روسيا و بريطانيا..حرب جواسيس و أزمات دبلوماسية

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_يتميز النظام الدولي بوجود صراع بين القوى الكبرى ليس فقط من أجل المصالح الاستراتيجية و إنما أيضا من أجل “الحصول على المعلومات الاستراتيجية” ، و تعتبر روسيا أحد أهم القوى التي تعتمد على الاستخبارات الخارجية في التجسس والاغتيالات خارج أراضيها.و هذا مع حدث مع بريطانيا خاصة في السنوات الأخيرة أصبحت بريطانيا تتهم رسميا الاستخبارات الروسية بالتجسس و القيام بعمليات اغتيال داخل الأراضي البريطانية، ما تسبب في وقوع بعض الأزمات الديبلوماسية بين الدولتين لا تزال انعكاساتها حاضرة لغاية الوقت الراهن. 

بريطانيا.. هدف رئيسي للإستخبارات الروسية

أصدرت لجنة برلمانية في بريطانيا تقريرا دامغا يوضح بالتفصيل كيفية تدخل روسيا في السياسة البريطانية. وقال أعضاء لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان إن بريطانيا كانت أحد الأهداف الرئيسية في الغرب للاستخبارات الروسية. وقالوا إن روسيا تمثل تهديدا شاملا يغذيه جنون الشك. وقالت اللجنة إن موسكو تسعى إلى بث الشقاق ونشر معلومات مضللة.

ويأتي التقرير بعد مزاعم بتدخل روسي في الانتخابات العامة العام 2019، وهو ما نفاه الكرملين. ويعتمد التقرير على مواد استخبارية سرية من وكالات تجسس بريطانية، وعلى مساهمات من خبراء محايدين. ويتحدث بالتفصيل عن نطاق التجسس والتخريب الروسي ضد بريطانيا وحلفائها، حسب ما نشره موقع “بي بي سي” في 21 يوليو 2020. هكذا يعمل العملاء العرافون السريون داخل الاستخبارات الروسية

و نبه تقرير سابق صدر في بريطانيا، إلى أن عدد الجواسيس الروس في البلاد، زاد بواقع (5) مرات تقريبا، مقارنة بما كان عليه خلال الحرب الباردة. وكشف التقرير الذي أعده مركز الدراسات “هنري جاكسون سوسايتي”، أن عدد العملاء الذين يخدمون لصالح روسيا في بريطانيا وصل إلى (200). واستند المركز البريطاني إلى تقديرات عدد من المسؤولين الحاليين والسابقين في أجهزة المخابرات، التي تبذل جهدا لتحييد عملاء موسكو المحتملين، وفق ما نقلت صحيفة “ميرور” البريطانية، و ذلك وفق ما نشره موقع “سكاي نيوز عربية” في 21 اكتوبر 2018.

تورط الإستخبارات الروسية في اغتيال الجاسوس السابق “سيرغي سكريبال” ببريطانيا

بدأت هذه القضية بعدما تم العثور على الجاسوس السابق “سيرغي سكريبال” (66 عاماً)، وابنته “يوليا” فاقدين للوعي على مقعد في مدينة سالسبوري، جنوب غرب إنكلترا، في 4 مارس 2018، ونُقلا إلى المستشفى في حالة “حرجة” بعدما تعرضا لمحاولة قتل، حسب السلطات البريطانية، التي قالت إن شرطياً تدخل في المكان هو حالياً في حالة خطيرة. وتصاعدت الاتهامات البريطانية لروسيا بالمسؤولية عن الهجوم، لتعلن السلطات أن سكريبال وابنته هوجما بمادة من العناصر السامة “نوفيتشوك” التي أعدتها روسيا في عهد السوفييت وتعتبر بالغة الخطورة.

يشرح العالم الكيميائي الروسي فيل ميرزايانوف، الذي كان يعمل قبل نحو 25 عاماً لدى المختبرات الروسية قبل أن يلجأ إلى الولايات المتحدة، أن هذا العنصر الكيميائي أقوى بعشر مرات على الأقل من غاز الأعصاب وآثاره رهيبة ولا شفاء منها، ويكفي نصف غرام منه لقتل شخص وزنه خمسين كيلوغراماً، وفق ما نشره موقع “العربي الجديد” في 15 ما رس2015. قضية إغتيال العميل الروسي سكريبال، تفتح ملف قائمة إغتيالات عملاء آخرين في بريطانيا

الوحدة رقم “29155”.. ذراع الاستخبارات الروسية في الجوسسة الخارجية

تقول “فورين بوليسي” إن هذا التطور يشير إلى الدور المتنامي الذي تقوم به الاستخبارات العسكرية الروسية، ولا سيما الوحدة “29155”، في “زرع الفوضى حول العالم، بما في ذلك اختراق المرشحة الرئاسية الديمقراطية السابق في الولايات المتحدة هيلاري كلينتون”. ويعتقد أن الوحدة “29155” بدأت العمل منذ أكثر من عقد من الزمان، لكنها لم تعرف إلا بعد محاولة اغتيال الجاسوس “سكريبال” قبل عامين.

