فضيحة الملاذات الضريبية في لوكسمبورغ
شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_ غالبًا ما ترتبط الملاذات الضريبية بالجزر أو البلدان البعيدة، لكن مع ذلك ، فإن النشطاء المناهضين للتهرب الضريبي يطالبون الاتحاد الأوروبي بفحص النظر داخل دول الاتحاد الأوروبي والكشف عن البنوك التي تؤوي ملاذات ضريبية لعديد من رؤوس الأموال العالمية. أظهر استطلاع حديث أن الشركات متعددة الجنسيات والمليارديرات يمرون عبر وكسمبورغ لإيواء أموالهم مستفيدين من خفض ضرائبهم. كشف تحقيق صحافي أجرته وسائل إعلام دولية عدة، من بينها صحيفة لوموند الفرنسية، على مدى عام، عن تكدس مبالغ مالية ضخمة جداً، مصدر بعضها مشكوك فيه في لوكسمبورغ. وبحسب التقرير فإن 55 ألف شركة «أوفشور» من دون مكاتب أو موظفين تدير أصولاً لا تقل قيمتها عن 7.8 تريليونات دولار في لوكسمبورغ.
الاستثمارات المباشرة التي تمر عبر لوكسمبورغ أكبر 67 مرة الناتج المحلي الإجمالي
في عام 2019 ، كانت الاستثمارات المباشرة التي تمر عبر لوكسمبورغ أكبر 67 مرةالناتج المحلي الإجمالي لهذه الدولة.. بالنسبة لمنظمة أوكسفام ، هذا الرقم أعلى بكثير من المتوسط الأوروبي. وتؤكد كيارا بوتاتورو، المسؤولة عن السياسة الضريبية للمنظمة غير الحكومية. “يوضح هذا الكشف كيف يتم اختيار أغنى الأشخاص للاستفادة من الملاذات الضريبية في الدول الأعضاء الأخرى ولكن أيضًا خارج الاتحاد الأوروبي، لوكسمبورغ البلد لاستثمار أموالهم أو أصولهم” موضحة في هذا السياق أن ” الهدف هو تجنب دفع الضرائب أو هو التهرب الضريبي وفي أسوأ الأحوال ينم الأمر عن غسل الأموال” كما تؤكد ” أن عدد سكان لوكسمبورغ 650.000 نسمة و بها 140.000 شركة ، 90٪ منها مسيطر عليها من قبل مواطنين من غير لوكسمبورغ”
لكن هذه الممارسات لا تقتصر على لوكسمبورغ، يعتقد بعض أعضاء البرلمان الأوروبي أن الاتحاد الأوروبي يضم خمس دول أعضاء تحمل فعلا المعايير الاقتصادية للملاذ الضريبي.
وتبرز هنا قبرص وأيرلندا ومالطا وهولندا ولوكسمبورغ. لذلك يطالبون برد أوروبي. وفي هذا الصدد يقول النائب في البرلمان الأوروبي،بول تانغ
“داخل الاتحاد الأوروبي، ليس لديك الحق في أن تقول بصوت عالٍ وأن تسمي وتنتقد بلدا بعينه، وأعتقد أن البرلمان الأوروبي هو المؤسسة الوحيدة التي تفعل ذلك ، وتتحدث بصراحة عن دور أيرلندا ولوكسمبورغ وهولندا” مضيفا ” يمكن تفسير الجوانب السلبية لقاعدة الإجماع السارية بين الدول السبع والعشرين في مسائل السياسة المالية”
مصارف أوروبية تعلن أن ربع أرباحها كان في ملاذات ضريبية
وفي 2017 كشفت دراسة أجرتها منظمة أوكسفام غير الحكومية أن أكبر عشرين مصرفا أوروبيا أعلن عن ربع أرباحه في ملاذات ضريبية .وقالت المنظمة التي نشرت الدراسة مع شبكة “الدليل الدولي للممارسات المالية العادلة” إن هذه المصارف “أعلنت عن 26 بالمئة من أرباحها في الملاذات الضريبية، والتي بلغت 25 مليار يورو في 2015، لكنها صرحت فقط عن 12 بالمئة من رقم أعمالها و7 بالمئة من موظفيها“، متحدثة عن “فارق فاضح”.
وأضافت أن هذه البنوك الأوروبية صرحت عن أرباح “إجمالية تبلغ 628 مليون يورو في ملاذات ضريبية ليس لديها فيها موظفون إطلاقا”. أما المصارف الفرنسية الخمسة الكبرى “بي ان بي باريبا“، و“بي بي سي اي” و“كريدي اغريكول” و“كريدي موتويل سي اي سي” و“سوسييتيه جنرال” صرحت عن “أرباح بقيمة 5,5 مليارات يورو في الملاذات الضريبية”.
الأزمة الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا المستجد
تتفاقم الأزمة الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا المستجد ، ويزداد الإنفاق العام ، حيث أدى الركود إلى زيادة الديون. في هذا السياق ، يمكن أن تظهر الضريبة على المعاملات المالية كحل لإعادة التوازن المالي. جلبت هذه الأداة 1.7 مليار يورو العام الماضي للحكومة الفرنسية. لكن على المستوى الأوروبي ، لا يزال المشروع الذي اقترح منذ 2011 قيد الدراسة وتمت معارلاضته من قبل بعض الدول الأعضاء.
الملاذات الضريبية المفضلة للمصارف
وبين الملاذات الضريبية المفضلة للمصارف: لوكسمبورغ وإيرلندا وهونغ كونغ .فقد سجلت تلك البنوك 4.9 مليار يورو من أرباحها في لوكسمبورغ في 2015،وهو ما يزيد عما سجلته في المملكة المتحدة والسويد وألمانيا معًا.
وأكدت اوكسفام أنه في إيرلندا حققت خمسة مصارف “عائدات تتجاوز المئة في المئة ووزعت أرباحا أعلى من رقم الأعمال”. في لوكسمبورغ وايرلندا، وهما من دول الاتحاد الأوروبي، تتركز نسبة 29٪ من الأرباح التي حققت البنوك في الملاذات الضريبية.
وكشف التحقيق الخاص بلوكسمبورغ، عن أن 90 في المئة من هذه الشركات يملكها أجانب، والأسوأ هو أن نحو نصف الشركات المسجّلة في البلاد هي شركات قابضة للاستفادة من نظام ضريبي تفضيلي وتنافسي.
تقريرجمعية العدالة الضريبية
وفقًا لتقرير نشرته جمعية العدالة الضريبية، نيسان/أبريل الماضي ، كان من الممكن أن تؤدي ضرائب الشركات الهولندية المنخفضة إلى خسارة الإيرادات في عام 2017 في فرنسا أو إيطاليا أو ألمانيا. بالنسبة لهذه المنظمة غير الحكومية ، فإن هذه الأزمة هي فرصة لإعادة فتح النقاش حول الضرائب والاستفادة منها . قال أليكس كوبهام ، مدير جمعية العدالة الضريبية: “هولندا ودول أخرى تشعر بضغط أكبر من العام الماضي”. ويؤكد أليكس كوبهام على طلب المواطنين المتزايد على إظهار الشفافية. ويضرب مثالاً لألمانيا حيث “نشهد ضغوطًا على الشركات في ألمانيا لتتحلى بالشفافية ولإظهار أنها تدفع الضرائب في بلادها”.
مؤشر الملاذ الضريبي للعام 2019
وفقًا لمؤشر الملاذ الضريبي للعام 2019 ، تحتل هولندا المرتبة الأولى في الاتحاد الأوروبي تليها لوكسبورغ وايرلندا .وتعتبر إيرلندا و هولندا و برمودا من الملاذات الضريبية الشهيرة للعديد من الشركات حول العالم، نظراً للمعاملة التفضيلية التي تقدمها لبعض الشركات الكبرى بفرض معدلات ضريبة متدنية للغاية
سويسرا تعتمد إصلاحا للضرائب
سويسرا التي اعتمدت إصلاحا للضرائب في تشرين الاول/اكتوبر 2018 ألغت أنظمتها الضريبية التفضيلية لكنها لا تزال تقدم للشركات حوافز ضريبية مهمة ومعدلات متدنية. هذا الامر سيستمر على الارجح في اجتذاب الشركات الباحثة عن تجنب دفع الشق العادل المتوجب عليها من الضرائب”. أما فرنسا و الدنمارك و بولندا فقد وعدت هذه البلدان الثلاثة بأن المال العام لن يساعد الشركات التي تستخدم الملاذات الضريبية.
من جانبها، رفضت حكومة لوكسمبورغ كل الاتهامات التي تضمنها التحقيق، كما أكدت أنها تحترم كل القوانين الأوروبية والدولية في ما يتعلّق بالضرائب والشفافية، وتطبق الإجراءات التي ترتبط بتبادل المعلومات من أجل مكافحة التهرب الضريبي.
يورونيوز