0
1
إبراهيم عطا -كاتب فلسطيني
شبكة المدارالإعلامية الأوروبية…_يوم امس، وفي أول أيام شهر رمضان الفضيل توفيت اختي الكبيرة مريم عطا (الحاجة ام تنال)، بعد اكثر من عامين من الصراع مع مرض السرطان، وكان عمرها تقريبا من عمر النكبة الفلسطينية، حيث ولدت في مخيمات اللجوء التي أقيمت في لبنان وهي في اصعب ظروفها واحلكها، اي قبل ان تقوم منظمة الامم المتحدة بانشاء المراكز الصحية والتعليمية فيها، لذلك لم تتمكن مريم من الذهاب الى المدراس والحصول على التعليم، ولكنها بالرغم من ذلك، فقد تعلمت الكثير من تجارب الحياة وصعوباتها، وتمتعت بمستوى عالي من الوعي والمعرفة في كافة أمور الدنيا والمجتمع والعائلة حتى صار الجميع يكن لها التقدير والاحترام، ويطلب مشورتها في شتى امور الحياة…
انا لا اذكرها صغيرة، ولكني اعرف انها ومنذ نعومة اظافرها دخلت في معترك الحياة القاسية، حيث كانت تساهم في الاعمال اليومية للتخفيف عن كاهل امي وابي في تلك الفترة الصعبة من حياة الشقاء في المخيمات، خاصة في رعاية الاخوة الأصغر منها سنا والاهتمام بهم…
وقد تحملت مريم في كبرها كما تحملت في صغرها الكثير من مشقات الدنيا ومصاعبها ومن المعاناة في تأمين لقمة العيش والحياة الكريمة لها ولاسرتها حتى في أحلك الظروف واقساها، خاصة خلال سنوات الاحتلال الصهيوني للبنان عام ٨٢، حيث اعتقلوا زوجها لعدة سنوات، واضطرت خلالها لتحمل الكثير من المسؤوليات، فاجتهدت وناضلت للمحافظة على اسرتها ورعايتها والاهتمام بامي وابي خلال غربتنا، بالاضافة الى اصرارها على تعلم القراءة والكتابة عندما اضطرتها الظروف لقراءة الرسائل والصحف والتوقيع على الاوراق والمستندات…
وبعد وفاة والدينا تحولت مريم الى الام الحنون التي شملت الجميع برعايتها، وقد تركت اثرا كبيرا في حياتنا ليس فقط على المستوى العائلي، بل امتد ذلك الاثر ليشمل كل من عرفها من الناس والجيران، خاصة أولئك الذين لجأوا إليها طلبا للعون والمساعدة او طلبا للمشورة والنصيحة…
الرحمة لها ولكل من يترك بمن حوله هذا الكم من العمل الصالح ومن الصدقة الجارية، وهذا الرصيد الهائل من المحبة الذي لا ينضب، والف تحية لكل الامهات الفلسطينيات داخل الوطن المحتل وفي مخيمات المنفى والشتات…رمضان كريم،
شبكة المدارالإعلامية الأوروبية…_
Average Rating