إيقوبعان .. مهاجر يروج للثقافة المغربية ببلجيكا
عادل الزعري الجابري من بروكسل*
حل محمد إيقوبعان ببلجيكا سنة 1989من أجل الدراسة. ومنذ ذلك التاريخ، وهو مهتم بالحقل الثقافي في بلجيكا، سعيا منه إلى فرض الثقافة المغربية والعربية كرافد أساسي للحضارة الكونية في العاصمة الأوروبية من خلال إطلاق برمجة من مستوى عال في مختلف الفضاءات موجهة للتعبيرات الفنية ، حيث يحتل المغرب فيها مكانة بارزة.
بعد دراسة في القانون وتجربة قصيرة كمستشار قانوني وفي قطاع التأمينات وقانون الأسرة، مع الاستمرار في نضاله داخل جمعيات الدفاع عن حقوق المهاجرين، قرر محمد إيقوبعان التفرغ لشغفه بثقافات العالم العربي، والتي يطمح في الارتقاء بها إلى الواجهة ضمن المشهد الفكري والفني البلجيكي.
وهكذا، أنشأ رفقة مغاربة آخرين سنة 2000 مؤسسة ” موسم ” التي كانت في البداية تعنى بالثقافة المغربية ليتسع مجال اهتمامها إلى الثقافة العربية.
يقول محمد إيقوبعان: “لاحظنا في تلك الفترة أن الثقافة المغربية غائبة تماما على الساحة البلجيكية، في وقت تعتبر فيه الجالية المغربية من بين أهم الجاليات المقيمة في هذا البلد “، موضحا أنه حاول عدم تأسيس دار للثقافة المغربية أو العربية، ولكن، الاستعانة بهذا المفهوم، لغزو فضاء ثقافي بلجيكي وفرض هذه الثقافة كمكون أساسي للحضارة الكونية.
ومع مرور الوقت، تطورت تجربة ” موسم ” إلى مركز متنقل للفنون ليصبح أرضية دولية في خدمة الفنانين المنحدرين من العالم العربي والمقيمين في بلجيكا وأوروبا.
واستفاد “موسم ” من دعم الوزارة الفلامانية للثقافة، ومدينة بروكسل وبعض مشاريع الاتحاد الأوروبي، وكذا من شراكة حوالي ثلاثين مؤسسة ثقافية بلجيكية ودولية. هذه السمعة، التي أصبح يحظى بها يعود الفضل فيها للأهداف التي جعلها على رأس أولوياته، وخاصة الدفاع عن مكان للمبدعين المنحدرين من العالم العربي على خشبة الفن في بلجيكا وأوروبا، وتعزيز والحفاظ على الهوية المغربية والعربية في أوساط الهجرة في روح من الانفتاح والتفاعل مع باقي الثقافات والنهوض بمشاركة هذه الجالية في الحياة الثقافية.
ويبدو محمد إيقوبعان مدافعا شرسا على الثقافة والهوية المغربية والعربية. ويقول: ” منذ إحداث موسم؛ قمنا باختيار استراتيجي بعدم إحداث دار مغربية، أو دار متعددة الثقافات، أو فضاء لثقافات الجنوب … لقد اخترنا دخول الفضاء الثقافي العمومي البلجيكي والأوروبي كمكون أساسي للثقافة الكونية “.
ويضيف: “نعتبر أنفسنا كطرف مشارك في المجتمع ولدينا الحق كمواطنين بلجيكيين وأوروبيين الاستفادة من المؤسسات العمومية وتثمين، كما ينبغي، ثقافتنا وحضارتنا “.
وأصبح ” موسم ” جزءا من المشهد الثقافي لبلجيكا وأوروبا. وتجلب أنشطته المتنوعة جمهورا عريضا بفضل انفتاحه واختيارات مؤسسيه بالذهاب نحو الجمهور وليس الانغلاق في فضاءات مخصصة لفئة معينة.
وبالنسبة للكاتب والشاعر المقيم في بلجيكا، وأحد الشركاء في ” موسم “، طه عدنان، فإن إحدى مفاتيح نجاح هذه الفكرة هي أنها قامت بإدماج جميع أنشطتها في بنيات فنية وثقافية منتظمة في بلجيكا وأوروبا من أجل تحقيق إشعاع فعال والوصول إلى الجمهور الواسع.
ويعطي ” موسم ” في تنظيم أنشطته مكانة كبيرة للمغرب. وستتميز سنة 2018 ببرمجة غير مسبوفة موجهة لمدينة الدار البيضاء، من خلال ” موسم سيتيز : الدار البيضاء “، الذي سينظم طيلة شهر فبراير المقبل والذي سيحتفي بالعاصمة الاقتصادية ومشهدها الفني والثقافي.
وأبرز محمد إيقوبعان، أن برنامج هذه التظاهرة يركز على الجيل الجديد من الفنانين الشباب. كما ستعرف عروضا موسيقية متنوعة، ومعرضا حول الثروة المعمارية لمدينة الدار البيضاء، والفن المرئي المعاصر للمدينة، وإقامات للفنانين، وندوات وعروض سينمائية.
وحول اختيار مدينة الدار البيضاء، أكد محمد إيقوبعان أن ” هذه المدينة العالمية نموذج لمغرب يتطور بثقافته الغنية، ومشروعه المجتمعي الحداثي وحيوية شبابه
هسبرس المصدر