الدوافع والهواجس بين أكبر قوتين وسوقين وحضارتين في العالم الصين واوروبا
دكتور هشام عوكل
استاذ ادارة الازمات والعلاقات الدولية
شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_بعد 35 جلسة مفاوضات على مدار 7 سنوات من بينهم 10 جلسات خلال 2020 وافق كل من الاتحاد الأوروبي والصين على إبرام اتفاق استثماري يسمح للشركات الأوروبية بمزيد من المشاركة والوصول إلى الأسواق الصينية، فيما يحتاج دخول هذا الاتفاق حيز التنفيذ عامًا آخر على الأقل وبمقابل ما الذي يعنيه” التقارب بين الصين والاتحاد الأوروبي “.
الاتفاق إن أدخل الطرفين إلى نفق الشراكة من أحد الأبواب الواسعة، إلا أن ذلك لا ينفي أن كلاهما في الوقت ذاته لا يزال ينظر للآخر على أنه منافس شرس، في ظل صراع توسيع دوائر النفوذ الاقتصادية بين القوتين، مع الوضع في الاعتبار حالة التوتر التي تخيم على أجواء العلاقات بينهما في الآونة الأخيرة.
بعد أن توصل الاتحاد الأوروبي والصين في الثلاثين من ديسمبر2020 إلى اتفاق “مبدئي” واسع النطاق حول الاستثمارات وشكل من المفاوضات الصعبة، كيف تترجم هذه الاتفاقية على أرض الواقع في ضوء سعي الصين إلى جذب الأوروبيين إلى طرفها،
في هذا المضمار، يعمل كل من الاتحاد الأوروبي والصين الآن على وضع اللمسات الأخيرة على نص اتفاقهما ، حيث يحتاج إلى مراجعة قانونية وتقديمها للموافقة عليها من قبل مجلس الاتحاد والبرلمان الأوروبييْن.
لكن المعارضة السياسية في أوروبا وواشنطن يمكن أن تعرقل الاتفاقية التاريخية كما ويتوقع أن يستغرق إنجاز الاتفاق المبدئي بصيغته النهائية أشهر. ويقول العديد من أعضاء البرلمان الأوروبي إنهم “قد لا يوافقون على نص الاتفاق في نهاية المطاف على أساس أن بكين لا تقوم بما يكفي لوقف انتهاكات حقوق الانسان ..
من وراء الحدود
شهدت الصين ودول وسط وشرق أوروبا نموا تجاريا مطردا العام الماضي مع تعزيز التعاون بين الجانبين.
وبلغت التجارة الثنائية 82.23 مليار دولار امريكى العام الماضى، بزيادة 21 بالمائة على اساس سنوى، وفقا لوزارة التجارة.
المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية” قاو فنغ” إن صادرات الصين إلى دول وسط وشرق أوروبا بلغت 59.19 مليار دولار العام الماضي، بينما بلغت الواردات 23.04 مليار دولار، بزيادة 19.6 في المائة و 24.6 في المائة على التوالي.
كما توسع الاستثمار بين الجانبين أيضا. واستثمرت الشركات الصينية أكثر من 10 مليارات دولار في دول وسط وشرق أوروبا، في حين استقبلت استثمارات بأكثر من 1.5 مليار دولار منها. ويغطي الاستثمار الثنائي قطاعات تشمل قطع غيار السيارات والكيماويات والتمويل والطب.
غضب بايدن
ويأتي الاتفاق قبل ايام من تنصيب الديمقراطي جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة. وقد أعرب فريق عمله عن قلقه إزاء تقرّب الاتحاد الأوروبي من بكين وحض بروكسل على التشاور مع واشنطن. كما رأى مراقبون أنمن شأن إنجاز الاتفاق في نهاية العام أن يثير استياء جو بايدن الذي يعول كثيرا على التنسيق مع حلفائه الغربيين في ملف العلاقات مع الصين.
