المقاتلون الأجانب ـ تقييم المخاطر و إستجابة دول أوروبا
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_منذ انهيار داعش والجماعات التابعة له في شمال سوريا، تصارع الدول لإيجاد وسائل فعالة لمعالجة قضية المقاتلين الأجانب المحتجزين وأطفالهم. تمت مناقشة العديد من خيارات السياسة، مثل إنشاء محكمة دولية خاصة، والنقل إلى العراق ومحاكمته، والإعادة إلى الوطن والمحاكمة في بلدانهم الأصلية.
وقد حثت الأمم المتحدة على أن تظل العودة إلى الوطن والمحاكمة (حيثما كان ذلك مناسبًا ومبررًا) وإعادة التأهيل هي أنسب الحلول وأكثرها قابلية للتطبيق. ومن الدول التي اتبعت السياسة الأخيرة، فرنسا، حيث أبلغت عن عزمها إعادة (250) مقاتل، لكنهم ظلوا في تركيا ولم يصلوا إلى فرنسا إلى الآن. أما المملكة المتحدة وألمانيا فأعلنوا عن رفضهم عودة المواطنين المقاتلين، مع استثناء الأطفال حيث قام جميعهم بإعادة الأطفال الأيتام وغير المصحوبين بذويهم. هيئة لمتابعة المقاتلين الأجانب قضائيا
رغم التخوفات من إعادة المقاتلين الأجانب إلى دولهم، إلا أنه لا يجب تجاهل عدة أمور:
ـ أن إعادة المقاتلين الأجانب إلى أوطانهم ومحاكمتهم وسجنهم وإعادة تأهيلهم تسمح للدول بمراقبة التهديد الذي يشكله المقاتلون الأجانب والسيطرة عليه ، في حين أن تركهم في مناطق الحرب سيترك التهديد مفتوحًا.
ـ إنكار جنسية المقاتلين الأجانب من قبل بلدانهم الأصلية سيعزز شعور المقاتلين الأجانب بأنهم في الواقع مواطنين في تنظيم داعش، مما يزيد من احتمال قيامهم بإعادة تنشيط التنظيم في المستقبل.
ـ عدم إعادة المقاتلين الأجانب إلى أوطانهم ونقلهم إلى دول أخرى للمحاكمة أو السجن، يعمل على تعزيز روابطهم ببعضهم البعض وتحسين مهارتهم في التخطيط والتنفيذ، بما يمكنهم من تنفيذ عمليات إرهابية ليست محلية فقط بل دولية أيضًا. لماذا أوروبا تعتبر المقاتلين الأجانب خطر على أمنها القومي ؟
أي أن العودة العاجلة للمقاتلين الأجانب وعائلاتهم من منطقة النزاع وإعادتهم إلى الوطن هي أفضل سياسة تنتهجها الدول في هذا الصدد، لمواجهة خطرهم من ناحية، ولإنقاذ النساء والرجال والأطفال الذين ما زالوا يعانون في المخيمات في سوريا والعراق من ناحية أخرى.
وفي مواجهة تحديات أو مخاطر إعادتهم، يجب على الدول الأوروبية أن تتولى مهمة محاسبة الأفراد في الجرائم والانتهاكات التي ارتكبوها أثناء انخراطهم في التنظيم الإرهابي،مع اعتماد تدابير مراقبة وفرض قيود تهدف إلى إبقاء المقاتلين العائدين تحت المراقبة بما يقلل من التهديد المحتمل الذي قد يشكلونه بعد عودتهم.
هذه التدابير مثل المراقبة الإلكترونية، الإقامة الجبرية، نقلهم بعيدًا عن مناطق جغرافية محددة مثل المناطق الحيوية أو تلك ذات الكثافة السكانية. لكن هذه الجهود قد لا يكون متاح تنفيذها في بعض الدول خاصة تلك التي تفتقر إلى القدرة والموارد اللازمة لمراقبة المقاتلين العائدين وعائلاتهم خاصة إذا كان العدد كبيرًا.
ولمواجهة الرفض الشعبي لعودة المقاتلين، يمكن للدول أن تغير من خطابها المتعلق بهم، فيجب عليها استخدام لغة إنسانية مثل التوقف عن استخدام مصطلحات مثل “أطفال داعش، النساء الجهاديات” من قبل القادة والتي غالبًا ما يتم تعزيزها في وسائل الإعلام، بدلًا من تركيز الخطاب على التهديدات الأمنية المحتملة لعودتهم. مخاوف من عودة المقاتلين الاجانب
كما يتعين عليها زيادة الجهود المباشرة لدعم العودة إلى الوطن. فبالنظر إلى التداعيات المباشرة على الأمن القومي للدول الأوروبية ونافذة الفرصة الضيقة قبل أن تتدهور الأوضاع الإنسانية ، أو أن يصل الوضع الأمني داخل مخيمات احتجاز النساء والأطفال مثل مخيم الهولإلىنقطةالانهيار،ينبغي تكثيف جهودها للمساعدة في العودة إلى الوطن والبدء في إعادة تأهيلهم بدلًا من تركهم خارج الوطن، خاصة الأطفال، فيجب معاملتهم كضحايا، وأن تكون إعادتهم واجب إنساني وحقوقي، مع الالتزام بحماية حقوقهم في الرعاية مع تقديم الدعم النفسي اللازم لهم.
لذا يجدر التأكيد على أن الاستجابة الناجحة للمقاتلين الأجانب، وجهود العودة إلى الوطن لا يمكن أن تتحقق إلا عندما يكون هناك تعاون بين الدول، لتبادل المعلومات والخبرات وأفضل الممارسات للتعامل مع هذه الفضية فضلًا عن حل مشكلاتهم مع المقاتلين الأجانب بشكل مشترك. لذا يجب أن تتبنى الدول الأوروبية برنامجًا مشتركًا قائمًا على حماية حقوق الإنسان واختيار العودة إلى الوطن كحل قابل للتطبيق، للتعامل مع هذه المشكلة تقوم فيه جميع الدول بالتنسيق فيما بينها وتوحيد جهودها، بما يعزز مبدأ المسؤولية المشتركة عن حفظ الأمن والسلام لدول الاتحاد كافة.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات”