تفاصيل اغتيال المخرج” حاتم علي “
ابراهيم عطا : كاتب فلسطيني
عملية التخلص من المخرج حاتم علي كانت متقنة جدا مثل عملية اغتيال العالم النووي الايراني فخري زاده، وبنفس الطريقة التي اغتيل بها الطالب اللبناني المتفوق ناصر ابو ايوب في كندا قبل يومين فقط من جريمة قتل المخرج السوري، فقد تفادى الموساد الاخطاء التي وقعت عند اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح في فندق روتانا في دبي عام ٢٠١٠ ، وما حدث عند محاولة اغتيال خالد مشعل في الاردن عام ٩٧…
مخرج “التغريبة الفلسطينية” لم يكن بالشخصية العادية او العابرة، وبالنسبة للصهاينة لقد كان على قوائم التصفية لانهم كانوا على يقين من انه كان يخطط للقيام بأعمال أكبر من”صلاح الدين الايوبي” و”عمر”، ولمشاريع اضخم من تلك التي انجزها حتى الان واستفزتهم كثيرا لانها تترك اثرا كبيرا وعميقا في الناس وتحرك لديهم المشاعر الوطنية والقومية…
نعم، لقد شكل مخرج “الفصول الاربعة” حالة نادرة من تلك الحالات التي تصنف لدى الكيان الصهيوني بالخطرة و المعاكسة لمشاريعهم التدميرية الهادفة لابقاء الامة العربية والاسلامية في ذيل قوائم دول العالم، وربما وصل وارتقى مخرج “صقر قريش” الى نفس المستوى الذي وصل اليه المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد (الرسالة واسد الصحراء عمر المختار…)، والذي كان ايضا محط انظار ومراقبة ومتابعة المخابرات الصهيونية لسنوات طويلة، الى ان وجدوا الطريقة المناسبة للتخلص منه، وذلك من خلال استخدام “الارهاب الداعشي” الذي صنعوه ايضا لنفس الغايات والاهداف، وقد انجزوا لهم المهمة على اكمل وجه في فندق غراند حياة في العاصمة الاردنية عام ٢٠٠٥…فهل تمكن أفراد الموساد الصهيوني من التخلص من مخرج “ملوك الطوائف” بطريقة مستحدثة ايضا، دون ترك أي دليل او اثر خلفهم في غرفة فندق ماريوت الزمالك في القاهرة لتبدو وكانها ازمة قلبية عادية، أم أن الايام القادمة ستكشف أشياء اخرى؟.
كلنا نعلم أن الكيان الصهيوني يعمل دون كلل او ملل، ويضع قوائم مصنفة لمن هم تحت المراقبة وكذلك للشخصيات الخطيرة و تليها الخطيرة جدا، ولمن اصبحوا على قائمة التصفيات العاجلة، ويقوم بتكريس كل امكانياته المخابراتية وطوابير عملائه المأجورين في دولنا وفي العالم لمتابعة وتصفية كل من يصنف بالخطير او المؤثر على خططهم عندما تسنح الفرصة لاغتياله او تهميشه…
وقد يسال البعض، لماذا يقتلون حاتم علي وناصر ابو ايوب ومصطفى العقاد ولا يقتلون “فلان” او يضعونه على قوائمهم للمراقبة، والاجابة سهلة وهي لانه “لا يحل ولا يربط” في مصير الامة ولا يؤثر في وعي شعوبها، فهو يعيش فقط ليأكل ويجري خلف المادة وملذات الحياة دون أي مبدأ او هدف سامي قد يصب في صقل شخصية عربية واعية او يساهم في صحوة الفكر القومي المناضل…
والامثلة على الشخصيات التي كانت مؤثرة ثقافيا او علميا او قياديا وتم التخلص منها بطرق مختلفة فهي كثيرة، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر غسان كنفاني وناجي العلي والعالم فادي البطش والقيادي مروان البرغوثي (سجن مؤبد)، والمهندس التونسي محمد الزواري، وحتى من الأطفال الشجعان قادة المستقبل مثل فارس عودة، ولا ننسى طبعا مئات العلماء العراقيين والمصريين…الخ
وهناك العديد من الشخصيات التي ما زالت على قوائمهم من رجال المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ومناضلين وعلماء وطلاب عباقرة من كل الدول العربية والاسلامية، وكما نعرف فقد سبق الطالب ابو ايوب قائمة طويلة من الطلاب البارزين مثل السعودي خالد الدوسري المسجون حتى الآن في الولاياة المتحدة الارهابية، وطالب الفيزياء النووية اللبناني هشام مراد الذي قتل في فرنسا عام ٢٠١٨ بظروف غامضة…
وهذا ينطبق أيضا على دول تخلصوا منها لانها مصنفة بالخطرة اما بالتدمير والتفتيت او التهميش مثل العراق وسوريا وليبيا…ودائما بمساعدة عربية مباشرة لتبدو وكانها احداثا عفوية، او عن طريق الاحتواء مثل دول الخليج التي تسير خلف العم سام بصمت مطبق، وهناك بعض الدول التي ما تزال على القائمة مثل الجزائر وتونس وغيرها…
وهنا يطرح السؤال نفسه، ماذا فعلنا لنحمي العباقرة والعقول العربية والشخصيات الكبيرة والمؤثرة، ولماذا لا نحقق بكل جريمة تقع مهما كانت متقنة، ونعمل على الرد عليها بمثلها أو أكبر منها حتى نردع هذه الالة الاجرامية ونحافظ على طاقاتنا وقدراتنا وكوادرنا المميزة التي قد توصلنا الى تحصين دولنا وتقدمها وترفع من مكانتها بين الامم….الرحمة للشهيد حاتم علي وكل التقدير لمن هم على قوائم الاستهداف الصهيوني المباشر او الغير مباشر… وجمعة طيبة لكل الاحبة وكل عام وانتم بخير.