وفي حين انتهج الاتحاد الأوروبي مقاربة أكثر ليونة مع الصين، حيث شن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب حربا تجارية لدفع بكين إلى تقديم تنازلات. وعلى الرغم من الخلافات الجذرية مع ترامب حول مروحة كبيرة من المسائل، يبدو بايدن متّجها لمواصلة سياسة التشدد حيال بكين
اتفاقية الاستثمار
ويقول راينهارد بوتيكوفر ، النائب في البرلمان الأوروبي : “من المؤكد أن اتفاقية الاستثمار بين الاتحاد الأوروبي والصين لم تكن مفيدة للغاية عندما تنظر إليها من زاوية التعاون عبر الأطلسي ” وأضاف: ” أشار فريق بايدن القادم بوضوح شديد إلى أن واشنطن تأمل في إجراء مشاورات مبكرة بشأن الصين ثم أظهر لهم الأوروبيون عدم الاهتمام”.
لكن وفقًا لأحد الخبراء ، من المرجح أن يتخذ الرئيس القادم للولايات المتحدة مقاربة أكثر ليونة مع الصين.
ويقول جوناس باريلو – بليسنر. المدير التنفيذي في مؤسسة تحالف الديمقراطيات: “أعتقد أن إدارة بايدن تطمح إلى أن تكون لها بداية جديدة في هذا الأمر وتقول إننا نريد حقًا أن نعمل على تكوين حلفاء وهذا يشمل بالطبع ، شركاء ديمقراطيين، وعلى وجه الخصوص، شركاء في أوروبا وأعتقد أن كلا الجانبين حريص حقًا على العمل بشكل خاص على العمل ضمن هذه الآلية “.
وانطلقت المحادثات بين الاتحاد الأوروبي والصين في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 خلال زيارة قام بها هرمان فان رومبوي، رئيس المفوضية الأوروبية آنذاك، إلى بكين، خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ. وعُقدت، منذ ذلك الحين، 35 جلسة تفاوض، منها 10 في عام 2020.
وتعد الأموال المطروحة ضخمة للغاية، حيث يبلغ رصيد استثمارات الأوروبيين في الصين ما يقرب من 150 مليار يورو، فيما يصل ذلك الاستثمار الصيني في دول التكتل إلى 113 مليار يورو.
ويضيف جوناس باريلو – بليسنر. المدير التنفيذي في مؤسسة تحالف الديمقراطيات: “هل يمكنك الوثوق بالصين في الوقت الحالي؟”
وأضاف ” إننا نراهم يتنمرون على هونغ كونغ على الرغم من وجود اتفاق مع المملكة المتحدة للحفاظ على الحكم الذاتي لهونغ كونغ، حتى عام 2047″ ومضى قائلا: “كما نرى الصين تتنمّر على أستراليا على الرغم من أن بين البلدين صفقة تجارية.. آمل أنه مع قدوم إدارة بايدن ، يمكن للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إبرام صفقات من موقع قوة مع الصين”
من جانبها، وضعت أوروبا، منذ تشرين الأول/أكتوبر، “إطارا” يهدف لاختيار الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الاستراتيجية، على أساس تبادل المعلومات بين الدول الأعضاء، والتي قد يكون بعضها أفضل جاهزية من البعض الآخر للتعامل مع ذلك. ومع ذلك، يخشى العديد من النواب الأوروبيين من التقارب مع بكين، مشيرين إلى مضايقة السلطات الصينية لمواطنين من هونغ كونغ التي تتمتع بحكم ذاتي ضمن السيادة الصينية أو “الإجراءات القمعية التي تمارسها الصين ضد مسلمي الإيغور شمال غرب الصين”
ويشار إلى أن الصين أصبحت أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي متخطية في ذلك الولايات المتحدة بعدما أعاقت جائحة كورونا عجلة الاقتصاد الأميركي.
يريد الأوروبيون أن تُعامل شركاتهم في الصين مثل معاملة شركات العملاق الآسيوي في الاتحاد الأوروبي. ويتوقع أن يضمن الاتفاق احترام الملكية الفكرية للشركات الأوروبية وأن يحظر عمليات النقل القسري للتكنولوجيا ويفرض قواعد شفافية على المساعدات التي تتلقاها الشركات العامة الصينية
هوامش ومراجع
1 اتفاق اقتصادي بين الصين وأوروبا.. الدوافع والهواجس” عماد عنان”
- الجزيرة الاتفاقية صين مع اروربا ..