سحب القوات الأمريكية من ألمانيا .. وتأثيره على الناتو و أمن أوروبا
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تشهد العلاقة مابين ضفتي الأطلسي جدلا كثيرا، مابعد مجيء ترامب إلى البيت الأبيض، ويزداد هذا الجدل مابين المستشارة الألمانية ميركل وترامب، وظهرت الخلافات مابين، برلين و واشنطن، كثيرا ،خلال اللقاءات الثنائية والاجتماعات والمنتديات الدولية، الدول ال20 و ال G7 وغيرها. فلم تعد الخلافات مابين ضفتي الأطلسي سرا، وهي جاءت على لسان مسؤولين كبار في الحكومة الألمانية، التي وصفت ترامب، الرئيس الأمريكي، بالخصم، مقابل تعليقات ترامب، تصب بذات الاتجاه.الإعلان الأمريكي يوم 15 يونيو 2020 بسحب جزء من القوات الأمريكية من ألمانيا لم يكن مفاجأة . فمنذ سنة يهدد السفير الأمريكي السابق في ألمانيا، ريتشارد غرينيل، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كل مرة “بمعاقبة” ألمانيا “التي تناست واجبه” والتي تصرف حسب وجهة نظر البيت الأبيض نفقات دفاعية قليلة. والحكومة الألمانية علمت رسميا بخبر الانسحاب في يوم نزول القرار، في 15 مايو 2020. جيش أوروبي موحد واجه القرار الامريكي حول سحب جزئي للقوات الأمريكية من ألمانيا انتقادات من جانب أحزاب الائتلاف الحاكم في برلين. ويخاف سياسيون محسوبون على ميركل على تماسك الناتو، بينما يرى آخرون في تلك الخطط فرصا أيضا. وجه سياسيون بالائتلاف الحاكم في ألمانيا انتقادات لخطط، تحدثت عنها تقارير إعلامية، بشأن قرار لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب بعض القوات الأمريكية. الرئيس الأمريكي ترامب يتحدث عن 52.000 جندي أمريكي مرابطين حاليا في ألمانيا وهو يريد تخفيض هذا العدد إلى النصف، أي إلى 25.000 جندي. وفعلا يتمركز في ألمانيا حاليا حسب معطيات وزارة الدفاع الأمريكية 34.500 جندي وحوالي 17.000 موظف مدني للقوات الأمريكية. وبتقليص عدد الجنود إلى 25.000، سيتم سحب .9450 حذر رولف موتزينيش رئيس حزب الاشتراكيين الديمقراطيين في ألمانيا من أن تدفع الخطط الأمريكية إلى “إعادة تنظيم للسياسة الأمنية في أوروبا بشكل دائم”. ونقلت صحف مجموعة فونكه الإعلامية عن موتزينيش قوله إنه و”على أي حال، فإنّ التخطيط الاستراتيجي للولايات المتحدة يتحول باتجاه آسيا”، متابعاً “على ضوء هذه الخلفية، فإن ترسيخ السياسة الأمنية الألمانية ضمن بيئة أوروبية أصبح أكثر إلحاحًا وذي مغزى، على الرغم من أن التحديات أكبر مما كانت عليه قبل بضع سنوات مضت”.
حلف الناتو
تأسس الناتو قبل اكثر من سبعين عاما واليوم يثير الرئيس ترامب الشكوك حول ما إذا كان الناتو قادرا على البقاء في المستقبل. نشأ حلف شمال الأطلسي، الناتو من أجل “إبقاء الروس في الخارج والأمريكان في الداخل والألمان تحت السيطرة”. هذا ما قاله الأمين العام الأول للحلف، هاستينغس إسماي مرة في إحدى الجلسات. وقد أثار بذلك وجهة نظر سائدة آنذاك ومفادها أن الحرب العالمية الثانية التي بدأتها ألمانيا انتهت قبل إنشائه بسنوات قليلة. الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغن القول بأن واشنطن تراعي دوما مصالح الأوروبيين: ”
تغير الوضع خلال عامي 1989/90 ، فقد انهارت الشيوعية ومعها الاتحاد السوفياتي. ووافقت القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية على إعادة توحيد ألمانيا كعضو في حلف شمال الأطلسي. وجه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب خلال شهر يونيو 2019 وفقا إلى وكالة “د ب أ” الألمانية ، تهديداً صريحاً لشركاء بلاده في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بالخروج من الحلف في حال عدم إيفاء الدول الأعضاء بتعهداتهم حيال النفقات الدفاعية. الناتو جملة خلافات مع تركيا
قاعدة رامشتاين الجوية
تقع في جنوب غرب ألمانيا ,تمثل مركز القيادة الخاص بقوات الولايات المتحدة في أوروبا وأفريقيا.و تستخدم هذه القاعدة في تنسيق غالبية عمليات الطائرات بدون طيار حول العالم.تعد “قاعدة رامشتاين الجوية”، واحدة من أهم المنشآت العسكرية الأمريكية، وتقع في جنوب غرب ألمانيا، وهي لا تخدم القوات الجوية الأمريكية وحلف الناتو فحسب، لكنها أيضًا بوابة للعمليات العسكرية الأمريكية في كل أنحاء العالم.وقد نشرت صحيفة “زود دويتشه” التقرير بعد شهور من البحث الاستقصائي الصحفي بالتعاون مع “مشروع مكافحة الجريمة المنظمة والفساد” (OCCRP) وشبكة البلقان للاستقصائيات الإخبارية (BIRN) . وكشف التقرير أن شركات خاصة تتعاون مع الجيش الأمريكي في شرق أوروبا والبلقان قامت بشراء أسلحة وذخائر مصنعة على الطريقة الروسية بقيمة مئات ملايين الدولارات منذ عام 2013. وحسب التقرير فقد تم إرسال هذه الأسلحة من مصانع في صربيا والبوسنة وكازاخستان وجمهورية التشيك إلى مراكز قيادة أمريكية في تركيا والأردن. ويضيف التقرير أن تلك الأسلحة أخذت طريقها للمنطقة إما عن طريق نقاط في رومانيا أو بلغاريا وإما عن طريق القاعدة العسكرية الأمريكية في رامشتاين بألمانيا.
