الناتو- تداعيات أي انسحاب أمريكي محتمل من الحلف؟

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_أثارت الخلافات داخل حلف شمال الأطلسي القلق من عدم قدرة الأعضاء داخل الحلف بالالتزام ببند الدفاع المشترك. وزادت المخاوف من تراجع قدرة الناتو العسكرية على توجيه ضربات. ويعد حلف الناتو هو أكبر حلف عسكرى فى العالم، وتم تأسيسه بناء على معاهدة شمال الأطلسي بهدف حماية وضمان أمن الدول الأعضاء.

حلف شمال الأطلسي

يقع مقر حلف الناتو السياسي والإداري في بروكسل عاصمة بلجيكا. تشكّل الناتو فى 4 إبريل 1949 بتوقيع (12) دولة عضو مؤسس على معاهدة تأسيس الناتو لمواجهة تهديدات الاتحاد السوفيتى.  يضم الحلف (29) دولة بالإضافة إلى خبراء مدنيين وعسكريين، ولكل دولة عضو مقعد في مجلس شمال الأطلسي (NAC) المختص بصنع القرار السياسي، يعقد الحلف حوالي (5000) اجتماع سنويًا لمناقشة قضايا الأمن العالمي. ويضم الناتو (20) ألف جندي وتلزم المادة الخامسة من المعاهدة التأسيسية لحلف الناتو الأعضاء بحماية بعضهم أثناء الحروب والنزاعات.

يقول المحلل البريطاني المرموق في شؤون الدفاع “مايكل كلارك “ما من شك أن حلف الناتو هو الحلف الأكبر الذي شهده العالم. لكنه اليوم مع أعضائه الثلاثين قد خسر تقريبا نصف القوة التي كانت لديه عندما كان عدد أعضائه نصف ما هو عليه الآن”.ويقول كلارك إن “الناتو في أزمة على الرغم من حشده للكثير من الإمكانيات.” وفقا لـ”BBC” فى 3 ديسمبر 2019.

ميزانية الناتو

أعلن الأمين العام لـ”الناتو” ينس ستولتنبرغ زيادة الإنفاق الدفاعي للدول الأعضاء إلى (400) مليار دولار أميركي بحلول العام 2024. كان معدل ما أنفقته الدول الأوروبية الأعضاء في الحلف وكندا (1.55 %) من إجمالي الناتج القومي لكل دولة منها . وفقا لـ”BBC” فى 4 ديسمبر 2019. ميزانية النفقات العسكرية والمدنية في عام 2019 نحو (1.67) مليار يورو تدفع الولايات المتحدة أكتر من (22 %) من هذه الميزانية بينما تساهم ألمانيا بـ (14.76 %) وكل من فرنسا وبريطانيا بأقل من نسبة (%10.5 )  لكل واحدة منهما.

ما يقرب من (70%) من مجمل النفقات لى الدفاع لدى حكومات الدول الأعضاء في حلف الناتو يعزى إلى الولايات المتحدة. شهد عام 2019 زيادة في إنفاق أعضاء آخرين في الناتو غير الولايات المتحدة، وكانت الزيادة الكبرى في مساهمات دول شرق ووسط أوروبا وتركيا

تظهر التقديرات لعام 2019 أن (8) أعضاء، إلى جانب الولايات المتحدة، ينفقون (2 %) أو أكثر من إجمالي الدخل القومي على الدفاع. أما الدول الأوروبية الأخرى فقدرت نسبة إنفاقها في عام 2019 بمابين(1%) إلى (1.99%). ووصل إنفاق فرنسا إلى (1.84%) وألمانيا إلى (1.36 %). ..ارتباطات وثيقة بين حلف الناتو والتعاون الدفاعي لدول الشمال الأوروبي

انسحاب أمريكا من الناتو

أعرب “جون بولتون” المستشار الأمني السابق للرئيس الأميركي ، عن اعتقاده بأنه من الممكن أن تنسحب الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي حال فاز ترامب بولاية ثانية وفقا لـ”العرب اللندنية ” فى 4 أغسطس  2020 وفيما يلى أبرز الدوافع لانسحاب ترامب  من الناتو.

حجم الإنفاق : أشار “ترامب”  في 11 يوليو 2020 إلى أن هناك دولا “لم تكن تدفع شيئا تقريبا، والآن تدفع”، مضيفا “سألوني سؤالا مهما هل ستغادر إذا (لم ندفع) وأجبت نعم، سأغادر”. وأوضح أنه لو لم تكن هذه هي الإجابة فإنهم لن يدفعوا، مضيفا “أريد أن يدفعوا حصتهم بالعدل”. أعربت إدارة ترامب مراراً عن استيائها من إخفاق ألمانيا بوضوح في تحقيق هدف الناتو المتمثل في استثمار (2%) من الناتج المحلي الإجمالي للبلد في الجيش، وذلك على الرغم من ارتفاع الإنفاق الدفاعي لألمانيا، والذي يصل حالياً إلى (38,1%) من الناتج المحلي الإجمالي.

تأزم العلاقة بين ألمانيا والولايات المتحدةأقدم ترامب على سحب جزئي للقوات الأميركية من ألمانيا، ويقول مراقبون إن هذه الحركة تعد المؤشر الأول لتنفيذ ترامب لمخططه، مرجحين أن الانسحاب من الناتو إن حصل فعلا سيكون في الفترة التي تلي فوزترامب بولاية ثانية. هاجم ترامب مجدداً الحكومة الألمانية  بسبب مشروع خط أنابيب غاز “نورد ستريم 2″، الذي ينقل الغاز الروسي إلى ألمانيا .وقال: “يجب أن نحمي ألمانيا من روسيا، لا بأس في ذلك، لكن ألمانيا تدفع لروسيا مليارات الدولارات للحصول على الطاقة”. وفقا لـ”DW” فى 5 أغسطس 2020

خلافت داخلية بين الدول الأعضاء: زاد القلق حول مدى تماسك أقدم وأنجح تحالف سياسي وأمني ودفاعي شهده العالم الحديث.  بعدما تملك “ترامب” الغضب وقطع زيارته وألغى مؤتمراً صحافياً في وقت كان قادة كندا وفرنسا وبريطانيا يسخرون منه في فيديو انتشرعالمياً.

رفض ترامب للتحالفات والالتزامات الخارجية الأمريكية: تحدى ترامب علناً عددًا من الشراكات العسكرية والاقتصادية ، وانسحب منها ، كاتفاقية باريس للمناخ والأجواء المفتوحة. و شكك في التحالف العسكري للولايات المتحدة مع كوريا الجنوبية واليابان، وأعلن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا دون استشارة الحلفاء في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم”داعش” وفقا لـ”The New York Times” في 14 يناير 2019.

وكان مجلس النواب الأمريكي قد أقر تشريعا يهدف إلى منع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الانسحاب من حلف شمال الأطلسي “الناتو”. وشمل التشريع انتقاد ترامب بسبب هجومه المتتالي على التحالف الاستراتيجي، والاقتراحات التي ربما تقود إلى الخروج منه وفقا لـ”سبوتنيك” فى 23 يناير 2019.

تداعيات انسحاب الولايات المتحدة الأمريكيةا من الناتو

كتب النائب “ماك ثورثنبيري” عن تكساس  في الرسالة الموجهة إلى ترامب: “التهديدات التي تشكلها روسيا لم تتراجع، وتراجع التزام الولايات المتحدة بحلف الناتو سيشجع على المزيد من التصرفات العدوانية والانتهازية من قبل روسيا”. وفقا لـ”يورونيوز” فى 15 يونيو 2020

صرحت ” ميشيل فلورنوي ” نائبة وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، ، بأن قرار خروج الولايات المتحدة من الناتو “سيكون أحد أكثر الأشياء تدميراً التي يمكن للرئيس الأمريكي بالنسبة للمصالح الأمريكية”. ووفقا للقائد السابق لقوات الناتو في أوروبا ، الأميرال المتقاعد “جيمس ستافريديس” ، فإن خروج الولايات المتحدة من الحلف سيكون “خطأ جيوسياسيا مأساويا”. وفقا لـ”سبوتنيك” فى 15 يناير 2019. تعزيز مهام حلف الناتو وتعديل هيكل القيادة لمواجهة التهديدات المحتملة

مواطنو حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة الأمريكية

أفاد استطلاع الرأي الذي أجراه معهد “بيو ريسرش سنتر” في صيف 2019 وشمل (21) ألف شخص في (19) بلدا، أن (60%) من مواطني دول الحلف الأطلسي يعتقدون أن الولايات المتحدة ستدافع عسكريا عن أي بلد في الحلف إذا تعرض لهجوم روسي. وأوضح المعهد نفسه أن (29 %) فقط من الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن الولايات المتحدة لن تهب لنجدتهم، بينما لم يبد المتبقون أي رأي وفقا لـ”يورونيوز” فى 10 فبراير 2020. وأوضح المعهد أن الردود على هذا السؤال تغيرت إلى حد كبير منذ العام 2015 .

التحليل
– يواجه الناتو واحدة من أصعب أزماته منذ عقود، إنها ليست أزمة قوة أو استعداد عسكري ولكنها أزمة انقسامات وخلافات بين الدول الأعضاء. وباتت تلك الانقسامات بين الدول الأعضاء العنصرالأخطر فاعلية الذى يهدد تماسك حلف شمال الأطلسي.

–  انتقادات  “ترامب” المستمرة للناتو ليست بجديدة. فقد طلب الرئيس الأمريكى السابق “أوباما” والرئيس “بوش” من الدول الأعضاء زيادة إنفاقها على الدفاع. لذلك فإن انتقادات و تهديدات ترامب بالانسحاب تعد بمثابة جرس إنذار لتحمل الدول الأعضاء داخل الحلف مسؤولية أكبر فى الإنفاق الدفاعي.

–  لايريد ترامب من تهديداته بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي تفكيك الناتو لأنه يدرك جيدًا أن الحلف يخدم مصالح الولايات المتحدة أكثر من مصالح أي عضو آخر.

– فمن المتوقع أن تستمرالعلاقات مابين الاطلسي والولايات المتحدة الأمريكية مضطربة في عهد ترامب، لاسيما إذا تولي ترامب  فترة رئاسة ثانية،  وبالرغم من اضطراب العلاقات فليس هناك أدنى  شك من أن حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية ، كلاهما بحاجة الى الاخر.– وإذا تم الانسحاب الأمريكى من الحلف بالفعل  فهذا يعنى سحب جميع القوات الأمريكية من الأفراد والمعدات العسكرية بما في ذلك الأصول الدفاعية النووية والصاروخية من أوروبا. وسيكون هذا بمثابة هدية إلى روسيا ومن شأنه أن يزيد من تهديدات موسكو المحتملة لأوروبا.

التوصيات

ينبغي أن تكون الدول الأوروبية قادرة على توفير المزيد من دفاعاتها وبذل الكثير من الجهود  للنهوض بالأمن القومي الأوروبي ومنها تشكيل جيش موحد وتكثيف التعاون المشترك فى المجال الأمني والعسكري.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post بحث تركيا عن النفط قد يتحوّل إلى صراع مع اليونان
Next post الناتو.. عوامل الأنقسام والتصدع