الذكاء الاصطناعي” عامل أساسي لمحاربة فيروس كورونا .. الصين أنموذج
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_والذكاء الاصطناعي (AL) هو تقنية متقدمة لمخرجات تحاكي الذكاء البشري تتعامل معها أجهزة الحاسبات المختلفة لأداء مهام متعددة كفهم الأسئلة والإجابة عليها وتحليل البيانات والمعلومات إلى جانب الوظائف الحركية والكثير من المساعدات الآلية للإنسانية، وذلك وفقًا لشركة أوراكل الأمريكية التي تشير إلى أن حجم الإنفاق على تطبيقات الذكاء الاصطناعي ستصل في 2021 إلى نحو 57.6 مليار دولار أمريكي، بينما يقدر معهد McKinsey Global أن تسع وظائف تجارية فقط من هذه التقنية تمتلك القدرة لتحصيل من 3.5 إلى 5.8 تريليون دولار .
الذكاء الاصطناعي.. تكنولوجيا وظفتها الصين لمحاربة كورونا
أظهرت الصين تفوقًا عالميًا في السيطرة على انتشار فيروس كورونا من بؤرة تفشيه بمدينة ووهان عاصمة مقاطعة هوبي بوسط شرق البلاد، مسجلة عدد وفيات أقل من إيطاليا، على الرغم من كونها المُصدر الأول للوباء، ففي ظل استمرار نصف البشرية -وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية- قيد العزل المنزلي إلا أن بكين تنشر عبر إعلامها الرسمي سواء شبكة شينخوا أو الصين أن الحياة في ووهان عادت إلى طبيعتها تدريجيًا، وأن حوالي 98% من الشركات الصناعية بجميع أنحاء البلاد قد استأنفت أعمالها، مُرجعة ذلك إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تفوقت في استخدامها لمحاربة الجائحة.
وفيما يلي بعض الأدوات التي وظفت من خلالها بكين تقنية الذكاء الاصطناعي في محاربة الفيروس:
أولا: كاميرا التصوير الحراري
تعتمد تلك الكاميرات المتعددة الإصدارات بشكل أساسي على الذكاء الاصطناعي إذ ذكرت وكالة شينخوا الصينية أن السلطات طلبت من الشركات العاملة في هذا المجال مثل علي بابا وميجفي وguide infrared ، guide sensmart، تطوير هذه النوعية من كاشفات درجة الحرارة كبديل عن مثيلاتها المحمولة لتقليل مسافة الاتصال بين الأشخاص، فهي تستخدم الأشعة تحت الحمراء غير المرئية للعين المجردة للكشف عن درجات حرارة المواطنين على بعد يتخطى ثلاثة أمتار بنسبة خطأ لا تتعدى 0.3%، وذلك للتعرف على أصحاب درجة الحرارة العالية أو من تتخطى أجسادهم درجة 38 كونها أهم أعراض الإصابة بوباء كورونا.
وتتيح الأجهزة التي نشرتها السلطات الصينية في كافة أرجاء البلاد إرسال تنبيه تلقائي للموظفين في حالة إصابة أي مواطن وسط الحشود بالحمى، كما يمكنها رصد الحمى لحوالي 15 شخص في الثانية مغطية مساحات جغرافية أكثر اتساعًا، كما يمكنها رصد أولئك الذين لا يرتدون الكمامات.
ومن الأشكال الأخرى التي طورتها الشركات الصينية لكاميرات التصوير الحراري، ذكرت الديلي ميل أن شركة (Rokid) استطاعت تطوير نظارات ذكية تستخدم تقنية التصوير الحراري ليرتديها ضباط الأمن لمراقبة درجة حرارة المئات من الأشخاص عبر إشارات تكنولوجية متطورة.
ثانيًا: التعرف على الوجه
تبقى تقنية التعرف على الوجه متغير مهم ومشترك مع أغلب الأدوات التي استخدمتها الصين فهي مرتبطة أيضًا بالتصوير الحراري لتسهيل التعامل مع الأشخاص وتحديدهم بدقة، كما أن القدرات الاصطناعية توصلت عبر شركة Hanwang Technology Ltd لتطوير التقنية للتعرف على الوجه لمن يرتدون الكمامات.
إذ ذكرت وكالة رويترز عبر نائب رئيس الشركة أن 20 من موظفيها بدأوا في يناير 2020 مع ذروة تفشي الفيروس تطوير الأنظمة للتعرف على الوجه في حالة ارتداء الكمامة التي أضحت ضرورية لتجنب الإصابة، وذلك باستخدام قاعدة بيانات ضخمة للوجوه والمعلومات الشخصية.
ثالثًا: الطائرات بدون طيار (الدرون)
تعد الدرون من أهم تقنيات الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها الصين للسيطرة على انتشار الوباء بأرضها، إذ استخدمت هذه الطائرات طبقًا للمنتدى الاقتصادي الدولي في رش المبيدات المطهرة لتعقيم الأسطح المختلفة في البلاد، لضمان تغطية جغرافية أوسع وأسرع.
كما استخدمت في توصيل الإمدادات المختلفة للسكان لتقليل الاتصال إلى أقل قدر ممكن، فعن طريقها سلمت السلطات إلى المواطنين المواد الغذائية والسلع المهمة والأدوية لضمان سرعة التوصيل والأمان، إلى جانب نقل العينات الطبية لتحليلها في المعامل والمستشفيات دون الاختلاط وللتغلب على توقف وسائل النقل والمواصلات في ذروة تفشي المرض.
بينما قالت فوربس أن الصين استخدمت الدرون لإحكام سيطرتها على المواطنين ومراقبة التزامهم بالتعليمات من عدمه من حيث المكوث في المنازل وتجنب التجوال بالشوارع، فضلاً عما أكدته شبكة البي بي سي بأن الطائرات بدون طيار حملت في أحد أنواعها كاميرات التصوير الحراري لتغطية عدد أكبر من المواطنين.
رابعًا: الإنسان الآلي (الروبوت)
يبقى الروبوت من أحد أهم الأدوات التي قللت من انتشار العدوى بين المواطنين وبالأخص لاستخداماتها المتعددة في المستشفيات والمراكز الصحية، إذ ذكر موقع CNBC أن المستشفى الميداني الذكية التي افتتحتها الصين في مركز هونغشان الرياضي في ووهان في 3 فبراير 2020 اعتمدت بشكل أساسي على تقنية الروبوت.
وساعد الإنسان الآلي على توصيل الطعام والأدوية بين ممرات المستشفى إلى المرضى لتخفيف الأعباء على الطاقم الصحي، ونفذ عبر أساور متطورة ارتداها المرضى عمليات مراقبة لدرجات الحرارة ومستوى الأكسجين وضربات القلب وإرسال العلامات الحيوية للمحتجزين إلى الفريق المعالج عبر دوائر تكنولوجية.
علاوة على ذلك، عمل الإنسان الآلي على تطهير المستشفيات وتدمير الحمض النووي للفيروس في المناطق التي تعامل معها المصابين، كما استخدم لذات الغرض خارج المستشفيات لضمان تعقيم أكبر عدد من المدن.
خامسًا: أنظمة جي بي اس
عبر الهواتف المزودة بنظام تحديد المواقع (GPS) ذكرت صحيفة آسيا تايمز أن الصين استطاعت تسجيل خط سير دقيق للمستخدمين مكنها من معرفة الأشخاص الذين يشترون أدوية للعلاج للهروب من المكوث في الحجر الصحي إلى جانب تحديد سلسلة انتقال الفيروس عبر البشر.
وتنتشر تطبيقات (GPS) مع قاعدة محكمة لبيانات المواطنين تمكن الحكومة من معرفة التزام الأشخاص بالبقاء في منازلهم من عدمه، مستخدمة لذلك أيضًا وفقًا لفوربس الأسورة الإلكترونية بالمشاركة بين التقنيتين لإحكام سيطرتها على الشعب وتحجيم انتشار الفيروس.
سادسًا: دوائر التليفزيون المغلقة
وما يزيد من سيطرة الصين على الأوضاع هو استخدامها للدوائر التليفزيونية المغلقة (CCTV) إذ تقول صحيفة الاندبنت أن بكين نشرت في أكتوبر 2019 حوالي 170 مليون كاميرا بذات التقنية بمعدل كاميرا واحدة لكل 12 فرد في الدولة.
سابعًا: التشخيص المحوسب
ذكر موقع (South China morning Post) أن غالبية النماذج المتطورة التي قدمتها الشركات التكنولوجية بالبلاد لخدمة القطاع الصحي تعتمد على استخدام الذكاء الاصطناعي في تشخيص المرض لمساعدة الأطباء حال زيادة عدد المرضى.
إذ طورت شركة (ping An Technology) جهاز للتنبؤ بتفشي المرض بمعدلات دقة تصل إلى 90%، كما تعاونت الشركات العاملة في مجال الاتصالات لمعاونة الأطقم الطبية على تحليل بيانات التصوير المقطعي المحوسب (CAT) لتشخيص الفيروس التاجي.
فيروس كورونا صدمة عالمية
أحدثت أزمة تفشي فيروس كورونا صدمة عالمية كبيرة رغم التقدم الطبي المتزامن مع ظهورها، ولكن بقي الجدل مرتكزًا حول تجارب الدول في التعامل معها، وماهية الأدوات التي استخدموها للسيطرة على انتشار الجائحة وبالأخص عبر الذكاء الاصطناعي وما ارتبط به من متغيرات عدة كالخصوصية، ومعايير تداول البيانات الشخصية، وقيم الحرية والالتزام، إلى جانب مصداقية المعلومات الإعلامية الصادرة عبر أجهزة الإعلام والسياسة، وتوظيف التكنولوجيا في الدعاية السياسية للأنظمة.
بيد أن ما أظهرته الأزمة حتى الآن هو اختلاف تجارب الدول اعتمادًا على ما سبق ذكره من متغيرات، فالتجربة الصينية في مقاومة فيروس كورونا يبرز بها ظواهر مختلفة، أولها أن الدولة كانت تسعى منذ سنوات لريادة مجال الذكاء الاصطناعي في التخصص الطبي وهو ما مكنها من التعامل بحرفية مع الأزمة إذا صدقت تقاريرها بالأساس، فمنذ سنوات تعمل بكين جاهدة عبر شركاتها العملاقة في هذا المجال على عمل قاعدة بيانات محكمة تمكنها من التشخيص، وصناعة الروبوتات للرد على استفسارات المرضى والتعامل معهم خلال الفحوصات بالأشعة وقراءة النتائج وتحليلها.
ونتيجة للرؤية المبكرة لأهمية استخدام التكنولوجيا الجديدة في الرعاية الصحية تمكنت بكين من تطويع أدواتها للسيطرة على الأزمة، ولكن ما أفرزته من نتائج (وفق بياناتها) بالتأكيد له عوامل مساعدة قد تكون السبب في نجاح التجربة بعكس تقدم أقل لتجارب أخرى، وتكمن أهم العوامل المساعدة في البيانات المعتمدة على النظام السياسي القائم على الحزب الواحد وتنحية المعارضة ما جعل الدولة أكثر قدرة على تنفيذ رغبتها دون مقاومة تذكر من حيث زرع كاميرات المراقبة في كل مكان والتعامل مع المعلومات الشخصية بغير مراجعة شعبية.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات