لماذا القداسة …؟
محمد ماجد ديُوب
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية
…_يُعرّف إيريك
فروم منطق القطيع في كتابه جوهر الإنسان على النّحو التّالي :
المنطق في عرف القطيع إن لم يكن عنده
بالكامل فعلى الأقلّ عند الغالبيّة السّاحقة منه هو التّوافق على أمرٍ ما إن كان
صواباً أو خطاً أي أنّ المنطق هو الإجماع وهذا ينسجم مع ماورد في الأثر عن الرّسول
محمّد ما اجتمعت أمّتي على باطل ويراه المسلمون أثراً صحيحاً لتثبيت مايرونه هم
صحيحاً أعني رعاة القطيع من سياسيّين وأدواتهم من رجال الدّين هنا نرى أنّ هذا
الإجماع هو كلّ أمرٍ في الحياة بلا استثناء سواءٌ أكان على صوابٍ أو على باطلٍ كما
أوردنا سابقاً حسب رؤية هذا القطيع له من زاوية مصالحه الفرديّة الضيّقة جدّاً
وعلى الأخصّ رؤية رعاة هذا القطيع للأمر ومدى استفادتهم منه في استمرار سيطرتهم
على القطيع لذلك يعملون على ترسيخ هذا المفهوم للمنطق وإمعاناً منهم على ضرورة
ترسيخه يُطلقون صفة القداسة على القسم الأكبر والأكثر نفوذاً ( بين القطيع
) من رعاة القطيع أنفسهم من سياسييّن أو
من أدواتهم رجال الدّين هنا لابأس من المقارنة بين جبر المنطق الرياضيّ ومنطق
أولياء القطيع من خلال المثال التّالي :
يقول جبر المنطق أنّه
:
إذا كانت القضيّة ( س ) خاطئةً وكانت
القضيّة ( ع ) صحيحةً فإنّ الحاصل الكلّي لجملة القضيّتين ( س ) و ( ع ) والذي
نسميه القضيّة ( ص ) صحيحةٌ……لكن ماذا يقول منطق القطيع ..؟
يقول منطق القطيع
:
مابُني على باطلٍ هو باطلٌ .أي أنّه
عندما تكون ( س ) خاطئةً و تكون ( ع ) صحيحةً فإنّ جملتهما القضيّة ( ص ) تكون
خاطئةً
هذا يعني أنّ المنطق في جبر المنطق
على تعاكسٍ تامٍّ مع منطق القطيع ولنرَ عبر هذا المثال كيف يكون ذلك
لنفترض أنّ هناك فتاةٌ عذراء توّرطت
مع شابٍّ وحملت منه وولدت طفلاً ولم تتجرأ على الاعتراف على أبيه لسببٍ ما هنا من
وجهة نظر القطيع وانسجاماً مع منطقه يكون : مابُني على باطلٍ فهو باطلٌ أي أنّ
المولود هو مخلوقٌ غير شرعيٍّ ووجوده باطلٌ لأنّه بني على باطلٍ وهو العلاقة غير
الشّرعيّة فإن لم يتجرأ أحدٌ على الإفتاء بقتله جسداً تصحيحاً للعلاقة ومنعاً لاستمرار
نتيجتها الخاطئة فهم يقتلونه روحاً وهذا القتل هو الأقسى لأنّه قتلٌ مستمرٌّ استمرار
حياة المولود
أمّا من ناحية حنر المنطق أي جبر
العقل الحرّ فهذا المولود كائنٌ شرعيٌّ كامل الشّرعيّة لايجوز بأيّ حالٍ من
الأحوال الإساءة إليه جسداً وروحاً وهنا لابد من القول بكلّ أسفٍ نحن نجهل أو نتجاهل
عمداً أنّنا جميعاً أبناء أمّهاتنا
ومن المؤلم هنا أنّنا نجد أنّ منطق
القطيع الذي يصرّ على أن يرى أنّ الشّرف بين فخذي الأنثى فقط وليس في رأس الإنسان
بشكلٍ عام
إنّ عمليّة ترسيخ هذا الإجماع بشكلٍ
عامٍّ ليس في مثل هذه الحالة فقط هو من مصلحة رعاة القطيع والتي هدفها الاستمرار
في السّيطرة عليه وتوجيهه في أيّ اتّجاه يرغبونه يساعدهم في ذلك قسمان من أفراد
القطيع :
-قسمٌ هو الأكثر جهلاً وضعفاً وخوفاً
وفقراً إذ يؤّمن لهم الحماية الوهميّة للأسف ضمن القطيع
-قسمٌ هو الأكثر خبثاً وهم الأكثر انشغالاً
بالعمل في الشأن العام أعني الميدان السّياسي وأدواتهم من مثقّفين مزوّرين ورجال
دين
من المؤكّد أنّه لولا إضفاء طابع
القداسة على الكثير من الرموز الدينيّة إسلاميّةٍ و مسيحيّةٍ في هذا الشّرق لما استمرّ
هذا التّخلف وهذه الصّراعات التي بدت وما زالت تبدو وكأنّها صراع آلهةٍ لاتنتهي
وهي في حقيقتها صراعات على السّلطة يبدو أنّ لانهاية لها فاستمرار إضفاء القداسة
على أوهامٍ لاوجود إلا في عقولٍ أغلقت عليها هذه القداسة الأبواب ومنعتها من الانطلاق
في رحاب المعرفة الممتدّة على مدى الكون ودكّ هياكل القداسة على رؤوس حماتها ومن
في حكمهم الذين هم مصّاصو دماء القطيع الحقيقيّين
الحوار المتمدن