ملخص عن البحث المقدم للنشر بعنوان “التكرار في الهواجس الشعرية دراسة فاعلية نقدية لملحمة (أشجان التحية والسلام) نموذجاً” أ. د.هدى رجب محمد إبراهيم العبيدي المتخصصة في التحليل والنقد الأدبي وعميد مدرسة اللغات بالآكاديمية الليبية
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …._يتناول البحث العلمي تحليل ملحمة شعرية بعنوان “أشجان التحية والسلام” من المجموعة الشعرية الثانية (المفردات) للشاعر السوداني عبدالرؤوف بابكر السيد، الصادرة عن دار النشرالمصرية (آفاتار) عام 2019م ومتوفر إلكترونياً عبر موقع (أمازون).. يهدف إلى استكشاف فاعلية النقد الأدبي للعمل الشعري، وفهم هواجسه وفلسفته الحياتية ( مبدعاً ونصاً ومتلقياً).
يبدأ البحث بمقدمة تتحدث عن صعوبة دراسة النص الشعري الجديد، حيث يتمتع ببنية غير تقليدية ولغة مبتكرة تعبر عن تجارب وهموم الإنسان المعاصر في عالم متداخل ومتصل. ويشير البحث إلى أن الشعر الجديد يحتاج إلى نقد يتجاوز الأُطر التقليدية ويستخدم أدوات تحليل مبتكرة.
يتم تطبيق منهج (التحليل الفاعلي) المنبثق عن رحم (نظرية التحليل الفاعلي نحو بناء عقل الإنسان) لصاحبها (د.الشيخ محمد الشيخ)، ومهَّد لها (د.عبدالرؤوف بابكر السيد) في كتابه (النص الأدبي بين الاستلاب والفاعلية) له طبعتان الأولى عن مطبعة جامعة التحدي سرت عام 2007م والثانية عن دارالنشر المصرية (آفاتر)عام 2019م، حيث تم التركيز على بنية فاعلية النص، وتأثيره على المتلقي بمختلف بنيات عقله (الأولية التناسلية والمادية البرحوازية والمثالية الخلّاقة) ، وأيضاً من خلال تصنيف بنية تعقل المبدع التي يحتازُها أثناء كتابته للنص شعرياً كان أو نثرياً، لأن بنيات العقل في حالة (تنازر) أي ؛ (تآزر + تناحر) . يتم استعراض ملحمة “أشجان التحية والسلام” وتحليل الأشكال والتكرارات المستخدمة في النص، وخاصة تكرار بعضٍ لكلمات محددة، تتجاوز العدد المألوف؛ ككلمة (السلام) التي تكررت (165) مرة على مدار الملحمة ، والتي كانت سبباً رئيساً استفز الباحثة وحثها على التأمل، فما الفلسفة التي تكمن وراء هذه المُكنة؟؟؟
ولماذا تم استخدامها كأسلوب تربوي أبوي آمرٍو ناهٍ؟؟؟؟
مستثمراً أدواره كأستاذ جامعي، وموجهٍ ، ومؤلفٍ لكتبٍ نقدية ؛ وشاعرٍ يلجأ إلى الشعر وسيلةً يختزل بها ملخص تلك الفلسفات، فالشعر في نظره نمط تعبيري خطير، مُحبب يجسد الواقع، ويعبر عنه بشكل أسرع ومؤثر، وربما يساهم في إعادة تفسير الواقع وتشكيل فلسفة جديدة له. ومن ثم يأتي التحليل النقدي بمنهجيةٍ، تم استخدامها بأنماط تعبيرية أدبيةٍ، معجمها اللغوي يُسهّل رسم معالم الجيل وثقافته وهمومه، وواجباته التي تحتم عليه الفاعلية وهى (الحب والخير والعطاء الشامل دون مقابل )كما عرّفها صاحب نظرية التحليل الفاعلي للبنية (الخلّاقة).
يتم استعراض مقتطفات من النص الشعري وتحليلها، مثل كثرة استخدام (الفعل المضارع) فهي تعكس قلقه واضطرابه من الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي، وتكرار بعض من المفردات بعينها وتوظيفها في مواطن مختلفة ، وكيف يترجم ذلك هوس الشاعر بقضية بعينها، وهمومه ووهواجسه و مشاعره المتناقضة. هذه القصيدة استطاعت_ محور الدراسة أن تعكس الصراع الداخلي والاضطراب الذي تواجهه الذات البابكري في التعامل مع الواقع، واستخدم الشاعر أسلوباً استفهامياً شاعرياً معقداً للتعبير عن هذا الصراع والاضطراب، ويقارن بين الذات الشاعرة والواقعية القاسية، ويشير إلى عدم تشابههما وعدم وجود قواسم مشتركة بينهما. ومع ذلك، يعتبر الشاعر أن الذات الشاعرة والواقعية هما جزءان من مشروع نهضوي، يسعى الشاعر لتحقيقه من خلال إثراء الكون والتأثير عليه بمختلف الصُعدِ والأبعاد. تمكّن الشاعر بثقافته الموسوعية من استخدام اللغة بطريقة متقنة ومبتكرة للتعبير عن هواجسه وأفكاره باستخدام الصور البيانية والتشبيهات؛ لنقل حالة الكر والفر، والرغبة في التفتح والانكفاء، وحالة الاكتفاء والانغلاق ، التي يشعر بها الجيل الحالي، ويعتبر الاستخدام المبالغ فيه للمضاف والمضاف إليه ؛ علامة غنائية و نفسية تبرر تلك الاستخدامات، كوسيلةٍ لغاية معينة. كانت من أهداف البحث الرئيسة الإشارة إلى أهمية الشعر في تجديد قيمة اللغة والتعبير بشكل فريد. بينما يحافظ النثر على استمرار المعنى في الكلمة. يقوم الشعر بتجديد هذه القيمة من خلال استخدامه لوحدات اللغة الجزئية وتشكيلها بطريقة فنية خاصة، حيث يعمل الشاعر على خلق عوالمه الخاصة ونقلها من خلال اللغة الشعرية، وبذلك يتجاوز حدود البنية المستقلة للكلمة، ويعكس قدرته على التأثير والتأثر. فالأدب، وبشكل عام، يمكن اعتباره بنية فاعلية لغوية، حيث ينتمي إلى الفضاء الرمزي أو التخيلي كشكل من أشكال الواقعية الفاعلة. ويعبر عن تجارب المبدع وآرائه وقضاياه من خلال استخدام اللغة وتشكيلها بطرق مبتكرة وجذابة، وبذلك يعطي الشعر والأدب قيمة إضافية للغة ويساهمان في إثراءها وتجديدها. على سبيل المثال، يمكن أن يستخدم الشاعر الصورة الشعرية والعلاقات الجديدة بين الكلمات؛ لخلق تأثيرات مبهرة وإيصال مشاعر وأفكار عميقة، ويعتمد ببنيته التي يحتازها على تاريخ المجتمع والعوامل النفسية المؤثرة في قصائده، مع مراعاة الرقيب الداخلي لكل الضوابط القمعية من سياسة ومجتمعية ظالمة وخلق توازن بينها وبين أوامر ونواهٍ دينية تفرض على الإنسان الانصياع راغباً حباً وطواعية، والتفريق بين النص القرآني المقدس الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وبين النصوص التراثية المتراكبة والتداخلة والمتراكمة عبر العصور، والتي تشكل ثقافة مبدع النص شعراً أو نثراً، ليأتي اختيار منهج القراءة الفيصل في الاستظهار والتشخيص، وتم لجوء الباحثة إلى استخدام منهج التحليل الفاعلي تحديداً كمنهجٍ نقدي يبحث عن قصدية النص بشكل أعمق من خلال تنازر بنيات الوعي الأساسية المشكلة للنص الأدبي (المبدع النص _ المتلقي).
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …._
Average Rating