هل نجحت وكالة “فرونتكس” بإيقاف تدفق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا ؟

تسعى  دول الاتحاد الأوروبي للعمل المشترك لاحتواء أكبر أزمة هجرة والتي باتت تهدد تماسكها وأمنها القومي، فبعد التدفق غير المسبوق لطالبي اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي خلال عام 2015 و 2016، انطلقت يوم 06 أكتوبر 2016 قوة أوروبية جديدة من حرس الحدود والسواحل تهدف إلى تأمين الحدود الخارجية لدول الاتحاد ومواجهة الهجرة غير الشرعية. القوة الجديدة حلت محل وكالة “فرونتكس” على الحدود بين بلغاريا وتركيا التي تشكل أبرز المعابر البرية لدخول المهاجرين القادمين عبر الطريق البحري الخطير في البحر الأبيض المتوسط. وان المهمة الرئيسية للقوة الأوروبية الجديدة مساعدة البلدان الواقعة على طول الخط الأول لوصول المهاجرين، في حالات النزوح الجماعي لطالبي اللجوء.

مشكلة الهجرة

يمثل  تدفق المهاجرين واللاجئين عبر السواحل الليبية تهديدا إلى دول أوروبا خاصة ايطاليا، فالسواحل الليبية كانت وماتزال نقطة انطلاق إلى موجات اللاجئين والمهاجرين تحديدا من إفريقيا. التقديرات تقول بان أوروبا ربما تشهد تصاعدا في عمليات مهربي البشر إلى ايطاليا عبر السواحل الليبية بشكل أوسع، رغم جهود الاتحاد الأوروبي بالحد من تدفق اللاجئين.

مازالت دول أوروبا تعيش حالة من القلق من احتمالات وقوع عمليات إرهابية، وسط تنفيذ داعش عمليات انتحارية في عواصم أوروبية. ورغم أن التقارير الاعلامية قالت بأنها إستراتيجية جديدة تتبعها داعش لضرب أوروبا بهدف ضرب السياحة في أوروبا واستنزافها اقتصاديا، لكنها تعتبر امتداداً إلى إستراتيجية و خطط داعش باستهداف عواصم أوروبية في أعقاب تفجيرات باريس 13 نوفمبر 2015.

اليونان 

تواجه اليونان مشاكل كبيرة في حماية حدودها، الخارجية، عند بحر ايجة، مما جعل دول الاتحاد الأوروبي توجه الانتقادات لها وتمنحها وقت إضافي لمعالجة مشكلة الخروقات الأمنية عند حدودها مع تركيا. وهذا مادفع الاتحاد الأوروبي فرض رقابة على حدوده الداخلية ومنها فضاء شنغن. المراقبة الحدودية الفعالة تشمل عمليات تسجيل اللاجئين و أخذ بصماتهم في المراكز المخصصة لهذا التسجيل و المعروفة باسم  Hot Spot ويعتبر بحر ايجه النقطة الفاصلة مابين تركيا واليونان ثغرة في حدود الاتحاد الأوروبي، وماتعمل عليه الآن هو تعزيز تواجد القطع الحربية للاتحاد من خلال تسيير السفن والمراقبة المستمرة لايقاف عمليات تهريب البشر من تركيا إلى أوروبا.

 ايطاليا

تعاني ايطاليا من تدفق المهاجرين غير الشرعين من إفريقيا عبر السواحل الليبية، والتي لاتبعد أكثر من 200 كلم عن السواحل الايطالية، ممايجعلها نقطة انطلاق إلى قوارب المهاجرين، والتي تمثل ثغرة أمنية في امن دول الاتحاد. وفي هذا الصدد، كشفت وزيرة الدفاع الإيطالية “روبرتا بينوتي”  يوم 4 فبراير 2016عن إطلاق بلادها مهمة أمنية منذ عام في البحر المتوسط في ليبيا. وأضافت بينوتي أن إيطاليا قامت بتدشين مهمة أطلقت عليها اسم “ماري سيكورو” أو “البحر الآمن” وهي بعثة أمنية. يذكر ان ايطاليا لديها عدد كبير من السفن الحربية في المتوسط، بينها غواصات.

الناتو استعدادات عسكرية لمواجهة تهريب البشر

أعلن قائد قوات الناتو في أوروبا، الجنرال فليب بريدلاف، أن الحلف استكمل استعداداته العسكرية، عقب القرار الذي اتخذه، مؤخرا، لمحاربة تهريب المهاجرين. وقال إن  الحلف ، تحرك بشكل سريع عقب اتخاذ قراره في اجتماع وزراء دفاع الدول الأعضاء، وأكمل استعداداته لمحاربة تهريب المهاجرين. وان السفن

وصلت، يوم 12 فبراير 2016، إلى بحر إيجة. وأرسل الحلف  “المجموعة البحرية الدائمة 2” إلى بحر إيجة، فيما تقوم خمسة سفن بينها سفينة دعم ، كمرحلة أولى.

وصرح “ستولتنبيرغ”، الأمين العام لحلف الناتو، بأنه من المقرر أن يتم إعادة توجيه مهمة الناتو البحرية الحالية في البحر المتوسط ليتم نقلها إلى المياه الواقعة بين تركيا واليونان بدون تأخير. وقال “ستولتنبيرغ”، في أعقاب القرار الذي اتخذه وزراء دفاع الحلف، إن الناتو سيساهم بالمعلومات المهمة والمراقبة، للمساعدة في مكافحة تهريب البشر والشبكات الإجرامية ومن المقرر أن يعمل التحالف العسكري بشكل وثيق مع السلطات اليونانية والتركية، بالإضافة إلى قوة حراسة الحدود.

مراقبة الحدود الداخلية لدول الاتحاد

يقول المستشار النمساوي “فيرنر فايمان” إن بلاده ستبدأ في بناء منشآت جديدة لحماية حدودها بشكل أفضل خاصة حدودها مع إيطاليا مؤكدا على الجهود المبذولة للحد من قبول المهاجرين. وبنت النمسا في الفترة الأخيرة سياجا بطول 3.7 كيلومتر عند معبر “سبيلفلد” أزحم معبر حدودي لها مع سلوفينيا قائلة إن ذلك سيساعد في إدارة تدفق الواصلين الجدد إلى أراضيها. ومن جهة أخرى صعدت الدنمارك إجراءات السيطرة على حدودها مع ألمانيا للحد من تدفق اللاجئين.

وأعلنت الدول الست المؤسسة للاتحاد الأوروبي وهي فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا واللوكسمبورغ، بان الاتحاد بات في وضع سيئ ويواجه “أياماً صعبة”، معربة عن قلقها إزاء مستقبل “المشروع الأوروبي” برمته. لذا دعت إلى حماية أفضل للحدود الخارجية للحدود الأوروبية، بعض الدول عملت إلى بناء سياج بين اليونان وبلغاريا ومقدونيا، وبين النمسا وسلوفينا، ما يهدد اتفاقية شينغين.

تحاول دول أوروبا أيضا، معالجة قضية الهجرة غير الشرعية، من خلال التعاون مع حكومات خاصة شمال إفريقيا ، بدعم تلك الدول اقتصاديا، وإيجاد مشاريع تنمية صغيرة لتقليص البطالة ودعم التنمية المستدامة، اعتقادا منها بان ذلك سوف يحد من تدفق إعداد جديدة، كون غالبية المهاجرين الذين يصلون إلى أوروبا ياتون للبحث عن فرص عمل وأسباب اقتصادية، أكثر من الأسباب الأخرى.

تبقى قضية مواجهة المقاتلين الأجانب وموجات اللاجئين والمهاجرين واحدة من القضايا التي تدفع أوروبا إلى أن تبدو أكثر تماسكا، بمسك حدودها الداخلية والخارجية.

المركز الأوروبي  لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post الجماعات “الجهادية” في سيناء .. النشأة والتكوين والعمل
Next post علاقة بين حزام الأمان وحوادث الطريق السريع ببلجيكا