الناتو.. عوامل الأنقسام والتصدع

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_يعاني حلف شمال الأطلسي من موجة خلافات وانقسامات متزايدة. خلافات كثيرة بين واشنطن وبرلين ،أنقرة وباريس تجاه القضايا العالقة سياسيا وعسكريا، وسط اتهامات متبادلة بين تلك الدول. وامتد الخلاف حول تحديد ما هو العدو الذى يواجه الحلف، هل هو روسيا ام الصين أم إيران أم الإرهاب الدولي.

قوة الناتو العسكرية ومراكز القيادة

يبلغ حجم قوة “الناتو” حوالي (20) ألف جندي يتم حشدهم في عمليات عسكرية حول العالم، وتراجع حجم قوته، مقارنة بعام 2011، الذي كان يمتلك فيه (130) ألف جندي من (50) دولة من الدول الأعضاء به ودول أخرى. كما تراجع عدد مراكز القيادة التابعة لحلف “الناتو”، من (33) مركز قيادة، إلى (7) مراكز قيادة فقط وتتمثل الـ(7) دول فى بلجيكا، وهولندا، وإيطاليا، وتركيا، والمملكة المتحدة، وألمانيا، والولايات المتحدة الأمريكية وفقا لـ”سبوتنيك” فى 4 ديسمبر 2019. وأكّد حلف شمال الأطلسي، عزمه على إقامة منشأة في بولندا، لتخزين معدّات عسكرية أميركية، ووفقاً لصحيفة “وول ستريت جورنال” تبلغ تكلفة المنشأة (260) مليون دولار “ستدعم الوجود الأميركي المتزايد في بولندا” وفقا لـ”أ ف ب” فى 24 مارس 2019.

الإنفاق الدفاعي- الناتو

تظهر تقديرات حلف شمال الأطلسي لعام 2019 أن  اليونان وبريطانيا وأستونيا ورومانيا وبولندا ولاتفيا وليتوانيا وبلغاريا. إلى جانب الولايات المتحدة، ينفقون (2%) أو أكثر من إجمالي الدخل القومي على الدفاع. ووصل إنفاق فرنسا إلى (1.84%) وألمانيا إلى (1.36%). أما الدول الأوروبية الأخرى في الحلف فقدرت نسبة إنفاقها في عام 2019 بمابين (1%) إلى(1.99%) وفقا لـ”BBC” فى 4 ديسمبر 2019. وأفادت صحيفة ” راينيشه بوست” أنه من المرجح أن تقترب النفقات الدفاعية الألمانية من هدف حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي يتمثل في (2%) من الناتج المحلي الإجمالي. ويقدر المعهد الألماني الاقتصادي أن نسبة النفقات الدفاعية من الناتج المحلي الإجمالي يحتمل أن تقفز إلى (1.58%) عام 2020. وفي نوفمبر 2019 أبلغت ألمانيا الناتو بنفقات دفاعية بأكثر من (50) مليار يورو لعام 2020 بالفعل وفقا لـ”صحيفة الشرق الأوسط ” فى 28 مايو 2020.

التسلح النووي للناتو 

أعلن “الناتو” أنه لا يعتزم نشر أسلحة نووية جديدة في أوروبا. وكانت بيانات خاصة بالأسلحة النووية الأمريكية في أوروبا، يرجع تاريخها لعام 2014، تظهر أن عدد القنابل النووية الأمريكية الموجودة في بلجيكا وهولندا وألمانيا وإيطاليا، إضافة إلى تركيا، هو (180) قنبلة نووية طراز “بي 61 إس” التكتيكية، وأن عدد مواقع التخزين الخاصة بتلك القنابل يصل إلى (87) موقعا بالقرب من القواعد العسكرية التي تستخدمها ومنها قاعدتين عسكريتين في إيطاليا وفقا لـ”سبوتنيك” فى 17 يونيو 2020.

البنية التحتية الصاروخية والمناورات – الناتو

أعلن “سيرغي رودسكوي”رئيس إدارة العمليات التابعة لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية،  أن حلف الناتو يقوم بتوسيع بنيته التحتية للدفاع الصاروخي في بولندا، بالإضافة إلى المنشآت الأمريكية في رومانيا، وأن المخاوف بشأن النشر المحتمل لصواريخ توماهوك في تلك القواعد لا تزال قائمة وفقا لـ”سبوتنيك” فى 1 يونيو 2020. “الناتو” .. تداعيات أي انسحاب أمريكي محتمل من الحلف؟

انطلقت في بحر البلطيق فى 7يونيو 2020 المناورات البحرية العسكرية “BALTOPS” لدول حلف شمال الأطلسي الناتو وتشارك هذه السنة في المناورات قوات بحرية من (19) دولة في الناتو، وتحديدا (3000) عسكري و(29) سفينة و(29) طائرة وفقا لـ”روسيا اليوم”. كان قد أعلن الناتو عن مشاركة قرابة (37) ألف جندي من (18) دولة في المناورات التي تشرف عليها الولايات المتحدة بعنوان “ديفندر يوروب 2020″ في ألمانيا وبولندا ودول البلطيق. وفقا لـ”يورونيوز” فى 3 فبراير 2020.

الأمن السيبراني لحلف شمال الأطلسي

عكف الخبراء الأمنيون فى ” الناتو” على وضع اللمسات قبل النهائية لبدء عمليات التشغيل التجريبي لمركز قيادة عمليات الحلف للأمن السيبراني والمقرر افتتاحه العام 2020 بمدينة “مونس” البلجيكية. ويعمل حاليا بالحلف (200) خبير في الأمن السيبراني، ويتولون عمليات التأمين الاعتيادية داخل المقر الرئيسي ببروكسل وفقا لـ”سكاى نيوز” فى 10 أبريل 2019. تملك الدول الأعضاء في حلف الناتو حاليا (65%) من الأقمار الصناعية السابحة في الفضاء.  يستهدف الحلف جعل الفضاء ساحة للحرب إلى جانب الأرض والجو والبحر والشبكات الإلكترونية.  ويقول “جامي شيا” المسؤول السابق في الحلف “يمكنك أن تخوض حربا حصرية في الفضاء، لكن من يسيطر على الفضاء يسيطر أيضا على ما يحدث على الأرض وعلى البحر وفي الجو”.

خلافات داخل حلف شمال الأطلسي 

تباينات في الأولويات: تشير تقارير غربية  وفقا لـ”اندبندنت عربية” فى 5 ديسمبر 2019 إلى أن الجغرافيا والتاريخ والمصالح الوطنية ترجح استمرار حالة الانقسام داخل حلف الناتو، وقد يكون الناتو مهددا من الداخل مثلما حدث من خلاف كبير بين تركيا من جانب والدول الأوروبية من جانب آخر بسبب الغزو التركي لسوريا، كما أن هناك تباينات في الأولويات حيث ترى دول شرق أوروبا أن التهديد الأول يأتي من روسيا، في حين أن دول جنوب أوروبا ترى أن عدم الاستقرار والاضطراب في الشرق الأوسط وإفريقيا هو التهديد الأول لأمنها.

الاستقلالية الأوروبية عن الولايات المتحدة: يطالب الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” بمزيد من الاستقلالية الأوروبية عن الولايات المتحدة، معتبرا أن الناتو أصبح “ميتاً دماغياً” بسبب مواقف إدارة الرئيس الأمريكي، منتقداً قلّة التنسيق بين الولايات المتحدة وأوروبا والسلوك الأحادي الذي اعتمدته تركيا، الحليفة الأطلسية، في سوريا. تركيا: أثرالتدخل التركي في شمال سوريا على العلاقات داخل الحلف. كذلك شراء أنقرة لمنظومة دفاع جوي روسية متطورة تعتبر خطوة غير عادية بالنسبة لحليف في الناتو. فالمشكلة هي أن حجم تركيا وموقعها الجغرافي يجعل من أنقرة شريكا مهما في الناتو، على الرغم من إزعاجها  وفقا لـ” BBC” فى 3 ديسمبر 2020. كذلك الخلافات بين تركيا من جانب واليونان وفرنسا من جانب أخر حول شرق المتوسط

روسيا  مصدر تهديد لحف شمال الأطلسي

تقترب موسكو من إنهاء التجارب الخاصة بمنظومة ” أس-500″ الجديدة، التي يتوقع أن تكون محور صراع جديد مع الناتو. ويرى عسكريون أن المنظومة الجديدة، التي اختبرها الجيش الروسي في سوريا ، هي محاولة لإظهار مدى قدرة موسكو على أن تكون لاعبا رئيسيا في سباق التسلح، في ظل مساعيها المستفزة للناتو. المنظومة الروسية “أس-500″ قادرة على إسقاط مقاتلات ” أف35″ التي أنفقت واشنطن المليارات من الدولارات لتطويرها 27 مارس 2020 تعتقد “هيذر كونلي” من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أنه من المرجح أن تستمر روسيا في الضغط على التحالف من خلال التأثيرات وعمليات الحرب الإلكترونية. وأوضحت أن الناتو”بحاجة إلى التفكير بجدية في معركة “راقية” مع تحديث روسيا ومتابعة صواريخ كروز التي تفوق سرعة الصوت وغيرها من الأنظمة الجديدة الشرق الأوسط 31 مارس 2019 كشف تقرير استخباراتي عن جهازالاستخبارات الخارجية في إستونيا أن روسيا تواصل  تطويروتدريب قواتها لشن حرب واسعة النطاق ضد الناتو. وجاء في التقرير أيضا أن “النزاع بين الناتو وروسيا لن يقتصرعلى العمل العسكري في أوروبا الشرقية أو دول البلطيق، لكنه سيتضمن أيضا شن هجمات روسية على أهداف أوربية غربية” وفقا لـ”سكاى نيوز” فى 13 مارس 2019.

مستقبل الناتو فى ظل جيش أروبي موحد

اقترحت ألمانيا إنشاء جيش أوروبي موحد كبديل لهيكل الناتو. ومن مؤيدي هذه الفكرة، الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، ضد الولايات المتحدة الأمريكية. وفي واشنطن، يدركون تماما أن ظهور مثل هذا الجيش، سيضع موضع الشك معنى استمرار وجود حلف شمال الأطلسي، والأهم من ذلك، وجود القوات الأمريكية في الدول الأوروبية. روسيا اليوم 1 نوفمبر 2019. الجيش الأوروبي مقابل مظلة الناتو ،إحتمالات النجاح و الفشل ؟

وكانت الدول الأوروبية بما في ذلك غير الأعضاء في حلف الناتو وهي النمسا وقبرص وفنلندا وسويسرا أخبرت رسميا الاتحاد الأوروبي، في نوفمبر 2017، عن نواياها البدء بتنفيذ التعاون الدائم المنظم، وانضمت إليه لاحقا البرتغال وأيرلندا. ومن شأن هذا التعاون أن يؤول، على المدى المتوسط، إلى تأسيس اتحاد دفاعي أوروبي حقيقي، ما يجعل الاتحاد الأوروبي أكثر مرونة واستقلالية عن الولايات المتحدة. ما يهدد  بالانعكاس سلبا على وحدة حلف الناتو.

التحليل

– تكشف الخلافات السياسية والاستراتيجية بين الدول الأعضاء فى حلف شمال الأطلسي عن أزمة ثقة داخله. وخلقت سياسات ترامب داخل الحلف أزمات عديدة، خاصة وأن سياسة ترامب تفرض كل ما يناسبها على حساب مصالح  الدول الأعضاء داخله.

– أصبحت تركيا مصدر تهديد وإزعاج داخل الناتو وتسببت فى انقسامات وخلافات بين الأعضاء. وعلى رأسها الخلافات التى نشأت بسبب شن تركيا هجمات شمال سوريا بعد الانسحاب الأمريكى المفاجئ. وإعلانها شراء منظومات “إس 400” الدفاعية الروسية. كذلك  سياستها العدائية تجاه اليونان وفرنسا فى شرق المتوسط

– إنشاء جيش أوروبي موحد سيكون بالطبع منافسا للناتو ومن شأنه أن يعطي أوروبا استقلالا وبالتالي التحول إلى قوة مستقلة عن حلف الناتو. ولكن هناك صعوبة تواجه تكوين جيش أوروبي موحد تتمثل فى صعوبة  التكامل والاندماج بين الوحدات العسكرية الاوروبية ، وإن تحقق تكوين الجيش الأوروبي فلا يرتقي الى الحروب الاستراتيجية والتهديدات الروسية لأوروبا خاصة دول أوروبا الشرقية.

– الخلافات التي بين الدول الأعضاء داخل حلف شمال الأطلسي سمة من سمات الناتو منذ تأسيسه ومايبقى حلف شمال الأطلسي دون تفكك حتى الأن هو المصالح المشتركة بين أعضائه  وتهديدات موسكو التى تفرض على الأعضاء داخل الحلف توحيد صفوفهم.

التوصيات

تعزيز التعاون في مجال سياسات الامن والاستخبارات والدفاع بين الدول الأعضاء داخل الحلف. معالجة الملفات المتعلقة بالدول الأعضاء داخل حلف شمال الأطلسي. تجاوز الخلافات القائمة بين الدول الأعضاء حفاظا على قوة وتماسك الحلف.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post الناتو- تداعيات أي انسحاب أمريكي محتمل من الحلف؟
Next post الاتفاق الإسرائيلي – الإماراتي خطوة أساسية للسلام ورسالة بالغة الأهمية للفلسطينيين