النتائج
ـ تشهد العلاقة مابين ضفتي الأطلسي، جدلا واسعا، مابعد مجيء الرئيس الأميركي ترامب إلى البيت الأبيض، أعاد خلالها مفهوم العلاقات مع أوروبا، لتأخذ معيارا جديدا، تقوم على أساس الربح والخسارة، من وجهة نظر ترامب، بينما تعتقد دول أوروبا أن العلاقة مابين الأصدقاء والحلفاء لا تحسب هكذا. الخلافات مابين ضفتي الأطلسي، لا تصب في صالح أوروبا، ولا برلين ولا واشنطن، وتضرب بتداعياتها بدون شك على حلف الناتو وتماسكه. المستفيد الكبير من هذه الخلافات هي موسكو ثم بكين، وهذا مايحصل في الوقت الحاضر. ـ لقد شهدت العلاقات مابين برلين و موسكو، الكثير من “التقارب ” حتى يمكن وصفها بأنها علاقات حميمة، رغم ماتشهده العلاقة من تحديات، عندما يكون الحديث عن امن أوروبا. التقارب مابين موسكو وبرلين واضحا في ملفات دولية منها الملف السوري والملف النووي الإيراني وغيرها من الملفات. الرئيس الأمريكي ترامب لم يتردد، أبدا بالطلب من ميركل بالتوسط عن موسكو، لتخفيف حدة التوتر خاصة عندما يكون الحديث حول القرم وأوكرانيا. فقد دعت ميركل يوم 29 نوفمبر 2018 كييف الى ضبط النفس بعدما طلب الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو إرسال سفن من حلف شمال الأطلسي إلى بحر آزوف لمواجهة روسيا في النزاع قبالة القرم مؤكدة أن لا “حل عسكريا” للأزمة. والتقت المستشارة الألمانية ميركل، مطلع شهر يناير 2020 الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو لبحث الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران، وفق ما أعلن متحدث باسم الحكومة الألمانية، ستيفن سيبرت، في مؤتمر صحفي دوري في برلين، وأضاف ستيفن، إن ميركل وبوتين سيناقشان أيضا “مسائل آنية، خصوصا سوريا وليبيا والعراق وأوكرانيا”. المحور الفرنسي الألماني وسد الثغرات
ـ إن مواقف الأحزاب السياسية الألمانية، وبضمنها الائتلاف الحاكم، تتمحور برغبتها بعدم سحب واشنطن قواتها، كونه سوف يرثر كثيرا على امن برلين وأوروبا، ماعدا أحزاب اليسار واليمين أيضا التي تدعو إلى سحب القوات الأمريكية و وضع حد إلى استخدام القوات الأمريكية إلى قاعدة ” رامشتاين”، والتي تستخدمها الولايات المتحدة بسيطرة طائرات بدون طيار في إفريقيا والشرق الأوسط، ونقل أسلحة إلى معارضة في دول المنطقة منها سوريا.
ـ القرار الأمريكي في سحب تسعة الآلاف جندي، ربما يأتي ضمن جهود ترامب بتقليص عديد القوات الأمريكية في ألمانيا، مع احتمال إعادة تموضع في أوروبا وإعادة تموضعها في بولندا، إشارة إلى مطالب الأخيرة.
ـ الخلافات مابين ضفتي الأطلسي باتت مرشحة للتوسع أكثر، بالتوازي مع قلق أوروبي، يتعلق بأمنها القومي أمام تهديدات موسكو المحتملة، ويدفع أوروبا إلى مساعي للنهوض بأمنها القومي ومنها تشكيل جيش موحد.
يبدو، أن العلاقة مابين الأطلسي تبقى مضطربة، في عهد ترامب، لكن بدون شك، كلاهما بحاجة إلى الأخر، وكأنما هذا الحال سوف يستمر إلى المستقبل القريب أو ربما مع بقاء ترامب في البيت الأبيض.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات