المدار تفتح ملف ثنائيات الفن ((شادية وصلاح ذور الفقار ثنائي لم يستمر ))
ملف الثنائيات تفتحه نجاة أحمد الأسعد
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_الدلوعة»… «معبودة الجماهير»… «بنت مصر»..«قيثارة مصر»… «عروس السينما العربية»… «ربيع الغناء والفن العربي»… و«معشوقة الجماهير»… هكذا لقبت الفنانة المصرية المعتزلة شادية، هذه النجمة الاستثنائية في عالم الفن العربي. عنها قالت سيدة الغناء العربي كوكب الشرق أم كلثوم «ان شادية صاحبة صوت جميل، سليم، متسق النسب والأبعاد، مشرق، لطيف الأداء يتميز بشحنة عالية من الأحاسيس، وبصوتها فيض سخي من الحنان، وشادية واحدة من أحب الأصوات الى نفسي».
أما العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ فقال: «ان شادية هي المفضلة لديّ غناءً وتمثيلا من بين كل الفنانات».
هذا عن شادية المطربة، أما شادية الممثلة فقال عنها أديب مصر العالمي الراحل نجيب محفوظ «ان شادية ممثلة عالية القدرة وقد استطاعت ان تعطي سطوري في رواياتي لحما ودما وشكلا مميزا لا أجد ما يفوقه في نقل الصورة من البنيان الأدبي الى الشكل السينمائي، وكانت «حميدة» في «زقاق المدق» صورة لتلك القدرة الفائقة التي لا أتصور غيرها قادرا على الاتيان بها، وهي كذلك أيضا في غير أعمالي فقد رأيتها في بداياتها في دور الأم المطحونة المضحية في فيلم «المرأة المجهولة» وتصورت ان بمقدورها ان تحصل على جائزة «الأوسكار» العالمية في التمثيل لو تقدمت إليها ».
إنها شادية التي استطاعت عبر مئات الأغاني و116 فيلما سينمائيا ان تقول للجميع أنهم أمام حالة فنية غير مسبوقة.. إنها الفنانة التي فرضت نفسها وسط عمالقة الغناء واجتذبت قاعدة كبيرة من الشباب… وبقدر ما كانت بسيطة، كانت عميقة، بقدر ما راهنت على الفن.. راهنت على الجمهور، ونجح رهانها في المرتين. والدليل انها بقيت نجمة الشباك الأولى في السينما العربية لأكثر من ربع قرن.
كانت شادية قد كونت في فترة الخمسينات أروع وأجمل ثنائي عرفته السينما العربية والمصرية حتى يومنا هذا مع الفنان كمال الشناوي، فإنها في فترة الستينات كونت ثنائيا آخر، كان أقل تأثيرا لدى الجمهور، لكنه أيضا حقق النجاح، كان هذا الثنائي مع صلاح ذوالفقار الوافد على الفن من جهاز الشرطة المصرية، وهذه المرة، وخلافا لما حدث مع كمال الشناوي، تحول التمثيل إلى حقيقة وتزوجت شادية من صلاح ذوالفقار.
كان أول لقاء جمع بين شادية وصلاح ذوالفقار هو فيلم «عيون سهرانة» العام 1957، أثناء زواجها من عماد حمدي، وربما يكون عماد حمدي لمح خلال هذا الفيلم بحاسة الزوج ما يقلقه ويوتر علاقته مع شادية، لا سيما أنه كان شديد الغيرة، خاصة في الأيام الأخيرة من حياتهما الزوجية التي انتهت في مايو من العام ذاته.
اللقاء الأول
لكن الثابت، وفقا للكاتب المصري محمد سعيد الذي أرخ لشادية سينمائيا وغنائيا في عدد من الصحف المصرية والعربية، وعبر كتابه «أشهر مئة في الغناء العربي»، أن علاقة الحب بين شادية وصلاح ذوالفقار لم تشتهر ولم تعرف للناس إلا عندما قدما معا فيلم «أغلى من حياتي» العام 1965، وهو الفيلم الذي شهد اللقاء الثاني بينهما ، وأخذت قصته عن قصة فيلم «الشارع الخلفي» لجون جافن وسوزان هيوارد، وهو فيلم شديد الرومانسية يروي قصة شاب وفتاة تحول الظروف دون زواجهما، ويسير كل منهما في طريقه إلى أن يتزوج المهندس الشاب ويشتهر في مجاله، وتصبح له أسرة وأبناء.
وبعد سنين طويلة يلتقي فتاته الأولى التي لم تتزوج غيره رغم طول السنين، ولم يكن حبها مات في قلبه أيضا، فيتزوجها سرا، ويسكنها الشارع الخلفي، ويدوم الحال سنين طويلة، ولا يكشف السر إلا ابنه الأكبر لحظة وفاة أبيه.
