المدخل إلى الجنة
هنا وطنى…زواية تطل كل يوم اربعاء للاعلامية غادة الطبيب
المدخل إلى الجنة
إليها رفعت بصري، فرأيت عباءة من أشعة
الصباح تنسدل على كتفيها من الكوكب المشرق
الذي يهدي عابري السبيل في كل سبيل
(الكوميديا الإلهية ،النشيد الأول ،دانتى)
شرارة العشق الأزلى ومرتع الحوريات ، تطأها بقدميك فتسلبك قلبك تماما كما حدث مع أبولو وحوريته الساحرة الهائمة بين الغابات ،يقال أنه الحب من النظرة الأولى ذاك الذي اصاب قلب الإله العتيد واوقعه في غرام الحورية الليبية التى منحت جزءا من اسمها لتلك البقعة المنسية قورينا أو قورينى أو ربما سيرين تيمنا بتلك الأنثى.
مدينة هاربة من الزمن ، هكذا ستصفها عندما تكتشف أن عقارب الساعة التى ترتديها قد توقفت وتأخرت لبضع دقائق وأنت تائه في غاباتها المسروقة من زمرد عيني اناثها .
إنه العام 631 قبل الميلاد ، رحالة اغريقى بإزاره الأبيض ، وجهه مشرب بحمرة خفيفة ،يختزن في جرابه حكايا عن آلهة وساحرات ومخلوقات يونيكورن بيضاء في لون الصباح .
وقع الرحالة في حب البقعة الزمردية ، اسبغ عليها دثارا منسوجا من اسطورته وقرر أن يجعلها موطنا لقصصه الآتية من بعيد ..
كان الجبل لازال اخضرا نقيا وعيون المياه تفيض رقراقة عذبة والسهول مرتع لمخلوقات الرحالة المسحورة ،الحجارة براقة بلون الشمس الذهبية ،كيف لا وابولو إله الشمس قد منحها وعدا بألا يغادرها على الاطلاق .
استوطن الرحالة وطاب له المقام ،فتحت له المدينة ابوابها المغلقة على عذرية غاباتها ومنحته السلفيوم الأسطوري فحمله عبر البحر صوب العالم وعاد محملا بالمزيد من الأساطير والحكايا المروية إلى اليوم على لسان الجدات بوشومهن الخضراء القاتمة وملامحهن الموروثة من سيرين الحورية الخالدة.
سيخبرك أحدهم بأن المدينة ملعونة بالجمال وأن جمالها جلب إليها الغزاة من رومان واغريق وسيجدبك مجنون من يدك ويحكى لك عن الذين اغرموا بها فتركوا بلدانهم وجاؤوها عشاقا تائهين ، سيمد يده إليك (بطاسة شاهى بالكشكوشة ) وسيرتشف من كوبه ويجيل بصره إلى الأفق ويخبرك أن آفة العشق امتدت لاحفاد هؤلاء وأن رجال الشرق اجمع يحضرون لحبيباتهم في مراسم الزفاف قافلة لا نهاية لها تشبه تلك التى انطلقت مع قطر الندى ،يطلقون عليها (السياق) دليلا على ذاك الكرم المتوارث منذ قرون وحبا وعشقا لسيدات هن وريثات الجمال الاغريقي والعنفوان العربي ممزوجا بنبل الأمازيغ.
كل هؤلاء امدوا المدينة برونقها وسحرها وخلفوا في جنباتها معابد يتوقف على عتباتها التاريخ حتى أنها منحت ابوللو مكانا يركن إليه رفقة حوريته الأثيرة التى خلد اسمها بنافورة تناقلت الجدات خرافات عن مائها الذي يهب الجمال لمن يغتسل به .
حتى أن زيوس منح معبدا لازالت آثاره باقية إلى اليوم فكيف تفسر هذا الوجد الذي عصف بالعقول قبل القلوب فجعل قاطنيها لايتركونها حتى عندما شح ماؤها ونضبت عيونها وامست (العيون الشاحات ) أو شحات ،ظلت كما هى حورية ابوللو في الشرق الليبي ومنبع الجمال الذي لايشيخ .
سيسر إليك احدهم…حذاري أن تتوه في اروقتها الغائبة وستتسع عيناك ذهولا وأنت تحدث هرقل وهرمس وتجلس برفقة حسناء قورينية هاربة من الزمن كى تشاهد احد شعرائها القدامى في الهلنيستى أو الاوديون .
ستسند راسك الى بقايا سورها القديم وأنت منقطع الانفاس ، لاهث من فرط الروعة والجمال وستبحث عن لقمة تقيم بها اودك فتمنحك الجدات الملتحفات بالحولى دم غزال( مترودة) أو قطعة من خبز الفرن تفوح رائحة الخشب الدافئة منها .
الصور للمصور الليبي سند الاحلافي
وأنت تسير في سهولها وهضابها وتقطع طرقاتها ربما تلمح سمعان القيروانى يحمل صليب خطاياه مجذوبا ملعونا تلفظه طرقاتها وتتنكر له اشجارها ،أما مسجد اوجله العريق فهو تاريخ يتربع في منتصف هذا الجمال حتى أنك تكاد لفرط هيبته أن تذوب مرددا مع الشيخ الجليل وتلاميذه من الصبية الصغار (ن والقلم ومايسطرون ..) صدق الله العظيم
خمس اروقة وعشرون قبة تميز ذاك الصرح العتيق وتسبح بعظمة الخالق وتتغنى بسحر التاريخ وقريبا من ذاك المكان سيتناهى إلى سمعك (غناوة علم ) يرددها شاب في عشق محبوبته الاولى …..
يا شحات علي غليتي ,, قطعه من كبدي تميتي
العين السوده في شحات ,,الا الباقي كلا حتحات
في شحات الخاطر كبده,,ذابت كي ماتذوب الزبده
ستودعها وترحل ربما لكنها ستظل في قلبك وروحك وستعود إليها ولسان حالك يردد ( يانا عليا )
غادة الطبيب
مصطلحات طاسة / كوب
الكشكوشة /الرغوة ويفضل الليبيون شرب الشاهى ضمن طقوس خاصة من ضمنها ان يكون الكوب الصغير مغطى برغوة كثيفة ذهبية اللون
غناوة علم / بكسر الغين والواو وتسكين الميم ، نوع من انواع الفن الشعبي الليبي الشهير في مدن الشرق
مترودة /اكلة ليبية من الشرق تتكون من الخبز الرقيق
يانا عليا / لفظ من اللهجة الليبية في الشرق ويعبر به عن الاعجاب بالشئ ويقابله في الفصحى ( يا للجمال او لهف قلبي)
السياق / بشدة مفتوحة فوق السين وتسكين القاف هو عبارة عن مجموعة من الهدايا والمؤن والمواد الغذائية التى يحملها العريس لعروسه في اغلب مدن الشرق الليبي ضمن مراسم الزفاف
غليتى / اى اصبحتى غالية
تميتى /أصبحت
حتحات / يطلق على فتات الخبز او بقايا الطعام والمقصود لاقيمة له
كى ما تذوب /أى كما تذوب
الخاطر /القلب أو الفؤاد
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_