الدفاع الأوروبي، في أعقاب ” البريكست ” كيف سيكون ؟
شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_ أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين يوم 24 ديسمبر 2020 أن لندن والاتحاد الأوروبي توصلا إلى “اتفاق جيد ومتوازن” و”منصف” للطرفين، وذلك خلال مؤتمر صحافي. وقالت فون دير لاين إن المملكة المتحدة تبقى “شريكاً موثوقاً” للاتحاد، مضيفةً أن الاتفاق “يسمح لنا بالتأكد أخيراً بأن بريكست أصبح خلفنا”.يمكن للانفصال، بعد ما يقرب من 48 عاماً من “زواج مضطرب” مع الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي – مع فرنسا – التي تملك أسلحة نووية، أن يعزز سياسة الدفاع المشتركة.
في هذا السياق يرى بيار فيمون، الباحث المتعاون مع مؤسسة كارنيغي أوروبا، أن المملكة المتحدة “لم تكن مؤيدة لمشروع الأمن الأوروبي . لقد دافعت دائماً عن الدور الرئيسي لحلف شمال الأطلسي”. ويضيف بالقول: “لكن بعد الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كانت بالضبط لحظة ظهور معالم أوروبا الدفاعية”.وفقا لتقرير دوتش فيللة بعنوان “بعد الاتفاق على “الفراق”.. ما فرص أوروبا من بريكست؟ الصادر في 24 ديسمبر 2020وفي مجال السياسة الخارجية، لن تبتعد لندن عن المواقف الأوروبية في القضايا الكبرى مثل البرنامج النووي الإيراني أو السياسة إزاء روسيا أو الشرق الأوسط.
تعهد وزراء دفاع تسع دول في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك المملكة المتحدة، 25 يونيو 2018 ، بتشكيل قوة تدخل عسكرية أوروبية مشتركة تسمح باستمرار الدعم البريطاني بعد البريكست من الاتحاد.أن الهدف من مبادرة التدخل الأوروبية، هو كجزء من خطط لإنشاء قوة دفاع أوروبية مستقلة تقوم بنشر قوات بسرعة في سيناريوهات الأزمات بالقرب من حدود أوروبا. وتضم المجموعة فرنسا، ألمانيا ،بلجيكا ،المملكة المتحدة ،الدنمارك ،هولندا ،إستونيا ،أسبانيا والبرتغال.
وفي هذا السياق أكد ماريو كوناسيك وزير الدفاع النمساوى أن الاتحاد الأوروبي يوم 02 يناير 2019، إن أوروبا لا تحتاج إلى إنشاء جيش خاص ولكن يحتاج إلى مزيد من التعاون فى مجال تطوير سياسات الأمن والدفاع المشترك إلى جانب التحرر قليلًا من التحالفات الدولية الأخرى.وأوضح كوناسيك – أن أوروبا تحتاج إلى سياسة أمنية ودفاعية جديرة بالقارة، قائلًا أن وزراء الدفاع الأوروبيين على قناعة جميعًا بأهمية تطوير الهياكل والبعثات والتدريبات المشتركة دون التفكير في جيش للاتحاد الأوروبي كما يتصور البعض.“البريكست”ـ مستقبل بريطانيا الأمني مابعد خروجها من الاتحاد الأوروبي
كشفت المفوضية الأوروبية، يوم 7 يونيو 2017، عن خطة غير مسبوقة لتمويل الدفاع الأوروبي المشترك لمساعدة أوروبا على أن تصبح قوة عسكرية عالمية، داعية الولايات المتحدة إلى البقاء على الساحة الدولية. ويأتي اقتراح بروكسل بإنشاء صندوق قيمته 5.5 مليار يورو (6.19 مليار دولار) سنوياً عقب اقتراح فرنسي – ألماني للتركيز على الأمن والدفاع، وتحديد أهدافه مجدداً عقب قرار البريكست الذي اتخذته بريطانيا العام الماضي الذي سبب صدمة في أوروبا.
وسائل الإعلام الأوروبية والدولية تحدثت كثيرا عن الخلافات بين ضفتي الأطلسي وخاصة مابين واشنطن وبرلين، إلى حد وصفت ترامب وميركل بالشخصيتان المتناقضتان، واعتبرته أمر يثير الاهتمام. ففي الوقت الذي يرفع ترامب شعاره”أميركا أولا” ووجوب اتخاذ ساسة حمائية، تؤكد ميركل على أهمية الحاجة إلى الحلف الأطلسي، الناتو وعلى التبادل التجاري الحر بين ضفتي الأطلسي، وهنا بالفعل يبرز الخلاف ليصل إلى حد التناقض.
وأكثر من ذلك فان ميركل تدعو إلى استئناف المفاوضات حول اتفاق التبادل الحر عبر الأطلسي التي كانت بدأت في 2013، مؤكدة أنه ستكون له فائدة كبيرة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وتأتي هذه الخطوة في وقت يبدي فيه البعض تخوفه من تراجع الأميركيين عن حماية أوروبا عسكريا بعد تولي ترامب سدة الحكم في بلاده. وسوف تتمكن الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي من تطوير قدراتها العسكرية والاستثمار في المشاريع المشتركة وتعزيز جاهزية القوات يعتقد خبراء روس أن أحد الأسباب الرئيسة لإنشاء جيش أوروبي، هو مطالبة الناتو بزيادة عديد الوحدات القائمة، التي تتألف في غالبيتها من الأمريكيين، وزيادة تمويلها.
وقد برزت فكرة إنشاء جيش خاص بالاتحاد الأوروبي في تسعينيات القرن الماضي بعد تفكك يوغوسلافيا، وعادت إلى الظهور ثانية عام 2015، عندما أعلن رئيس المفوضية الأوروبية جان – كلود يونكر عن حاجة أوروبا إلى جيش خاص بها، كتلميح إلى روسيا بأن القارة العجوز ستبذل كل ما في وسعها لحماية قيمها، مؤكدا أنه الأوان لكي تصبح أوروبا قوية، ومشيرا في الوقت نفسه إلى أن هذا الجيش لن ينافس الناتو.الإرهاب والتطرف.. تحديات تنتظر لندن مابعد البريكست
صندوق الاتحاد الأوروبي و البريكست
من المتوقع أن يتألف صندوق الاتحاد الأوروبي من جزأين؛ الأول سيساعد الدول الأعضاء على تمويل أبحاث الدفاع في مجالات تشمل الإلكترونيات والبرامج المشفرة والهندسة العلمية والطائرات من دون طيار. واشتملت مسودة للخطة كشف عنها في نهاية 2016 على برنامج أبحاث، بميزانية سنوية تبلغ نحو 500 مليون يورو بعد عام 2020.أما الجزء الثاني من الصندوق، فإنه سيجمع المال للمعدات العسكرية الثقيلة، مثل الدبابات والمروحيات والطائرات من دون طيار.
وستصل ميزانية هذا الجزء إلى خمسة مليارات يورو سنوياً عند تشغيله بشكل تام. وقالت المفوضية إن الدول الأعضاء تهدر ما بين 25 إلى 100 مليار يورو (28 إلى 112 مليار دولار) عندما تفعل ذلك بشكل مستقل. ومن المتوقع إنشاء مقر قيادة عملاني لوحدات قتالية للاتحاد الأوروبي أو منصة لوجيستية للعمليات. وفي مرحلة أولى، يمكن أن يتخذ ذلك خصوصا شكل مشروعات، بالنسبة للبعض، تشمل تطوير معدات دبابات وطائرات من دون طيار وأقمار اصطناعية وطائرات للنقل العسكري، أو حتى مستشفى ميدانيا أوروبيا . ومنذ إخفاق إنشاء “المجموعة الدفاعية الأوروبية” قبل 60 عاما، لم ينجح الأوروبيون يوما في التقدم بهذا المجال؛ إذ إن معظم البلدان تتمسك بما تعده أمرا مرتبطا بسيادتها الوطنية حصرا.