التمثيل… حقيقة
و كان صلاح ذوالفقار في الحياة هو ذلك الأب الذي وقع في حب جديد لم يجد له علاجا سوى الزواج، إن قصة الحب بين «أحمد ومنى» في هذا الفيلم لاتزال تعيش في وجدان الجمهور إلى يومنا هذا، ولايزال نداء الحبيبين : «أحمد-منى» يرن في اذان الناس، بل إنه أحيانا يتحول إلى «قفشة» طريفة يتندر بها الناس الآن.
والحقيقة أن شادية تزوجت صلاح ذو الفقار مرتين لا مرة واحدة، ففي نوفمبر 1967، وبعد قصة حب دامت شهورا بعد فيلم «أغلى من حياتي»… تزوجا وعاشا حياة سعيدة جدا، لكن شادية شعرت مرة أخرى بالحنين للإنجاب، وحملت بالفعل للمرة الثالثة، ومكثت في البيت قرابة الخمسة أشهر لا تتحرك حتى يثبت حملها، لكن القدر قال كلمته، وفقدت الجنين، وأثر هذا بشكل سيئ على نفسيتها، وبالتالي على حياتها الزوجية فوقع الطلاق بينهما بعد أقل من عام في أغسطس 1969.
وكان هذا الحلم، هو أحد الأسباب التي أرقت حياة شادية، وحرمتها من أن تهنأ بالسعادة، وكانت دائما نقطة خلاف بينها وبين أزواجها، فحينما تزوجت من عماد حمدي، كان الاتفاق بينهما على تأخير الإنجاب أعواما عدة، لكن رغبتها الجارفة في تحقيق هذا الحلم دفعتها إلى مخالفة الاتفاق، وحملت بالفعل، وعاندها القدر أيضا، فقد أكد لها الأطباء خطورة الحمل على صحتها، وأن جسمها الضعيف النحيل لا يقوى على احتمال الإنجاب، لكنها تمسكت بالإنجاب، وكان ذلك سببا آخر للخلاف مع عماد حمدي، والطلاق فيما بعد.
وفي زيجتها الثانية من المهندس عزيز فتحي حملت شادية، وسقط جنينها أيضا، ما دفعهما لتكذيب نبأ الحمل الذي كانت الصحف نشرته يوم 16 أكتوبر العام 1958، ثم كان الحمل الثالث من صلاح ذوالفقار، وفقدت الجنين أيضا في شهره الرابع.
وبعد أن وقع الطلاق بين شادية وصلاح ذوالفقار سعى بعض المقربين منهما إلى إعادة المياه إلى مجاريها بينهما، بعد أن عز عليهم أن تنتهي قصة الحب التي كانت مضرب الأمثال في الوسط الفني – في ذلك الوقت – تلك النهاية وتتحطم على صخرة خلافات بسيطة مبعثها سوء الحالة النفسية والإحباط الذي عانت منه شادية، بعد أن فقدت حلمها في الإنجاب مرارا، ونجحت محاولات الوساطة في إعادة الزوجين مرة أخرى في سبتمبر من العام 1969، ومضت سفينة الحب تحملها من جديد في بحر الهوى الذي ربط بين قلبيهما، لكن ها هي السفينة تتحطم من جديد على صخرة الخلافات، ويتم الطلاق النهائي بين «أحمد ومنى» أو صلاح ذو الفقار وشادية في منتصف العام 1973.
زواج وطلاق
وقد أثمر هذا الارتباط والزواج بين شادية وصلاح ذوالفقار عددا من الأفلام الناجحة التي قاما ببطولتها ، فقد اشتركا معا في بطولة أفلام «مراتي مدير عام» 1966 و«كرامة زوجتي» 1967، و«عفريت مراتي» 1968، وجميعها من إخراج فطين عبدالوهاب، كما أنتج لها صلاح ذوالفقار فيلم «شيء من الخوف»، الذي أخرجه حسين كمال، من دون أن يشارك في بطولته، وهذا الفيلم هو إحدى روائع السينما المصرية على مدى تاريخها.
بعد الطلاق الثاني بين شادية وصلاح ذوالفقار، قررت ألا تكرر تجربة الزواج مرة أخرى وأن تعيش لتربية أبناء اخوتها، الذين ملأوا عليها حياتها، وكانت ترى فيهم التعويض المناسب عن حلمها المفقود في أن تصبح أما.
وقد قامت شادية بتربية «خالد» و«ناهد» ابني شقيقها الراحل «طاهر»، الذي كان أقرب أشقائها إليها، والذي كان يرعى جميع شؤونها حتى وفاته، وكانت تجد سعادتها في الجلوس معهما، وبقية أطفال العائلة، وإلى الآن تحرص في يوم ميلادها على أن تجمع هؤلاء الأولاد – الذين كبروا الآن وأصبحوا آباء، وأبناءهم – الذين تعتبرهم أحفادها – حول مائدة تصنعها بنفسها، وتغدق عليهم من حنانها المتدفق.
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_