حيث بدأت أجهزة الاستخبارات الغربية والصحفيون من رسم خريطة تقريبية للوحدة وأعضائها، والعمليات التي تورطوا بها داخل أوروبا.وفي ربيع عام 2018، أطلق رجلان جرعة من غاز الأعصاب صوب الجاسوس الروسي سيرغي سكريبال الذي كان يعيش في إنجلترا بعد فراره من روسيا، حسب ما نشره موقع “سكاي نيوز عربية” في 3 يوليو 2020. الإستخبارات .. تنامي أنشطة التجسس داخل الاتحاد الأوروبي

حرب الجواسيس بين روسيا و بريطانيا.. أزمات دبلوماسية متتالية

أكدت رئيسة الوزراء السابقة البريطانية “تيريزا ماي” إنه “من المرجح جدا” أن تكون روسيا خلف عملية اغتيال “سيرغي سكريبال”، مشيرة إلى أن موسكو قد تكون مسؤولة بشكل مباشر أو لربما “فقدت السيطرة” على انتشار غاز الأعصابفى 14 مارس 2019 ، اعتبرت لندن أن موسكو “مذنبة” معلنة أنها ستطرد (23 ) من (59 ) دبلوماسيا روسيا لديها.

وأعلنت كذلك تجميد الاتصالات رفيعة المستوى مع موسكو وأضافت أن أفراد الأسرة الملكية لن يحضروا كأس العالم لكرة القدم الذي تستضيفه روسيا . وانتقدت وزارة الخارجية الروسية “خيار المواجهة” الذي تبنته لندن مضيفة أنها ستتخذ اجراءات انتقامية في وقت قريب، وفق ما نشره موقع “إذاعة مونتي كارلو الدولية” في 17 مارس 2018. 

وجاءت تصريحات “ماي ” في الوقت الذي أعلنت فيه موسكو عن استدعائها للسفير البريطاني في موسكو، مما ينبئ ببوادر أزمة دبلوماسية بين بريطانيا وروسيا خاصة بعد تكرار اتهام النظام الروسي بقتل مناهضين له بالعاصمة البريطانية. وعددت ماي سياسات روسية التي وصفتها بالعدائية، فقالت “إن الاستيلاء على شبه جزيرة القرم، وانتهاك المجال الجوي الأوروبي، والتدخل في نتائج الانتخابات وخرق أنظمة وزارة الدفاع الدنماركي والبرلمان الألماني” كلها من شيَم النظام الروسي، حسب ما نشره موقع” يويونيوز” في 13 مارس 2018.

حرب الجواسيس بين روسيا و بريطانيا..بوادر الإنفراج لكن بشروط

صرح متحدث باسم الحكومة البريطانية، إن فتح صفحة جديدة في العلاقات مع روسيا لن يكون ممكنا إلا إذا غيرت موسكو سلوكها، وذلك إثر دعوة الرئيس “فلاديمير بوتين” إلى “طي الصفحة المرتبطة بالجواسيس”. وأضاف المتحدث “من الواضح أن سلوك روسيا  والذي يزعزع الاستقرار يقوض مساعيها لتصبح شريكا دوليا مسؤولا”، لكنه أكد أن لندن ستواصل التشاور مع موسكو في قضايا الأمن الدولي لأن “ذلك يصب في مصلحة المملكة المتحدة”. وتدارك “لكن رئيس الحكومة  أعلن في مناسبات عدة أننا لا نستطيع بناء علاقة مختلفة إلا إذا غيرت روسيا سلوكها”.

مستقبل العلاقات الروسية-البريطانية في ظل حرب الجواسيس

لا يمكن الجزم بأي حال بأن القوى الكبرى ستتوقف عن ممارسة “عمليات الجوسسة” لأن ذلك يدخل في طبيعة النظام الدولي و الاعراف الأمنية الدولية منذ القدم. لكن الحديث عن مستقبل العلاقات بين كل من روسيا و بريطانيا مرتبط “بنوايا” الدولتين في تغيير نمط هذا العرف الأمني (الجوسسة) ، لا سيما إلتزام روسيا بالحد من الاغتيلات التي تحصل على الأراضي البريطانية -حسب المزاعم الرسمية البريطانية- .

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post كيفية التوفيق بين الأولويات المتنافسة وبيع طائرات “إف-35” لدولة الإمارات
Next post مكافحة الإرهاب في فرنسا.. تطوير قدرات وإمكانيات اجهزة الاستخبارات