التطرف داخل المجتمعات الأوروبية ـ عدم الفصل مابين حرية الرأي والنزوح نحو التطرف

جاسم محمد

شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_إن الحديث عن التطرف في أوروبا، بدون شك يختلف تماما عن التطرف في دول العالم الثالث، ويثير الكثير من الأسئلة عن نزوح الشباب نحو التطرف،اللذين يعيشون في بيئة أو ظروف توفرت فيها القواعد الأساسية للعيش.موجة الإرهاب التي ضربت أوروبا عام 2015، لم تأتي من فراغ، هي ارتداد عكسي إلى تصدير الجماعات المتطرفة من أوروبا إلى دول المنطقة ضمن نظرية “استقطاب الإرهاب”، أبرزها سوريا والعراق وليبيا. منابر التطرف أن ابرز أسباب التطرف في  أوروبا تتمحور حول البحث عن الهوية، والازدواجية التي يعيشها بعض الأفراد من فئة الشباب مابين البلد الأم والبلد الأوروبي الذي يعيش فيه، وهنا تظهر أهمية انتماء الفرد إلى الجماعة، ليسد الفراغ.الدعاية المتطرفة على الانترنيت وكذلك فتاوى التطرف التي تنطلق من بعض المساجد المرتبطة بدول داعمة للتطرف والإرهاب، أو من قبل جماعات مرتبط تنظيميا ب “السلفية الجهادية ” والإخوان المسلمين” والجماعات المتطرفة. كثيرا ما تتم عملية تجنيد الشباب لهذه الجماعات في الجامعات أو السجون، وتعتمد بشكل كبير على فكرة الانتشار ونقلها بين الأشخاص عبر الإنترنت.

الدراسات والتحقيقات هنا في أوروبا، وصلت إلى نتيجة بأنه لا توجد خلفية واحدة إلى أسباب التطرف، وأنها لا تتحدد في مستوى التعليم أو المستوى الاجتماعي أبدا. تبقى دائرة علاقات الأشخاص تلعب دورا مهما في النزوح نحو التطرف، وهذا ماكشفته حقيقة التحاق أعداد كبيرة من الشباب من دول أوروبا إلى صفوف داعش في سوريا والعراق.

تهديد التطرف هو الاعنف الى المجتمعات الأوروبية

تقول إرين ماريا سالتمان، الباحثة المتخصصة في مؤسسة كويليام ، فكرة التعميم فيما يتعلق ببحث الأسباب خلف التطرف لدى الشباب وتقول في دراسة بشأن ميولات المشاركة في الجهاد:” الشباب المسلم من الجيل الثاني والثالث للمهاجرين هم المستهدفون في الغالب، لكن هناك أيضا حالات يكون أبطالها من الأشخاص الذين تحولوا للإسلام”. وتوضح الباحثة أن الأشخاص الذين يتم تجنيدهم لهذه التنظيمات، لديهم عادة شعور الإحساس بالتميز في عالم يبدو لهم فيه تحقيق الثروة من المستحيلات، ومثل هذا الشعور بفقدان الأمل هو ما تستغله الجماعات المتطرفة لتحقيق أهدافها من خلال إقناع هؤلاء الشباب بالانضمام لجماعات قوية، ترتبط صورتها بمغامرة القيام بتغيير العالم. التطرف في بلجيكا

أسباب النزوح نحو التطرف في أوروبا :

ـ عدم وجود فهم للنصوص الدينية

تواجه دول أوروبا والغرب دول اوربا بعدم فهم  خطاب الجماعات المتطرفة التي تفسر النصوص الدينية بما يخدم عمل الجماعة، من اجل الحصول مجندين جدد.

ـ عدم الفصل مابين حرية الرأي والنزوح نحو التطرف

رغم ما أنجزته دول أوروبا من جهود في مكافحة الإرهاب والتطرف، فما زالت دول أوروبا تعاني مشكلة الفصل مابين ممارسة العقيدة وحرية الرأي من جانب والنزوح إلى التطرف أو تقديم الدعم اللوجستي والدعاية إلى الجماعات المتطرفة.

ـ المواقف السياسية 

إلى بعض دول أوروبا وكذلك بعض الأحزاب السياسية التي ترفض، الاعتراف بوجود الجاليات  أو الأجانب، وتعتبرها من وجهة نظرها ، “تهديد إلى ثقافتها” وهنا تظهر فبركة أو صناعة الكراهية”الاسلامفوبيا”.

ـ صعوبة تشخيص التطرف

تعاني الحكومات والمؤسسات في أوروبا المعنية في محاربو التطرف والإرهاب  عدم تشخيص التطرف المبكر عند الأفراد، خاصة في المراحل الأولية، كونه غير ظاهر، عكس الإرهاب، ممكن فرزه، كونه يتحرك على الأرض وممكن مواجهته.

ـ العنصرية

تنامي العنصرية، المتمثلة بالتيارات الشعبوية واليمين المتطرف، تدفع بعض الشباب إلى النزوح نحو التطرف، بتنظيم أنفسهم داخل جماعات “اسلاموية متطرفة” من اجل البحث عن “الحماية” او الثأر”.

ـ العزلة

أضحت قضية اندماج المهاجرين المسلمين والعرب في المجتمعات الغربية، إحدى الملفات الشائكة التي تغذي حركات اليمين المتطرف، لكن فهم هذا “المأزق” يثير انقساما كبيرا، ففيما يعزوه البعض، إلى انطواء الجاليات على نفسها، ينحي آخرون باللوم على الحكومات الغربية، لأنها لم تستطع أن تكون حاضنة لكافة أطياف المجتمع، وفقا إلى تقرير قناة سكاي في 02 يوليو 2019 . العيش في مجتمعات منغلقة، من شانها، تنمي التطرف، وترفض الأشخاص من خارج هذه المجتمعات الضيقة.

الاندماج داخل المجتمعات الأوروبية :

ـ المستوى القانونيّ، إن حصول المهاجر على الأوراق القانونية، الإقامة، بدون شك تكون نافذة جديدة للعيش والعمل.

ـ والمستوى الثقافيّ، أن لايحمل تراكمات ثقافية سلبية ويحترم سياسة وقوانين البلد الذي يعيش إليه وفتح له باب الهجرة.

ـ مستوى” الهوية  هو عدم الازدواجية مابين البلد الأم وبلد الهجرة، وقبول هوية البلد الثقافية أو احترامها والتعايش السلمي.

أظهرت دراسة أجراها معهد برتلسمان ستيفتنغ الألماني، تناولتها صحيفة العرب اللندنية في  28 اوغست 2017 أن اندماج المهاجرين المسلمين يسجل “تقدما فعليا” في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وسويسرا والنمسا، رغم العقبات التي تقف أمامهم في ما يخص التعليم والعمل. وقال المعهد إن “الاندماج حصل في الجيل الثاني على الأكثر لدى غالبية (المهاجرين المسلمين)”، في بيان أعلن فيه نشر دراسة شملت ألف شخص كعينة تمثيلية للسكان، إضافة إلى 500 آخرين يقولون إنهم مسلمون من الدول المذكورة. من اجل فهم التطرف في أوروبا

وتشدد جيسيكا سورس، مسؤولة سياسة مكافحة التطرف، على ضرورة الحاجة إلى رغبة سياسية لمنع التطرف بمختلف أشكاله مؤكدة على “الأدوار التي تطلع بها المؤسسات جميعها، غير أنها ترى أن الوقت حان لتنسيق المؤسسات الأوروبية جهودها وتعالج قضايا الاندماج”. وهناك إجماع لدى الباحثين،إن برامج وسياسة الوقاية من التطرف، يجب أن تبدأ من الأسرة والمدرسة والحكومات المحلية، من اجل نشر ثقافة تقبل الآخر، مع اختلاف الدين والعرق والمذهب، وهذا هو الأساس بما تدعو له أوروبا في سياسيات التكامل الاجتماعي والاندماج في المجتمع.وان تدرك أوروبا أن الاندماج في المجتمع من قبل الأجانب والمسلمون لا يعني التخلي عن ثقافتهم، بقدر التعايش السلمي وقبول الطرف الأخر، وهذا يعني أن مسؤولية الاندماج في المجتمع لا تقع على الأفراد والمجتمعات بقدر ما تشارك فيه الحكومات.

تبقى معالجة التطرف مجتمعيا هو الأفضل في المجتمعات الأوروبية، رغم التحديات، وذلك من خلال اعتماد مؤشر إرهاب مجتمعي مبكر تساهم فيه الأسرة ومنظمات المجتمع المدني والمدرسة بالتعاون مع السلطات الحكومية.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post مكافحة الإرهاب في فرنسا.. تطوير قدرات وإمكانيات أجهزة الاستخبارات
Next post ما الفرق بين إغلاق مارس و نوفمبر بزمن كورونا في بليجكا ؟