السلفية “الجهادية” في ألمانيا … تصاعد حجم المخاطر

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تتصاعد المخاوف الأمنية من تنامي تيار السلفية الجهادية في ألمانيا مُستقطبًا المزيد من العناصر سنويًا، وسط أدوارًا مجهولة يعززها المهمشين وأصحاب الهويات المضطربة في المجتمع، ما يدفع بضرورة تطوير آليات مواجهة التطرف الإسلاموي بالبلاد.ويظهر ذلك في الحادث الذي نفذه المواطن العراقي الأصل على الطريق السريع في برلين في 19 أغسطس 2020 مُحدثًا بعض الاصطدامات بسيارته ما يؤكد على استمرار الانتشار العقائدي لتلك الجماعات عبر إستراتيجية الذئاب المنفردة بالرغم من ضعف التوجيه المباشر من القيادات لعدة أسباب. السلفية “الجهادية”

الأرقام الإحصائية حول تزايد السلفية الجهادية ودلالاتها

ـ تعداد “التطرف الإسلاموي

تُظهر أخر إحصائية أصدرتها وزارة الداخلية الاتحادية الألمانية (BMI) في13 يوليو 2020 تصاعد نسب المنتمين لجماعات التطرف الإسلاموي في البلاد، إذ تزايدت الأعداد في 2019 بنحو 5% عن عام 2018، ففي عام 2018 بلغت تقديرات المتطرفين الإسلامويين إلى 26,560 بينما وصل عددهم في 2019 إلى 28,020 شخصًا.

وتندرج تحت هذه القائمة عدة تصنيفات يأتي في مقدمتها تيار السلفية التي تشهد أعداده زيادة سنوية مضطردة، إذ ارتفعت الأعداد في 2019 لتسجل حوالي 12,150 شخصًا بعد أن كانت في 2018 11,300 شخصًا، ومن غير المرجح بحسب الإحصائية أن تتناقص الأعداد بشكل ملحوظ خلال الفترة القادمة.

ويأتي في المرتبة التالية تنظيمي داعش والقاعدة بأفرعه المتعددة ولكنهما دون أرقام محددة لدى السلطات، بينما شهدت أعداد حزب الله ثباتًا على مدار العامين 2018 و2019 بمقدار 1,050، فيما زادت أعداد حركة حماس بنحو 60 فقط محققة 380 شخصًا، وفقًا لأخر إحصائية. السلفية “الجهادية”

وأوضحت القائمة ثباتًا في نسب جماعة حزب الله التركية (TH) وتبلغ 400، وجماعة التبليغ وتصل إلى 650، وحركة مللي جروش  وتبلغ 10,000 ، بينما ارتفعت نسب تواجد جماعة الإخوان بالبلاد من 1,040 إلى 1,350 في 2019، ونسب حزب التحرير من 350 إلى 430 رغم حظر أنشطته بالبلاد.

ـ نسبة خطورة المتطرفين 

يتضح من الإحصائية الرسمية الأخيرة وجود تصاعد في نمو التيارات السلفية الجهادية بالبلاد، ما يدفع نحو التحليل حول الأسباب التي أدت إلى هذا المشهد والذي لا يقتصر على أخر إحصائية فقط وإنما ينسحب على أغلب الإحصائيات التي قدمتها وزراة الداخلية عن هذا الأمر خلال الأعوام الأخيرة. السلفية “الجهادية”

وأن ما يجب عدم إغفاله حين تحليل زيادة نسب التطرف الإسلاموي بالبلاد هو مقياس الخطورة، وهو الآلية القانونية التي تصنف من خلالها وزارة الداخلية الألمانية مدى الخطورة التي يشكلها شخص دون الآخر داخل دائرة التنظيمات المتطرفة ومدى استعداده لتنفيذ عملية إرهابية، ففي حين تتزايد نسبة التطرف الإسلاموي بشكل عام تنخفض إلى حد ما أعداد المصنفين بالخطرين داخل التنظيمات. عوامل تنامي السلفية “الجهادية” في أوروبا

ذكرت الشبكة الألمانية (دويتشيه) في 8 أغسطس 2020 انخفاض أعداد المسجلين كإسلامويين خطيرين بالبلاد بحسب إحصائيات وزارة الداخلية، والتي سجلت منذ بداية العام الحالي وحتى يوليو 2020 629 شخصًا فقط بهذا التصنيف مقابل 677 شخصًا كانوا مدرجين في التصنيف السابق عنه.

ـ عوامل انخفاض الخطيرين

يعني ذلك أن ارتفاع التقديرات بشأن إجمالي الأشخاص المرتبطين بالتنظيمات يقابله رقم آخر يعبر عن تدني مستوى الخطيرين منهم، وتندرج عوامل هذه الإشكالية في عدة متغيرات أبرزها تراجع أنشطة داعش بعد خسارته معقله الأساسي في سوريا والعراق ما أضعف من انضمام الألمان إلى التنظيم، كما أن مقتل مؤسسه أبو بكر البغدادي في يونيو 2019 أضعف كثيرًا من حماس المنضمين الجدد، ولكن لاتزال السلطات بحسب إحصائية وزارة الداخلية ترى أن التطرف الإسلاموي يشكل تهديدًا متزايدًا على السلم العام للبلاد، فمع افتقاره للأوامر المباشرة من القيادات للأتباع بفعل التشتت الحالي إلا أن عمليات الذئاب المنفردة قائمة كخطر محتمل.

يضاف إلى ذلك العمليات العسكرية التي تشنها تركيا ضد الأكراد في سوريا ما يقلل من سيطرة الأخيرة على سجون داعش بالمنطقة ما قد يؤدي إلى هروب الدواعش الألمان ومحاولة تسللهم للداخل، كما أن خطر التنسيق على الشبكة العنكبوتية لايزال حاضرًا كخطر لا يمكن التغاضي عنه.السلفية “الجهادية”

ويحيلنا هذا إلى أن قلة العمليات الإرهابية الناشئة عن التيار الإسلاموي  لا ينفي صفة الغموض والضبابية حول المشهد المتطرف في ألمانيا، فمع انخفاض العمليات وتعداد الأشخاص الخطيرين لايزال الانضمام لتلك الجماعات عالي النسبة ما يؤشر إلى وجود عمليات حشد كبيرة تجري داخل البلاد ربما تكون مدفوعة من جهات بعينها.

يظهر ذلك الاحتمال في تنامي الأعداد المنتسبة لتيار الإخوان بالداخل وهو الذي يوصف بكونه الجماعة الأم للتنظيمات الإسلاموية المتطرفة التي استقت غالبية أفكارها من منهج حسن البنا ومنظر الجماعة سيد قطب حتى أن كتابات زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في مؤلفته فرسان تحت راية النبي تدلل على عمق ذلك واستفحاله.

مفاهيم حول “السلفية الجهادية” وعوامل خطورتها

ـ ماهية “السلفية الجهادية” وتقسيماتها

يعتمد مقياس خطورة الإشكالية بشكل أساسي على ماهية التعريفات الواضحة للسلفية الجهادية، فهو تيار يندرج تحت عبائته عدة تنظيمات ترى أن الجهاد هو الغاية الأساسية للدين الإسلامي، فضلا عن تفسيرات فقهية ترتبط بمبدأ الحاكمية المعتمد على قول الله تعالى (إن الحكم إلا لله) بما يحمله ذلك من تكفير للديمقراطيات والأنظمة السياسية الحديثة التي لا تطبق تفسيرات الدين وفقًا للتيار الذي يعرف أيضًا بالتطرف الإسلاموي.

ويقسم الكتيب الصادر عن المكتب الاتحادي لحماية الدستور (BfV) حول السلفية منتسبي تيار السلفية الجهادية إلى فئتين، الأولى تنطوي على أهداف سياسية تريد تحقيقها ببطء عبر استخدام الشعارات الدينية، والثانية تحمل السلاح وتنفذ الهجمات لإحداث تغيير راديكالي سريع بالمجتمع كما يفعل داعش، إلا أن الفئتين لديهما نفس المعايير حول العنف واستخدام السلاح ولكن الأول يأجله بعض الشئ حتى تحقيق أهدافه. السلفية “الجهادية”

تقييم خطورة” الإسلاموية” على المجتمع الألماني

يبقى في ذلك نقطة الخطورة الأكثر جدالا بالنسبة للمسؤولين لأن هذا التيار يبغض الأوروبيين والألمان ويسعى لإدماجهم جميعًا بشكل قهري في منظومته، وليس ذلك فقط بل إنه يبغض بالأساس كل معارضيه أو من ليسوا ضمن تنظيماته حتى من المسلمين ما يعني أنه رافض للتعددية والاختلاف ولذلك تعتبره أجهزة الاستخبارات خطر داهم على المجتمع.

ويرجعنا ذلك إلى جماعة الإخوان التي تشير أدبيات تأسيسها إلى التوغل ببطء في قاع المجتمع وضمان ولاء أفراده للتنظيم عبر مجموعات أسرية صغيرة تمثل النواة التي يترعرع عليها التنظيم حتي يستطيع الوصول إلى سدة السلطة وحينها يكسب تأييد العامة ممن ضمهم في السابق، تلك الصعود البطيئ المخيف للأجهزة الألمانية والأوروبية على حد سواء. السلفية “الجهادية”

فأن هذه الأيدلوجية التي تنسحب على الكثير من مجموعات السلفية الجهادية في ألمانيا تؤرق الساسة وتؤشر بوضوح على بقائها كسبب رئيسي في تنامي أعداد المتطرفين على الرغم من تشديد الرقابة الأمنية ضدهم، فهم باتوا يمثلون سلسلة عقائدية تنتظر تنفيذ أدوارها حين اللحظة المناسبة. الإخوان المسلمون فى أوروبا .. إستنساخ “خلايا الأسرة”في التنظيم.  

وأن انضواء هذه الجماعات تحت ستار المنظمات الخيرية والإنسانية وبالأخص جماعة الإخوان يمنح لها غطاء اجتماعي وديني يقوض من قدرة الأجهزة الأمنية على التصدي المباشر لها، فضلاً عن توغلها الناعم بين أطياف المجتمع.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post الدور الأوروبي المحتمل في النزاع الليبي على ضوء مخرجات مؤتمر برلين
Next post لماذا تُعتبر “لعبة القوة العظمى” لروسيا في العراق ذات أهمّية