أمن المعلومات داخل الاتحاد الأوروبي .. خصوصية البيانات مع جائحة كورونا
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_يواجه العالم تحديات غير مسبوقة في كفاحه لاحتواء فيروس كورونا (COVID-19). وهناك بلدان مختلفة في حالة إغلاق ويجري تنفيذ تدابير طارئة لاحتواء الوباء، حيث تقع البلدان الأوروبية حالياً في بؤرة تفشي الجائحة. و من ضمن هذه التدابير و الإجراءات ، مجموعة من تقنيات و برامج و تطبيقات التعقب الالكتروني لفيروس كورونا و ما تحمله من هذه التكنولوجيا من تدخل في خصوصية البيانات و المعلومات المتعلقة بالمواطنين و المؤسسات على حد سواء.
جهود الحكومات الأوروبية والاتحاد الأوربي لحماية الخصوصية
حذرت 14 دولة أوروبية اليوم من خروق تستهدف مبادئ القانون والديمقراطية والحريات الأساسية في الاتحاد بذريعة محاربة فيروس كورونا المستجد. ويأتي التحذير في أعقاب مصادقة برلمان المجر يوم 02 مايو 2020 على قانون يمنح رئيس الوزراء فكتور أوربان، المعروف بتوجهاته القومية، سلطات واسعة يقول إنه يحتاج إليها لمكافحة تفشي الفيروس. وذكرت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال واليونان وإيرلندا والدانمارك وفنلندا والسويد ولاتفيا وبلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا -في بيان مشترك- “أن اتخاذ الدول الأعضاء تدابير استثنائية لحماية مواطنيها، والتغلب على الأزمة؛ هو أمر مشروع في ظل هذه الحالة غير المسبوقة” ، و هذا ما نشره موقع “الجزيرة نت” في 02 ابريل 2020.
و تشدد فرنسا على حماية البيانات الشخصية لمستخدمي تقنية “التعقب الإلكتروني”، بحيث أنها تأمل في منع موجة ثانية من وباء كوفيد-19 خصوصا عند رفع إجراءات الحجر بشكل تدريجي ابتداء من الـ11 من مايو 2020. ومن ضمن الإجراءات التي من المتوقع أن تتخذها فرنسا هو مراقبة المرضى عن طريق تزويدهم بشرائح للهواتف الذكية محملة بخاصية تتبع. وقد تمت الاستعانة بنحو 4000 شخص لإتمام مهمة “التعقب الإلكتروني” التي أثارت جدلا واسعا بين الحكومة وأعضاء من المعارضة. وردت الحكومة الفرنسية على انتقادات المعارضة عن طريق التشديد على حماية البيانات الشخصية لمستخدمي الخاصية حسب ما ذكره موقع “فرانس 24” في 03 مايو 2020.
الاتحاد الأوروبي.. معضلة التوافق بين تطبيقات تعقب الفيروس و حماية الخصوصية
طوّر الأوروبيون برنامجاً للإنذار لكبح عدوى انتشار فيروس كورونا. الفارق أن أوروبا طرحت نموذجا يحترم البيانات والحرية الفردية، استجابة لخصوصيتها التشريعية. التطبيق يتعلق بمراقبة ومتابعة مواقع الأشخاص الذين عليهم الالتزام بالحجر الصحي عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) ، لكن الأشخاص غير مجبورين على تنزيل البرنامج الأوروبي على هواتفهم الشخصية، وإنما يبقى الأمر محصوراً على “الراغبين” فقط. ونُقل عن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أنها هي شخصياً لا تمانع في استخدامه. وتبقى نجاعة هذا البرنامج مرتبطة بمدى استجابة المواطنين الأوروبيين له، طالما هو غير ملزم ،كما لا يحق لأي شركة اتصالات بتحميل التطبيق سلفاً قبل بيع أجهزة الهواتف الذكية، حسب ما نشره موقع “دوتشيه فيلله ” في 02 ابريل 2020.
وضعت الحكومة الفرنسية لتعقب الأفراد ورصد التواصل مع أشخاص مصابين بفيروس كورونا المستجد، سعيا لاحتواء انتشاره. ورأت اللجنة أن تطبيق “ستوب كوفيد” لتعقب المصابين “مناسب” لكن بشرط تعزيز الضمانات بحماية الحريات وتقييم فائدته بانتظام. ووعدت الحكومة بنشره في فرنسا على أساس طوعي، وبشرط عدم كشف الأسماء، متعهدة بأن يكون موقتا وشفافا، و ذلك وفق ما نشره موقع “مونتي كارلو الدولية” في 26 ابريل 2020.
وقالت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، إنه يجب على دول التكتل التي تستخدم تطبيقات الهواتف المحمولة لاحتواء انتشار فيروس كورونا المستجد أن تضمن اتساق هذه التطبيقات مع قواعد احترام الخصوصية في الاتحاد، وأن تتجنب استخدام بيانات تحديد المواقع الشخصية. وجاءت التوصيات في إطار نهج أوروبي موحد بشأن استخدام التكنولوجيا لمكافحة مرض “كوفيد ــ 19″، وبعد أن طرحت دول عدة في الاتحاد مجموعة من التطبيقات أثارت انتقادات من ناشطين معنيين بالدفاع عن خصوصية البيانات. وقال مسؤول السياسات الرقمية، تيري بريتون، في بيان، إن “وجود ضمانات قوية للخصوصية شرط مسبق لاستخدام هذه التطبيقات” ، وفق الموقع البريطاني “العربي الجديد” في 17 ابريل 2020.
حاول الاتحاد الأوروبي طمأنة مختلف الأطراف حول حماية الخصوصية ، يقول باتريك برايرعضو البرلمان الأوروبي: “نحتاج إلى أن نكون واضحين جدًا بشأن ما إذا كنا نريد ذلك وما إذا كان ذلك مقبولًا أم لا”مضيفا “”هناك افتقار إلى احترام الحقوق الأساسية من جانب مفوضية الاتحاد الأوروبي وأعتقد أنهم بحاجة إلى التنسيق و العمل الجماعي والدفاع عن حقوقنا لأنه لا يوجد تناقض بين معالجة هذه الأزمة بشكل فعال واحترام الحقوق الأساسية”. و يضيف يوهانس باهرك ، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية: “من الضروري أن يكون تثبيت التطبيق واستخدامه أمرًا طوعيًا”. مضيفا : “نريد أن نضمن للمواطنين أنه يمكنهم الوثوق في هذه التطبيقات والواجب احترامها للأمان والخصوصية وأن تكون فعالة حتى يستخدمها الناس، و ذلك وفق ما نقله موقع “يورونيوز” في 16 ابريل 2020.
إجراءات محركات الانترنيت لحماية الخصوصية و أمن المعلومات
اعتزمت شركة غوغل رصد الأماكن العامة التي يتجمع فيها الناس، بهدف المساعدة في مكافحة انتشار فيروس كورونا، وذلك في ظل تفشّي الوباء في عدة دول. وتعهدت غوغل بالمحافظة على خصوصية الأفراد خلال المساعدة في توفير تلك البيانات. وستعتمد الشركة في ذلك على ما لديها من بيانات الأماكن التي تُجمَع عبر تطبيق خرائط غوغل أو غيرها من خدمات الهاتف التي تقدّمها الشركة. وتقول غوغل إنها ستخفي هوية الأفراد التي سترصد مجموع أعدادهم في تلك الأماكن وذلك حفاظا على خصوصيتهم، علاوة على أن مالكي الهواتف لهم حق تقرير عدم الإمداد بالبيانات. كما انتقدت مفوضة شؤون العدل في الاتحاد الأوروبي جوروفا تلك الشركات لما وصفته بالتقاعس عن التصدّي لعمليات نشر معلومات كاذبة، حسب ما ذكره موقع “بي بي سي” في 03 ابريل 2020.
كشفت شركة زوم لمحادثات الفيديو عن تحديث جديد يهدف إلى توفير المزيد من الخصوصية لمستخدميها في إطار محاولاتها لإسكات الانتقادات التي وُجّهت لها مؤخرا. في تقريره الذي نشرته صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، قال الكاتب أندرو غريفين إن الإصدار الجديد من التحديث الذي أطلق عليه اسم زوم 5.0، يضيف ميزة تشفير معقدة تهدف بالأساس إلى حماية الدردشات أثناء مرورها عبر الإنترنت. لكن خبراء الأمن حذروا من أنه ما زال يتعين على الشركة اتخاذ المزيد من الإجراءات لضمان حماية مقاطع الفيديو والمحادثات المتداولة بين الأشخاص، وفي ما نشره موقع “الجزيرة نت” في 03 مايو 2020.
ردود فعل الأوروبيين تجاه إجراءات وقوانين تعقب فيروس كورونا
دعا أكاديميون وناشطون في منظمات المجتمع المدني خلال فترة انتشار الوباء القاتل، إلى ضرورة حماية البيانات الشخصية حين تستخدم التطبيقات الذكية في تعقب المصابين بفيروس كورونا. كما تزايد قلق بعض الأكاديميين بشأن مخاطر المشروع الألماني للتعقب بسبب مركزيته واظهروا دعمهم لمشروع منافس بقيادة سويسرا، والذي يطلق عليه اسم DP3T وهو برنامج لامركزي يراعي كثيرا مبادئ الخصوصية في جمع البيانات واستغلالها. كما أن ما يقرب من 600 عالم من أكثر من عشرين دولة اوروبية وقعوا على رسالة مفتوحة تحذر من أن البرامج التي تستند إلى النظام المركزي مرشحة إلى انتهاك الخصوصية الفردية، وفق ما نشره موقع “يورونيوز” في 04 مايو 2020.
توصيات دولية لحماية خصوصية البيانات و المعلومات
في بيان مشترك أصدره خبراء رصد حرية التعبير وحرية الإعلام في الأمم المتحدة ولجنة البلدان الأميركية لحقوق الإنسان وممثل حرية الإعلام في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. البيان يحمل توصيات تم نشرها في الموقع الرسمي للأمم المتحدة في 19 آذار 2020، و أهم ما جاء فيه :
- تثير المعلومات الخاطئة عن الجائحة شواغلنا، وقد تخلق مخاوف صحية وذعرا وحالة من الفوضى. في هذا الصدد، من الضروري أن تعالج الحكومات وشركات الإنترنت التضليل في المقام الأول من خلال تقديم معلومات موثوقة. يمكن تطبيق ذلك عن طريق، إرسال رسائل موثوقة للعامة، ودعم التصريحات الصادرة عن الخدمة العامة وتقديم دعم طارئ للإذاعة العامة والصحافة المحلية، (على سبيل المثال، من خلال إعلانات الصحة الحكومية).
- نحن على دراية بوجود استخدام زائد لأجهزة المراقبة المتطورة لتتبع انتشار فيروس كورونا. بينما نفهم ونؤيد الحاجة إلى بذل جهود نشطة لمواجهة هذه الجائحة، فمن المهم أيضا أن تكون هذه الأجهزة محدودة الاستخدام، من حيث الغرض والوقت على حد سواء، وأن تكون خصوصية الفرد محفوظة، ولا يوجد تمييز، وأن تكون مصادر الصحفيين وحرياتهم الأخرى محمية بصرامة. ودعا الخبراء إلى حماية المعلومات الشخصية للمرضى.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات