
أنا ضد تصنيف الروايات جندرياً. بمعنى في مقابل الرواية النسوية هل هناك رواية رجولية؟ طبعا لا، إذا لماذا ما يكتبه الرجل يعتبر أدب فحسب، وما تكتبه المرأة يسمى أدب نسوي؟ المرأة لا تكتب عن المرأة وشؤون المرأة فقط، هي تكتب في كل مناحي الحياة وكل الحقول.
الادب االكويتي لم يظلم المراة الكويتية
11/ لنتحدث قليلا عن الدراما الكويتية التى تنال نصيب الأسد اليوم في العالم العربي، هل ظلمت الدراما الكويتية المرأة الكويتية وقدمتها بشكل مغاير عن الواقع؟وهل التنميط من وجهة نظرك مطلوب لأسباب تسويقية محضة؟
الأدب الكويتي لم يظلم المرأة الكويتية، لكن الدراما الكويتية فعلت… وهنا نستطيع أن نوجه اصبع اللوم على من يختار النصوص التي تقدم العائلات الكويتية بالعموم والمرأة الكويتية بالخصوص بهذا الشكل المشوه والذي هو بعيدا عن الواقع، لكنه يزيد المشاهدات.
12/ ولابد من الحديث عن الدراما السورية،يقال بأن العصر الذهبي للدراما السورية كان في بداية الألفية فهل السبب في رأيك كوكبة كُتاب السيناريو المميزين،أم الدفق الانتاجي الهائل؟
الدراما االمعربة لاتمثلنا ولا تمثل الاخر
أبطال الدراما السورية الذين أنتجوا أعظم وأجمل الأعمال (كُتاب، كُتاب سيناريو، ممثلين، مخرجين) هم من نهضوا بالدراما السورية، إلى أن دخلت عليها الدراما المشتركة ثم التركية المُعربة التي أنتجت لنا مسلسلات ممسوخة، لا هي عربية ولا هي أجنبية، لا تمثلنا ولا تمثل الآخر… لا تحكي عنا وإن حكت بلغتنا.
13/ لو اغمضتِ عينيك وطلبتُ منك اختيار مكان في الشام يسرقك الحنين إليه فأين سيكون ولماذا؟
سأبقي عيناي مغمضتين وأذهب في رحلة عبر حارات الشام العتيقة أدخل من باب وأخرج من باب. هو ليس مكانا واحدا فقط… هي الشام كلها.
14/ لمن تقرأ دلع المفتي ؟ ومن يشجيها عندما تسمع ؟ ومن يبكيها ؟
أقرأ للكثير من الكتاب والكاتبات، عرب وأجانب، أحب الأدب اللاتيني (ايزابيل الليندي، ماركيز، بورخيس، يوسا،)وأغوص فيه، إلى درجة أني أشعر أني من تلك البلاد. مؤخرا أصبحت أقرأ كثيرا الأدب الآسيوي (أفغاني، ياباني، كوري، هندي). أحب قراءة نصوص من بلاد مختلفة… أبحر مع النص وأعيش هناك.
أحب صوت أصالة وأسماء المنور وإيد شيران وأديل البريطانيان، وهذا لا يعني أني لا أحب الأغاني الجديدة التي تجعلني أقفز حين سماع نقرتها.
لا زلت أبكي عند سماع أغنيتين فقط؛ إليك يا مدينة الصلاة، لفيروز. ووطن النهار لعبد الكريم عبد القادر.
وهكذا كان بوحُ الكاتبة (دلع المفتى ) صريحاً، مباشرا دون مواربة، شقياً ومرحاً تماماً كروحها.
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_