تنامي مخاطر اليمين المتطرف في ألمانيا.. ‘حركة الهوية’

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_أصبحت أوروبا في السنوات الأخيرة تحت طائلة توسع و انتشار الجماعات اليمينية المتطرفة، التي تمثل تهديدا إلى القيم الديمقراطية الأوروبية و عائقا أمام المؤسسات السياسية من أجل ممارسة نشاطها في ترقية قيم التعايش و الاحترام المتبادل بين المواطنين الأوروبيين و المهاجرين و اللاجئين. و من بين هذه الجماعات المتطرفة “حركة الهوية” في ألمانيا التي تعتبر أحد فروع “جيل الهوية” اليميني المتطرف الذي يمتد بين العديد من البلدان الأوروبية. بدايات “حركة الهوية” اليمينية المتطرفة في ألمانيا

تنشط حركة الهوية في ألمانيا منذ عام 2012. وتضم المجموعة حالياً حوالي 600 عضو فقط، لكنهم يحاولون التعويض عن ذلك من خلال تنظيم احتجاجات وأحداث بشكل متقن. وقد برزت الجماعة لأول مرة على المستوى الوطني في عام 2016 عندما احتل النشطاء بوابة براندنبورغ ورفعوا لافتات ضخمة مناهضة للاجئين. ووفقاً للأيديولوجية حركة الهوية ، فإن مفهوم الإثنية و العرقية يخلق الحاجة إلى الهجرة، وهو مصطلح يشير إلى فكرة إعادة المهاجرين، وكذلك المواطنين ذوي الجذور الأجنبية، إلى بلدانهم الأصلية.” “في هذا الصدد، هم غير نادمين” وقال سبيت، “أنها تنص بشكل لا لبس فيه على أن أي شخص ليس من أصل ألماني لا ينبغي أن يكون في هذا البلد” ، في تقرير نشره موقع “دوتشيه فيلله” في 13 يونيو 2019. النازيون القدامى والجدد يهددون أمن ألمانيا، هكذا هو المشهد ! 

“حركة الهوية” هو الفرع الألماني للحركة القومية للهويات الأوروبية. منشؤها في فرنسا مع “جيل الهوية”، تأخذ الحركة خيوطها من عدد من مفكري “اليمين الجديد” مثل آلان دي بينوا، الذين يرفضون التغييرات التقدمية التي حدثت في جميع أنحاء أوروبا على مدى السنوات العشرين الماضية. وبدلاً من ذلك، فإنهم يدعون إلى مجموعة من الأفكار المحلية والتقليدية.  تتأثر “حركة الهوية” في ألمانيا بشكل خاص بنص تم صياغته عام 2013 كتبه ماركوس وينجر، وهو ناشط نمساوي يدرس حاليا في شتوتغارت، ويعتبرون هذا النص كبيان لهم، حسب تقرير نشرته صحيفة ‘’The Local’’ الألمانية في 12 يونيو 2019. 

أساليب تأثير “حركة الهوية”.. إستراتيجية الإحباط و التلاعب

تعتمد “حركة الهوية” في تأثيرها الإيديولوجي و الاجتماعي و السياسي على تدريب أعضائها في تكتيكات الخداع والتلاعب و نشر الإحباط. وقد شهد الكتاب الالكتروني الذي يحمل عنوان “حرب العصابات الإعلامية” نجاحا معتبرا ، حيث ساهم في الدعاية لحملات “حركة الهوية” التي أصبحت تنتشر بشكل كبير وتصل إلى جمهور عالمي. حيث ذكر أحد أعضاء بارزون في جيل الهوية إنهم يريدون إنشاء فروع في جميع أنحاء العالم، من أستراليا إلى كندا، في دراسة نشرها موقع ‘’Politico’’ في 4 ابريل 2019.

تصنيف “حركة الهوية” ضمن اليمين المتطرف

صنف المكتب الاتحادي لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية بألمانيا) “حركة الهوية” على أنها حركة يمينية متطرفة بشكل واضح وتستدعي المراقبة. ويعني ذلك أنه سيتم السماح بمراقبة الفرع الألماني للحركة ، باستخدام كامل الأدوات التنفيذية للوسائل الاستخباراتية. فيما كانت هذه الحركة مصنفة منذ ثلاثة أعوام في “حالة اشتباه”. وقال رئيس الاستخبارات الداخلية توماس هالدنفانغ: “بصفتنا نظام إنذار مبكر يجب ألا نركز اهتمامنا على متطرفين موجهين للعنف فحسب، ولكن يتعين علينا أيضا رصد أولئك الذين يلعبون بالنار لفظيا”. وأكدت الاستخبارات الداخلية أن مواقف “حركة الهوية” كانت موجهة مؤخرا “لاستبعاد أشخاص ينحدرون من مواطن خارج أوروبا من المشاركة الديمقراطية والتمييز ضدهم بطريقة تجرح كرامتهم”، وفق ما ذكره مزقع “دوتشه فيلله” في 11 يوليو 2019.

الإجراءات المتخذة ضد “حركة الهوية

ذكرت وكالة المخابرات الداخلية الألمانية أنها تعزز مراقبة حركة الهويات اليمينية المتطرفة في ألمانيا كإجراء أولي، وهى جماعة تشن حملات ضد المهاجرين والإسلام .وقالت الوكالة أنها خلصت بعد عامين من التحقيق إلى أن حركة الهويات ” تجاوزت مرحلة الاشتباه ” و ” تصنف الآن على أنها حركة يمينية متطرفة تم التحقق منها،  ويأتي هذا القرار وسط مخاوف جديدة من التطرف اليميني المتطرف في ألمانيا بعد اعتقال رجل له تاريخ طويل من نشاط النازيين الجدد في يوليو 2019 بسبب مقتل سياسي إقليمي من حزب المستشارة أنجيلا ميركل، وفق ما ذكره موقع ‘’The Star’’ في 11 يوليو 2019. الاستخبارات الألمانية بين ضوابط الدستور و مواجهة التيارات اليمينية المتطرفة

و قد منحت السلطات الألمانية صلاحيات جديدة لوكالة الاستخبارات الداخلية بهدف التجسس على “حركة الهوية” و مراقبة أنشطتها و تحركاتها بما في ذلك اعتراض اتصالات هواتف المنتسبين و الأعضاء لهذه الحركة. وأكدت متحدثة باسم منظمة وكالة الاستخبارات الداخلية أنه على الرغم من أن المجموعة لا تعتبر عنيفة وأن و كالة الاستخبارات الداخلية لا يمكنها سوى اتخاذ خطوات “متناسبة” مع الخطر الذي تشكله “حركة الهوية”، و ذلك حسب تقرير نشرته جريدة “التلغراف” البريطانية في 11 يوليو 2019.

أعلنت شركة تويتر عن إغلاق أكثر من خمسين حسابا على تويتر تعود لـ “قوميين بيض” تعرف بحركة الهوية. وكان عدد مستخدمي تويتر الذين يتابعون حركة الهوية في ألمانيا وصل إلى حوالي 30 ألف مستخدم مؤخرا، فيما وصل عدد متابعي زيلنر إلى نحو 40 ألف مستخدم. يأتي هذا الإغلاق بعد أيام قليلة من التحذيرات التي أطلقتها الشبكة العالمية لمناهضة الكراهية والتطرف، من النشاط المتزايد لحركة الهوية على تويتر ويوتيوب، حسب تقرير لموقع “دوتشه فيلله” في 11 يوليو 2020.

مستقبل جماعات اليمين المتطرف في ألمانيا.. الخطر لا يزال قائما

من الملاحظ أن جماعات اليمين المتطرف في أوروبا بشكا عام، و في ألمانيا بشكل خاص، تتصاعد وتيرة تأثيرها و اختراقها للمجتمع و المؤسسات السياسية و حتى الأجهزة الأمنية. بالرغم من الجهود المبذولة من مختلف أجهزة صناعة القرار في أوروبا، الا أن هذه الأخيرة ما تزال تشهد ظهورا متسارعا لحركات اليمين المتطرف، دون الحديث عن الخلايا اليمينية المتطرفة النائمة و التي قد تكون بعيدة عن رقابة أجهزة الأمن و الاستخبارات.

يحمل مستقبل الجماعات اليمينية المتطرفة في أوروبا العديد من الاحتمالات المبنية على معطيات راهنة “تجعل من الدول الأوروبية تدق ناقوس الخطر”، على اعتبار أن هذا النوع من التنظيمات سيستمر في التغلغل داخل المجتمع الأوروبي و الهياكل السياسية أيضا التي سيكون لها دور “الحامي و المنقذ” للحركات التي تمارس العنف في الميدان. فإذا استمرت أوروبا بتبني المنظومة القانونية الحالية لاسيما في جانب الحريات الممنوحة للأشخاص ذوي ايديولوجيات معينة، فإن الجماعات اليمينية المتطرفة ستجد مستقبلا “أرضا خصبة” لممارسة العنف و التلاعب بقيم التعايش و الاحترام المتبادل داخل أوروبا، و ستتمكن من ” التدمير التدريجي” للأمن المجتمعي الأوروبي.

التوصيات

  • تلتزم الحكومة الألمانية بإعطاء صلاحيات أوسع من الحالية لمختلف أجهزة الأمن و الاستخبارات لاختراق الجماعات اليمينية المتطرفة، و التركيز بشكل مهم أيضا على مراقبة المواقع الالكترونية و اعتراض أي منشور تدميري.
  • تلتزم الحكومة الألمانية بتقييد ممارسة النشاط السياسي و الجمعوي لحركات اليمين المتطرف من خلال اعتماد “إستراتيجية التضييق التدريجي” لهذه الحركات على المدى المتوسط، و ليس التضييق الفوري و ذلك من أجل تجنب “الاصطدام و رد فعل عنيف” قد تلجأ له الجماعات اليمينية المتطرفة مستقبلا.
  • تلتزم الجمعيات و الأحزاب الديمقراطية و المجتمع المدني المحلي في ألمانيا بتكثيف حملات التوعية و التحسيس لمخاطر اليمين المتطرف، و يكون ذلك بشكل منظم مع وسائل الإعلام المحلية و الوطنية و الإقليمية، و التركيز على “وضع برنامج فيدرالي” للتوعية و التحسيس تحت إشراف السلطات الألمانية و بحماية من أجهزة الأمن و الاستخبارات الألمانية.

 المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الاستخبارات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post الصعلوك والصعلكة
Next post عن مفاهيم إشكاليات المسألة القومية