كتب الفنان التشكيلي الليبي_ رمضان أبو راس
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_في حضور سالم وحليمة وغياب عادل وسعاد معرض حلو بطعم الحلوى الطرابلسية طرابلس عروس البحر عروس الجمال والبهاء تحتفي على مدار أكثر من شهرين بعديد الفعاليات الأدبية والثقافية إحداث هامة ومعارض فنية كثيرة تدل على وفرة الإنتاج الفني وكثرة الانشغال والاشتغال بالفن وبالهم الثقافي.
اليوم أصبح هناك أيام وليالي ثقافية وفنية وجمهور غفير يتابع هذا الانجاز النوعي ليل ونهار زخم كبير يعم المكان ويوثث الزمان بما يبقى في الذاكرة الجمالية من صور سنتحدث عنها من باب التأكيد على أهميتها فقد شهدت مدينة طرابلس المدة الماضية ما يقرب من 10 معارض متتالية ومتزامنة في بعض الأحيان فتنتابك الحيرة ويضغط عليك عامل الفرجة لمتابعتها والمرور عليها وزيارتها بداية من معرض الصراع مع الشمس بدار الفنون للفنان حكيم مادي وقبله معرض باليتا ومعرض نداء الماء ليوسف افطيس ونجلاء الفيتوري ببيت اسكندر للفنون وقبله معرض موزاييك بدار الفقيه حسن ثم معرض دار الخزين الذي نتحدث عنه اليوم تليهم خمسة معارض أخرى تبدءا بمعرض ضي للصور الفونغرافية لأحمد الغرياني ومعرض ضفاف اللون لبلقاسم المشاي ومعرض مواهب الرسم والتصوير ثم معرض السحارية بدار عبدا لله كريسته ونختمها بأخر المعارض وأروعها معرض دمى للفنان جمال الشريف ببيت اسكندر للفنون ومعارض ضفاف التي تقيمهم الجمعية الليبية لفنون التشكيلية بدار الفقيه حسن برعاية حكومة الوحدة الوطنية ضمن مهرجان ليالي المدينة بمشاركة عدد كبير من الفنانين التشكيليين
كل هذا الزخم المبهر يخلق حيوية ونشاط ثقافي في طرابلس ويقدمها ارض معارض أو ما يشبه متحف كبير يضم مجموعة أروقة تقام فيها عدة معارض متنوعة متزامنة مع أنشطة ثقافية أخرى تحدث اليوم عبر ليالي المدينة حيث ستنطلق عدة معارض جماعية أخرى في هذه الليالي الرمضانية الساحرة تؤكد جميعها على أهمية الإبداع الليبي الذي يحتاج اليوم أكثر من الأمس بان تلتفت إليه الحكومات ومؤسسات الدولة وتعيد النضر فيه بأولوية وجود المتاحف وقاعات العرض في كل المدن الليبية وإقامة المتحف الليبي للفنون التشكيلية الذي حان موعد ميلاده .
وحديث اليوم سيكون انعكاس لمعرض دار الخزين الحلو بطعم الحلوى الطرابلسية والفريد من نوعه الذي أقيم برعاية جهازا دارة المدينة القديمة بالتعاون مع شركة الحارث للتحف والمقتنيات ونون للفنون وفنان البوب أرت الليبي علا بودبوس والفنانة هادية قانا
دار الخزين الجميلة التي يحيلك معرضها إلى ذكريات الطفولة والشباب في بدايات تلمس المعرفة بحضور سالم وحليمة هذه الثنائية التي شكلت وشحنت ذاكرتنا بالعلم والمعرفة وبأساليب سلسة سهلة ورشيقة لمنهج تربوي اعتقد بأنه حقق الكثير من اهدافة .
لتجدد فيك الحنين لملامسة كراسات النور ومصافحة سالم وحليمة في غياب عادل وسعاد وبقية أصدقاهم الذين كانوا لا يمتلكون أجهزة الحاسوب ولا الآي باد ولا البلاستيشن والعاب الهواتف الذكية التي نعاصرها اليوم إلا من حقائب ثقيلة يناديك الحنين لها مضغوطة تقسم الظهر محشوة بكتب يوم كامل من الدراسة حقائب تفقد عجلاتها المجرورة .
مشروع دار الخزين الجمالي كان دسما بمعروضاته وذاكرته المجتمعية خصب بأفكاره ورؤاه يمثل بحث جمالي فني ثقافي واجتماعي تلامست فيه وتشعبت خطوط ذاكرة الصورة بين المشاهدة والعودة إلى التاريخ الذي شمل التجارة والصناعة والزراعة توزعت مشاهد أثره عبر جغرافية هذا الوطن كما عرضت في أجنحة المعرض .
قاعات عديدة تزينت حوائطها بأغلفة كراسات النور بألوانها الفاقعة ومربعاتها الجميلة لمعرض يقتفي اثر حضور أسماء ليبية كان لها شانها في عالم التجارة والصناعة والزراعة شخصيات أسست لاقتصاد وطني كان يشق طريقه للنهوض عبر شركات ليبية مساهمة عاصرنا الكثير منها فكان بمثابة وثيقة فنية لإعلانات بطباعات اللون الواحد توزعت ووضعت هنا وهناك صور لإعلانات الأغاني والأشرطة المسموعة ودعوات محلية عبر ذاكرة اجتماعية واقتصادية وثقافية مثل بعضها طفولتنا وبعضها مرحلة شبابنا فبمشاهدة راديو الكرتون الصيني يلفك الحنين إلى سماع نغمات ساعة بج بن يعقبها أثير نبرة صوت هنا لندن وبرنامج عالم الظهيرة عند قيلولة وعقب غداء لذيذ تحت ظل توتة اوزيتونة في ذلك الريف الليبي الجميل محفوفة بشربة من ذلك الشاي الأخضر اوالاحمرالذي ترتكن صناديقه وتتوزع بعلاماتها في هذا المعرض بشكل جميل فتعيدنا الذاكرة إلى سماع رشفات الحصادة وأحاديثهم المسائية وصورة لمه العالة والعائلة الليبية حول براد أو سخان الشاي الأزرق المطلي . كل ذلك سجلته ذاكرة دار الخزين فتتعثر عينك بعلامات مصنع (الرجية ) مصنع الدخان الحاضرة بقوة وبصور عديدة لدخان الغرياني والجفارة وأطلس وأخرها السبورت أو الرياضي المعروف الذي دوخ الليبيين إلى هذا اليوم وجعلهم يستوردونه من الصين عبر النيجر كل ذلك سجلته ذاكرة دار الخزين المتزينة بمخدات طبعت عليها وثائق مصورة لمشاهد من الحياة والصناعات الليبية شراشف وستائر بوسترية جميلة متدلية شفافة تسر الناضرين اشتغل عليها منضم المعرض بلغة الفن المعاصر تدلت لتذكرنا بجماليات حبل الغسيل الليبي الذي نفتقده اليوم ولم نعد نلعب الكرة لطائرة على جانبيه في فظاءات أريافنا الطاهرة الجميلة ولا نشاهده على شرفات عماراتنا في حضور مجفف آلات الغسيل العصرية
.اعرف بان للشامية الليبية والشمعدان اثر طعمهما ورائحتهم المميزة في هذا المعرض فقد سجلا حضورهما بقوة في ذاكرتنا الشعبية التي كانت تتغنى بجماليات الشمعدان في كل مكان كما يسجل المعرض الذاكرة الجمالية والدعائية للكثير من الصناعات الليبية بداية من علامة صناعة الطماطم ريم والمنصورة وعلامة الفلاح الليبي الذي تزين وسطه بحزامه الأحمر الجميل فكان يمثل لوحة تشكيلية كنا مغرمين برسمها في تلك الفترة إلى عصائر الفواكه ومصنوعات شركة المعمورة إلى تصميمات مصانع الألبان ومصانع المشروبات المختلفة مرورا بمشاهدة ألوان علب تعليب ألتن بلونها الأصفر الفاقع لمصنع جنزورومصنع مرسي زواغة وصبراتة وتنارات زليتن وقصر حمد .
فمن المعرض تستمد الذاكرة حضورها لمشهديه يوم ( مطانسة )كبيرة كنا نحضرها عديد المرات لصيد وفير بمرسى زواغة وصورة ذلك السرادق المتدلية فيه اسماك التن مربوطة بحبال تنتظر تقطيعها ووصولها إلى الفرن والي البهو والفضاء الذي تتكدس فيه مئات العلب المصنعة الخارجة لتوها من( الفاقون )الساخن تحفها طقطقات ورشفات ماكينات قفل العلب وصور مشاهد لعمال لن تمحى أسمائهم من الذاكرة تعطرت ملابسهم برائحة ألتن وزيت الزيتون الوطني لمحصول وفير وصل لتوه عبر قوارب كبيرة تمخر عباب البحر تجلب اسماك ألتن العملاقة وأصوات أهازيج بحارتها الكرام متحزمين برشا أو حبل غليظ تصاحبهم قوة وجسارة قل نضيرها على ركوب مخاطر البحر لكسب رزق حلال وثقت بعضه قناة الجماهيرية في ذلك الوقت .
فدار الخزين كان معرض وحوار وحديث غير مباشر مع النفس يتحسسه كل من عاش وعاصر أحداث وتجارب تلك الفترات هوبمثابة قاموس أوثيقة هامة لمعرض تغرف منه العين ابهى الصور الجمالية وتعود من خلاله الذاكرة الى اعتاب الستينات والسبعينات وربما قبل ذلك كيف لا وقد تشكل نسيج الرؤية فيه من كل هذا وذاك في حصاد تتأسس فيه بنية الوطن الثقافية وتعمل على ربط الأجيال يبعضها .
فإذا كانت دار الحزين بمعناها الليبي العادي هي دار (الريبو فيكيا )فهي هنا اليوم دار الإبداع في علاقات فنية تم توظيفها بأساليب حديثة متعارف عليها عالميا وشكل جداريه ذاكرة هذا الوطن ويؤكد بأن الفنون منبر ثقافي يوثق بصريا وجماليا ذاكرة هذا المجتمع ويسهم في تنمية عقول الناس استشرافا لمستقبل زاهر إن شاء الله ويفتح نوافذه المشرعة على تاريخ خصب في أكثر جوانبه بخطوات فنانيه وبعزيمة أبنائه الصالحين .
وشكرا مرة أخرى لكل فريق معرض دار الخزين .
(المطانسة )مصطلح متعارف عليه لدي البحارة وقد تكون كلمة ايطالية تمثل كامل عملية صيد اسماك التن في عمق البحر ووضعهم في القوارب حتى الوصول للمرسى
(الفاقون )هو العربة الحديدية التي تدفع يد
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_
Average Rating