سويسرا ونقاش حظر النقاب
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_خلال النصف الأوّل من العام القادم على الأرجح، سوف يدلي الناخبون السويسريون بأصواتهم بشأن مبادرة شعبية تهدف إلى حظر ارتداء البرقع والنقاب على المستوى الوطني، أطلقتها دوائر يمينية قريبة من حزب الشعب السويسري (يمين محافظ) ورفضها البرلمان بغرفتيه في شهر يونيو الماضي، وتبقى الكلمة الأخيرة للناخبين. تشبه هذه المبادرة إلى حد بعيد مبادرة حظر المآذن، للأبعاد الرمزية التي يحملها النصان. وكما لم يُعر اهتمام قبل ذلك للعدد المحدود من المآذن، لا يهم في هذه الحالة أيضا العدد المحدود جدا للنساء المرتديات للبرقع أو النقاب في البلاد. وليس من باب الصدفة أن الجهة التي أطلقت المبادرتيْن هي نفسها والتي تنتمي إلى دوائر يمينية متشددة تناهض الحضور الإسلامي وتحذّر مما تسميه “الغزو الإسلامي”.
في السنوات الأخيرة، أبرز الحوار المجتمعي وكذلك النقاشات داخل البرلمان حول البرقع أن الأمر لا يتعلّق في الحقيقة بقطعة قماش أو بخطر أمني أو حتى بمساواة الفرص والحقوق بين المرأة والرجل أو بحرية الاختيار ومكافحة اضطهاد المرأة، فهناك من القوانين والإجراءات المتاحة ما يكفي وزيادة.
إذن فماهي الرهانات الحقيقية لهذه المبادرة الشعبية؟
للجواب على هذا السؤال، طلبنا من كاتبيْن سويسريْين تقديم وجهتيْ نظرهما إلى قراء swissinfo.ch حول أسباب رفضهما أو قبولهما بهذه المبادرة. وهي محاولة منا لإنارة الرأي العام حول هذا الموضوع الذي لاشك أنه سيكون محور نقاش مجتمعي في سويسرا واسع في الأشهر القادمة. وجهة النظر الأولى هي للكاتب والمدوّن السويسري بيار آيبلي، القائد السابق للشرطة في كانتون فو، والكاتب في العديد من الصحف السويسرية الناطقة بالفرنسية، الذي يمثل ارتداء البقع برأيه “تحديا لمفاهيم المجتمع السويسري حول التسامح والمساواة والإندماج”، وأنه لا يمكن فهم هذه الظاهرة “من دون وضعها في إطار علاقة المجتمع السويسري بالإسلام”. وفي ما يلي وجهة نظره كاملة:
“البرقع يدعونا إلى التساؤل حول علاقتنا بالإسلام”
يثير حظر البرقع جدلا ساخنا. فخصومه يتهمونه بوصم مجموعة سكانية بعينها، وبإقصائها لاحقا. والحظر أيضا يتحدّى مفاهيمنا بشأن التسامح والمساواة والاندماج.
كيف يُمكن أن نعالج هذه القضية بعقلانية وفي إطار علاقتنا بالديانة الإسلامية؟
للقيام بذلك، لابد من التمييز بين الدوافع التي تقود امرأة مسلمة لارتداء البرقع أو الحجاب، وهما نفس الشيء برأيي، وبشكل طوعي أو تحت الإكراه؟ هناك أربعة دوافع رئيسية: الدين، على الرغم من أن القرآن لا يلزمه. هيمنة ثقافة بعيدة عن ثقافتنا. تحت الإجبار والإكراه. التشبّث بالهوية. والتحديات التي تثيرها هذه السلوكات الأربعة ليست هي نفسها كذلك. وهي تتطلب منا ردودا مناسبة. فلا تجاوزات المُعادين للإسلام من بعض الدوائر اليمينية المتطرفة تقدّم حلا، ولا مخاتلات بعض الجماعات النسوية اليسارية المتشددة، والتي لا تتجاوز كونها خضوعا لخطابات إيديولوجية خشبية ونزعات أخلاقوية ضيقة الأفق.
swissinfo.