عزالدين عبدالكريم
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_غادرنا زميل عزيز ، إذاعي عرفه المستمعون و المشاهدون عبر أعمالٍ تميزت بأنها متخصصة في تحفيز المتلقين ، و ربط الصلات بينهم و بين الإذاعتين المسموعة و المرئية ، زيادة عن العطاء الخدمي المعتاد من تقديم الأخبار و غيرها ، و رغم أنه جمعنا مرفق واحد ، إلا أن الصلة توطدت عندما كنا نلتقي يومياً في إذاعة طرابلس …. ذلك هو ابولقاسم البوسيفي …
كان بمجرد رؤيته لي ، تتهلل أساريره بابتسامة عريضة ، استعداداً لمشاكستي له ، و لتجلجل بعدها ضحكاته في المكان بعد أن أبادره بالحوار المستفز …
كان متميزاً بخُلقٍ فريد ، و هدوء يكاد يلغي الإحساس بوجوده في المكان ، و حتى في اللحظات التي كان يريد فيها أن يثور لأي سبب ، فلا نحس بحِدة ثورته كما يريدها هو أن تصل ، و سرعان ما تنقلب ثورته إلى ضحكات لمجرد سماعه تعليقي ، الذي لا ينسجم مطلقاً مع ثورته ، و ينطفئ غضبه حتى يكاد ينساه في دقائق … و ينسى حتى ما كان يثيره في الأساس ….
بدافع حبي العارم له ، لم أنفك عن مشاكسته و استفزازه ، و أكبر المفاجآت له ، عندما يشعر بأنه تخلص مني عندما أدخل إلى الاستوديو ، لأتحول إلى إنسان جاد يتحدث مباشرة على الهواء للمستمعين ، فيسترخي في مقصورة المراقبة ، صحبة الزملاء … وذات مرة ، أخذه الاسترخاء لقراءة الصحيفة ، و بدأت أنا الترحاب بالمستمعين في بث يمتد لساعات طويله … و كنت أضع المستمعين في صورة المشهد المعاش في الأستوديو عبر وصف حي غير مبرمج و تلقائي ، و عندما رأيت الصحيفه و كنت أعلم أنه وراءها يقرأها … أخبرت المستمعين على الهواء بأن ” بلقاسم البوسيفى ” يمسك الصحيفة رغم أنه قد قرأ الصحافه … و رأيته منفجراً بالضحك ، لما عرف أنني لا أتركه بسلام …. حتى و أنا على الهواء …
كانت حياتنا مليئة ببهجة الحب و الوئام رغم كل الظروف ، نستمد سعادتنا من إسعاد المستمعين ، و كان التعاون ديدننا ، فلا يقف أحد عند برنامجه فقط ، بل نكون صفوفاً مجندة لخدمة بعضنا البعض ، و مؤازرة كل زميل أو زميلة يحتاج أو تحتاج لأي جزئية من جزئية العمل …
كنت أتواصل معه منذ شهور ، و لم يخبرني بصحته المتردية ، بل كان يعرض خدماته أحياناً … و بهذا قلل أمواج اللوعة عندي التي كنت سأشاركه إياها … فشكراً لك ” بالقاسم ” …. لكن الفقد زاد من نشاط الإلتياع مؤخراً ، بما يُخلفه من آثار معروفة …
لا يضيرك النكران يا عزيزي ، و لا تبتأس لألمك على الأرض يا صديقي ، ألمك ، الذي لم تجد من يراعيه ، فالسَفلة يملئون الأمكنة حيثما تولي وجهك في هذه البلاد … و يكفيك نصراً و بهجة بالأمكنة التي حجزتها في القلوب من البسطاء من أهلنا … الذين لن ينسوك …
الدعاء لك بالرحمة و المغفرة ، و العزاء لأهلك و ذويك ، وأنا بعضٌ من أهلك … ولو فرقتنا الأيام و الظروف … التي نحمد الله عليها في كل حال …
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_
Average Rating