من المستفيد من نجاح بايدن: الفلسطينيون أم إسرائيل
نهاد ابو غوش:كاتب وصحفي فلسطيني
الحوار المتمدن مصدر
من المستفيد من نجاح بايدن: الفلسطينيون أم إسرائيل؟
نهاد أبو غوش
لا يختلف الفلسطينيون على أن الرئيس ترامب هو الأسوأ على الإطلاق في سلسلة الثلاثة عشر (13) رئيسا الذين تعاقبوا على البيت الأبيض خلال 18 فترة رئاسية منذ النكبة وحتى الآن، كل رؤساء أميركا انحازوا لإسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، ووفروا لدولة الاحتلال كل أشكال الدعم المالي والعسكري والاقتصادي والسياسي، واستخدموا حق النقض (الفيتو) أكثر من 45 مرة لحماية إسرائيل من قرارات الشرعية الدولية، ولكن ترامب فاق الجميع وسبقهم، وانتقل بالإدارة الأميركية منة موقع الانحياز لإسرائيل، إلى خندق المشاركة في العدوان على الشعب الفلسطيني، ومحاولة تصفية قضيته الوطنية وحقوقه الثابتة والمشروعة. الرئيس ترامب كسر تقاليد رئاسية أميركية عمرها 70 عاما حين اعترف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، كما اعترف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، ونقل سفارة بلاده للقدس المحتلة، وعمل جاهدا وبكل صفاقة وصلافة على تصفية قضية اللاجئين، ومحاولة إنهاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ولإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، ليقتصر على من بقي حيا من اللاجئين الذين هجروا في العام 1948، خلافا لأبنائهم ونسلهم، وعلاوة على ذلك أغلق مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن إعمالا لقرار قديم للكونغرس يعتبرها منظمة إرهابية.
فرح الفلسطينيون إذن بهزيمة ترامب الذي ألحق أضرارا بالغة بالقضية الفلسطينية، وبميزان العدالة والنزاهة الدوليين، وبالقانون الدولي، ومن الصعب على خلفه جو بايدن أن يزيل أضرار ترامب بقرارات سريعة حتى لو أراد ذلك، ومن المشكوك فيه أنه يريد ذلك، ولا سيما أنه معروف بمواقفه المؤيدة لإسرائيل.
في الوضع الراهن، وعلى الرغم من تأييد نتنياهو السافر لترامب، إلا أن إسرائيل على الأرجح هي الأقدر على الاستفادة من وجود بايدن في البيت الأبيض، فهذا الأخير كان نائبا لأوباما، ومن أعضاء فريقه الرئاسي الذي خدم لثماني سنوات، وأقصى ما يمكن أن يقدمه ترامب هو إدارة الأزمة وليس حلها، ونموذج جولات كيري التي لا تعد ولا تحصى ما زال حاضرا في الأذهان، إدارة الأزمة منعا لتفاقمها وانفجارها، بما يوحي- زورا- بأن ثمة عملية سياسية جارية، في الوقت الذي تواصل إسرائيل إجراءاتها على الأرض لتغيير الحقائق المادية.
أسباب آخر تدفع للاعتقاد أن إسرائيل هي الأقدر على استغلال ترامب، منها تشابك المصالح الإستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والدور الوظيفي الموكول للأخيرة في خدمة المصالح الأميركية والغربية بشكل عام، وكذلك قدرتها على استثمار قوى الضغط داخل المجتمع الأميركي، ثم الأوضاع الداخلية في إسرائيل مقارنة بالأوضاع الذاتية الفلسطينية، فعلى الرغم من الخلافات التي تظهر بين فترة وأخرى، إلا أن القوى الصهيونية الرئيسية موحدة على إستراتيجية التوسع والاستيطان والاحتلال وإنكار حقوق الشعب الفلسطيني، بينما الوضع الفلسطيني المنقسم، وغياب الإستراتيجية الموحدة يغري أعداء الشعب الفلسطيني بالتمادي في عدوانهم وتجاهل حقوق شعبنا وإنكارها.
إذن لا يمكن لأي رهان على بايدن أو غيره أن يأتي بأي نتيجة سوى الوهم، واستمرار الدوران في المتاهة. والرهان الحقيقي ينبغي أن يكون على القوى الذاتية للشعب الفلسطيني باستعادة وحدته الوطنية، واعتماد برنامج سياسي ونضالي موحد، وتفعيل أدوات النضال نقاط القوة الكامنة التي من شأنها إعادة شيء من التوازن لمعادلة الصراع المختلة، وتقديم نموذج سياسي وكفاحي قادر على اجتذاب واستقطاب الدعم العربي والدولي، الشعبي والرسمي.
نمط الأداء الداخلي الفلسطيني في إدارة شؤون المجتمع يمكن له أيضا أن يعزز قدرات الشعب الفلسطيني على الصمود والمواجهة، وأن يستعيد ثقة الشعب بالمؤسسات السياسية الفلسطينية، وأن يؤسس لفصل جديد من الكفاح الوطني الفلسطيني يقوم على الطلاق مع أوسلو وأوهامه، وتطوير النضال الجماهيري والسياسي وصولا لعصيان وطني شامل.
فليراهن الشعب الفلسطيني على قواه المتاحة وإمكانياته الكامنة، لا على بايدن أو غيره ووعوده الغامضة.