الكاتبة. جميلة الميهوب ((ليبيا))
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_بحر أسود يتمايل بحزن مع صوت البكاء والنواح. الأسود يغطي الجنان والدروج وفراندة البيت المرتفع.
لا أستطيع أن أتذكر من إصطحبني بالسيارة إلى هناك. أذكر أني قبلها كنت مع شهدي في غرفتي بالطابق العلوي. بيتنا كان خالي. كل أبوابه تُركت مفتوحة. صوت بكاء. إمرأة دخلت جنان بيتنا تبكي. سمعنا صوتها تبكي. إلتفت شهدي ناحية الصوت بتركيز. بدهشة طفل تائه. بحزن عميق. بيقين وهدوء, بكل ما عجِزتُ حتى هذه اللحظة عن إستيعابه من طفل لم يتجاوز الثلات سنوات ونصف، تلفت شهدي ناحيتي وقال: ماما ماتت. ماما ماتت.
وجدت نفسي وسط ذلك البحر. لا أذكر من السواد الذي يلفني إلا وجه عايدة. سيارة سوداء وصلت. لا أدري ولا أذكر ولم أر من أخرج التابوت منها. التابوت وسط الصالة. لا أذكر كيف دخلت. كل حواسي تعطلت. دقات قلبي توقفت. اشعر أني مت تلك اللحظة. من أخرج التابوت لا أذكر. أذكر فقط أني كنت واقفة في الفراندا. في المكان اللي كانت آمال تودّعني منه. كنت واقفة نودّع في آمال. نعش آمال يطير. رأيته يطير. آمال تسبق من يحمل نعشها. النعش أسرع من خطوات حامليه. من يحملون النعش يحاولون اللحاق به.
حتى هذه اللحظة وبعد أكثر من خمسة وعشرين عام لم أستطع ولم أرى قبر أختي. سمعت أنه في ركن بعيد من المقبرة تحيط به وتغطيه الأشواك والأوراق اليابسة.
ليلة وداعها شفتها في منامي. آمال واقفة في بلكونة عمارة جديدة. آمال الجميلة كانت أكثر جمالاً وبهاء. ترتدي فستان زهري وشعرها الجميل على اكتافها. كانت تتلفت يمين ويسار وكأنها تبحث عن شخص ما. ناديتها: آمااااال.. آماااال…
تلفتت ناحيتي وعلامات الإرتياح بادية على وجهها : ما تنشغليش جميلة. بيتي حلو ياجميلة. بيتي الجديد مُريح. أني مرتاحة مرتاحة بس قاعدة نستنى.
ورجعت تتلفت يمين ويسار
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_
Average Rating