قصص المدار التاريخية ((يوسف العظمة بين البطولة والإسطورة))

قصص المدار تختارها نجاة أحمد الأسعد
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_الشهيد يوسف العظمة (1884 ـ 1920) هو بطل سوريا الأسطوري في العصر الحديث، كان وزيرا للحربية في عهد المملكة السورية التي حكمت ما بين 1918 ـ 1920 بقيادة الملك فيصل الأول، وكان هو وزير الحربية ورئيس الأركان في هذه الدولة الوليدة التي تآمر عليها الفرنسيون فعسفوا بها وفرضوا الانتداب على أرض سوريا لكن الشهيد يوسف العظمة كان من الذين قاوموا هذا الانتداب بأرواحهم، وقاد مقاومة السوريين العسكريين رغم عدم تكافؤ القوى وخاض في مواجهة الفرنسيين معركة ميسلون الشهيرة التي تغنى بها شعراء الحماسة والوطنية والعروبة.

كان الشهيد يوسف العظمة عسكريا مثقفا وكان يُتقن عددا من اللغات بحكم النشأة والتعلم المتصل، فكان منها العربية والتركية والفرنسية والألمانية. ولد الشهيد يوسف العظمة في حي الشاغور في دمشق 1884 لعائلة دمشقية أصيلة، وكان والده موظفا في مالية دمشق لكنه توفي 1890 حين كان الشهيد يوسف في السادسة من عمره فكفله شقيقه الأكبر عبد العزيز.

درس الشهيد يوسف العظمة دراسة مدنية في المرحلة الابتدائية وتحول مبكرا إلى الدراسة العسكرية فدرس في المدرسة الرشيدية العسكرية التي كانت قائمة في جامع يلبغا وهو في التاسعة من عمره وانتقل إلى المدرسة العسكرية الإعدادية وهو في الثالثة عشرة من عمره، وعندما أصبح في السادسة عشرة من عمره (1900) انتقل للدراسة في المدرسة الإعدادية العسكرية (وهي تناظر المدارس الثانوية في النظام المصري) في إسطنبول فأحرز شهادتها في ذلك العام وانتقل إلى المدرسة الحربية السلطانية في الآستانة وتخرج فيها 1903 برتبة ملازم ثان، وتدرٌج في سلك العسكرية فنال رتبة ملازم أول بعد سنيتن، وانتقل إلى مدرسة أركان الحرب فدرس فيها ونال رتبة يوزباشي أركان الحرب 1907 كما نال وسام المعارف الذهبي.

وبعد عام واحد 1908 أصبح الشهيد يوسف العظمة مدربا مساعدا للتعبئة بمدرسة الأركان في قصر يلدز، وفي العام التالي درس في مدرسة أركان الحرب العليا في ألمانيا 1909، وعيٌن ملحقا عسكريا في المفوضية العثمانية في القاهرة ومعاونا للمفوض السامي العثماني. وفي 1912 عاد الشهيد يوسف العظمة إلى الآستانة واشترك 1913 في حرب البلقان.

أما في الحرب العالمية الأولى فقد كانت له إسهامات مرموقة فقد بدأ رئيسا لأركان حرب الفرقة 20 ثم الفرقة 25 العاملة في بلغاريا ثم في النمسا وفي رومانيا، ولما كانت الدولة العثمانية متحالفة مع ألمانيا فقد ضمٌه المارشال ماكترون قائد القوات الألمانية المحاربة إلى هيئة أركان الحرب الألمانية ممثلا للجيش العثماني.

ثم أعيد الشهيد يوسف العظمة إلى الآستانة ليكون مرافقا لوزير الحربية العثماني أنور باشا وهو يتفقد الجيوش العثمانية في الأناضول وسوريا والعراق، وعين رئيسا لأركان حرب القوات المرابطة في القوقاز ثم رئيسا لأركان الجيش الأول في إسطنبول.

وبانتهاء الحرب العالمية الأولى ونهاية الدولة العثمانية غادر إسطنبول، فاستعان به الملك فيصل الأول من قبل تأسيس المملكة السورية مرافقا له، ثم عيٌن معتمدا لأركان الحرب العامة في سوريا برتبة قائمقام وذلك قبل أن يتولى أكبر إنجاز حققه في حياته وهو تأسيس الجيش السوري وقد نجح في تأسيسه من عشرة آلاف مقاتل على طريقة عسكرية محترفة، وهو الجيش الذي صمم الفرنسيون بعد معركة ميسلون على حله وتصفيته.

في يونيو 1920 وجٌه الفرنسيون إنذارهم الشهير للملك فيصل، وجمع الملك فيصل وزرائه، وكانت وجهة نظر الملك أن يقبل الإنذار لكن الشهيد يوسف العظمة وزير الحربية رفض، وحاول هو و الدكتور عبد الرحمن شهبندر وزير الخارجية إقناع الملك دون جدوى، ومع أن الملك بدأ الخطوات التنفيذية للاستجابة للفرنسيين بما في ذلك حل الجيش وسحبه وأرسل بهذا إلى الجنرال غورو فإن الجنرال غورو بدأ الزحف تجاه دمشق في 24 يوليو 1920، متذرعا كالعادة بسبب مختلق كان في هذه الحالة أن برقية الملك فيصل بالموافقة على الإنذار لم تصله إلا بعد انتهاء المدة.

هكذا تأكد للسوريين أن النية لا تقف عند حد قبول الإنذار أو التوافق وإنما تتعدى هذا إلى احتلال كامل، وهكذا كان على الوطنيين وفي مقدمتهم الشهيد يوسف العظمة أن يقاوموا ما استطاعوا ليحفظوا شرفهم وشرف وطنهم في مواجهة هذا الاعتداء السافر، وهكذا أدرك البطل الشهيد يوسف العظمة أن واجبه الأول هو أن يبدأ عهدا من مقاومة المحتل مهما كانت نتيجة المعركة في صالح جبروت العدو وقوته، ولولا هذا الوعي من الشهيد يوسف العظمة بالشرف والوطنية والتاريخ والمستقبل لانتهت إلى الأبد رجولة الجيش السوري.وقد سجٌل التاريخ أن غورو خاض الحرب بتسعة آلاف جندي مزودين بالطائرات والدبابات والرشاشات في مواجهة ثلاثة آلاف من المتطوعين السوريين الذين كونوا الجيش السوري المحارب الذي قاده الشهيد يوسف العظمة يوم 24 يوليو 1920 الذي هو أمجد أيام سوريا في تاريخها الحديث.

أبلى الشهيد يوسف العظمة في ذلك اليوم بلاء حسنا وحارب بنفسه إلى آخر طلقة كانت في بندقيته حتى استشهد، فكان بهذا أول وزير حربية عربي يستشهد وهو يخوض معركة فاصلة. دفن الشهيد يوسف العظمة في مقابر الشهداء في ميسلون على بعد 28 كم شمال غرب دمشق، وخلٌد الشعر بطولته بقصائد كثيرة لا تزال تحتل مكانتها في مقدمة أصدق شعر الحماسة العربي في العصر الحديث الذي تمثل فيها عن حق

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post نوارس ليبية ..
Next post حكايا المدار الفنية (( من ملكة لجمال الأطفال لتسيد الشاشة العربية))