واعتبرت أوساط الدفاع الاوروبي انه “يمكن الاستفادة من هيئة “يوروكورب”، الفيلق الأوروبي والعمل على قوات احتياطية” لتنفيذ عملية أوروبية في شكل أسرع. وهيئة يوروكوب تضم خمس دول تشكل إطارا لها هي فرنسا وألمانيا وبلجيكا واسبانيا ولوكسمبورغ ومقرها في ستراسبورغ. وهي بنية قيادية دائمة قادرة على نشر قوات عملانية ضمن مهل قصيرة.
رغم أهمية الموضوعات التي ناقشتها القمة، كان موضوع إجراءات مكافحة الإرهاب التي تتبعها دول أوروبا في مقدمة جدول الاعمال. فمازالت دول الاتحاد الأوروبي تعتبر قضية الإرهاب والمقاتلين الأجانب يمثل اكبر التحديات التي تضرب امن دول الاتحاد وأوروبا. فرغم الجهود التي تبذلها دول الاتحاد منفردة في محاربة الإرهاب، فهي مازالت تسعى مجتمعة إلى توحيد جهودها داخل المفوضية الأوروبية، تتركز على تصعيد تعزيز التعاون ألاستخباراتي وتقاسم المعلومات بشكل أسرع.
الإنفاق العسكري لدول الاتحاد الأوروبي و البريكست
تعهدت الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، بزيادة نفقات الدفاع خلال قمة “وارسو” في يوليو عام 2016. وأوضح أمين عام الحلف، “ستولتنبرغ “وزادت نفقات الدفاع خلال عام 2016 بنسبة( 3 %) ليصل إلى ثمان مليارات دولار. وكان أعضاء الناتو يخصصون 3.1 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي للميزانية العسكرية.
ولكن هذه النسبة انخفضت منذ عام 2008، وهي تعادل حاليا ( 1.43%) في المتوسط، وهذا لا يرضي ستولتينبيرغ. وهذا مادفع وزراء المالية في الاتحاد فرض عقوبات على باريس وبرلين بعد أن تجاوزتا الحد الأقصى المسموح به لعجز الموازنة في الدول الأعضاء بمنطقة اليورو وهو( 3%) من إجمالي الناتج المحلي لمدة ثلاث سنوات متتالية. وتطالب الدول الغنية في الاتحاد وهي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والنمسا والسويد وهولندا بضرورة جعل”التقشف”محورا لمناقشات الاتحاد الأوروبي بشأن خطط الإنفاق لعام 2016.
الخطوات التي من المتوقع أن تعتمدها الدول الأعضاء بعد البريكست
ـ تجريب نظام لرصد أوجه نقاط الضعف في القوات المسلحة لدول الاتحاد الأوروبي بالتنسيق مع حلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة.أمن بريطانيا ما بعد البريكست ، كيف سيكون ؟
ـ اعتماد مقر قيادة عملاني لوحدات قتالية للاتحاد الأوروبي أو منصة لوجيستية للعمليات. لكن وفي مرحلة أولى، يمكن أن يتخذ ذلك خصوصا شكل مشروعات، بالنسبة للبعض، تشمل تطوير معدات (دبابات وطائرات من دون طيار وأقمار اصطناعية وطائرات للنقل العسكري)، أو حتى مستشفى ميدانيا أوروبيا.
ـ إنشاء هيكلية دفاعية جديدة للاتحاد الأوروبي.
ـ إنشاء دائرة عامة للشؤون الدفاعية لدى الاتحاد، لمراقبة المعايير في المجال العسكري.
تسعى دول الاتحاد الأوروبي، أن تظهر بأنها، قوة متماسكة، في أعقاب البريكست ، وفي أعقاب “وصاية” الناتو عليها بفرض شروط زيادة الإنفاق، لكن رغم ذلك فالانقسامات مازالت تعصف في هذا الاتحاد أبرزها موضوع توزيع حصص استقبال اللاجئين داخل دول الاتحاد الأوروبي، وموضوع مسك الحدود الخارجية والداخلية، بالإضافة لذلك وجدت دول أوروبا بأنها أمام تهديدات اليمين المتطرف.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات