تأثير قضية أليكسي نافالني على العلاقات بين روسيا وبروكسل

مراجعة : الدكتور محمد الصالح جمال

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تشهد العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا توترا بشكل متزايد على مدى العقد الماضي وتزايدت حدته في الأشهر الأخيرة. قبل ذلك كان بسبب قرار روسيا بضم شبه جزيرة القرم في عام 2014، و دعم الكرملين للانفصاليين في شرق أوكرانيا والتدخل العسكري الروسي في سوريا ، وكذلك حملات التضليل والهجمات الإلكترونية التي تشنها روسيا، ليكتمل السيناريو بسبب احتجاز روسيا للمعارض أليكسي نافالني والذي يعتبر أحدث مصدر للتوتر في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا. 

من هو المعارض الروسي أليكسي نافالني ؟

ليكسي نافالني (44 عاماً) محام ومعارض سياسي بارز في روسيا درس القانون والاقتصاد في روسيا قبل أن يستفيد من منحة جامعية في للدراسة في جامعة ييل الأمريكية .في العقد الأول من الألفية الجديدة قام بإنشاء مدونة على الإنترنت لنشر تحقيقاته عن ملفات الفساد في أوساط النخب الحاكمة، ولاسيما الشخصيات المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. خلال عمله كمستشار لحاكم منطقة كيروف عام 2009 اتهم بالتخطيط لاختلاس أموال من شركة حكومية وحكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات مع وقف التنفيذ غير أنه نفى الاتهام الموجه إليه، وهو الحكم الذي سيغلق الطريق أمامه من أجل الوصول إلى الكرملين مستقبلاً.عرف نافالني بانتقاده الحاد ومعارضته لحزب “روسيا الموحدة” المحسوب على الكرملين.عام 2011 أنشأ مؤسسة لمكافحة الغش والفساد ينشر من خلالها مقاطع فيديو لفضح صفقات أعمال مشبوهة بالإضافة لأسلوب الحياة الفاخر للسياسيين والمسؤولين في الدولة وتحصد هذه الفيديوهات ملايين المشاهدات، وفق ما نشره موقع “يورونيوز” في 20 أغسطس 2020. 

بدأ صعود نافالني كقوة في السياسة الروسية في عام 2008 عندما بدأ في التدوين عن مزاعم سوء إدارة وفساد في بعض الشركات الروسية الكبرى التي تسيطر عليها الدولة. وكان أحد تكتيكاته هو أن يصبح مساهماً في أسهم الأقلية (المعروضة للبيع للمستثمرين من الناس في الشركات التي تملك الدولة الحصة الأكبر فيها)، في شركات النفط الكبرى والبنوك والوزارات، ومن ثم يبدأ في طرح أسئلة محرجة حول فجوات وتسريبات في تمويلات الدولة. وقد وصل إلى المتابعين الشباب في الغالب على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر استخدامه لغة نقدية حادة ومثيرة، وسخريته من المؤسسة الموالية للرئيس بوتين، حسب ما نشره موقع بي بي سي عربية في 18 يناير 2021.

عاد المعارض الروسي أليكسي نافالني الذي كان يتعافى منذ أشهر عدة في ألمانيا من عملية تسميم مفترضة، إلى روسيا رغم تهديد القضاء الروسي باعتقاله. ومنذ أن أعلن خصم الرئيس فلاديمير بوتين نيته العودة إلى البلاد، حذرته مصلحة السجون الروسية مؤكدة أنها ستكون ملزمة باعتقاله لانتهاكه شروط حكم بالسجن مع وقف التنفيذ صادر في 2014. لكنّ نافالني اعتبر الأمر محاولة ل تخويفه وبدلا من ذلك دعا أنصاره للمجيء إلى استقباله في مطار فنوكوفو في موسكو. ويقيم هذا المعارض البارز في ألمانيا منذ أواخر آب/أغسطس 2020 بعدما أصيب بإعياء شديد خلال رحلة العودة من سيبيريا إلى موسكو في إطار حملة انتخابية وأدخل المستشفى في مدينة أومسك حيث بقي 48 ساعة ثم نقل إلى برلين في غيبوبة بعد ضغط مقربين منه، حسب ما نشره موقع فرانس 24 في 17 يناير 2021.  

الاتحاد الأوروبي ينتقد روسيا في ملف حقوق الانسان.. و روسيا ترد 

أرسل الاتحاد الأوروبي وزير خارجيته، جوزيب بوريل، إلى روسيا في مطلع فبراير، ، حيث إن الاتحاد ينظر في فرض عقوبات على موسكو على خلفية قمع المعارضة. ونقلت فرانس برس عن مصادر ديبلوماسية قولها إن العقوبات ستفرض إذا واصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قمع المعارضة. وقال أحد هؤلاء الدبلوماسيين إن الوزير جوزيب بوريل توجه إلى موسكو في مطلع فبراير حاملا رسالة واضحة من الاتحاد الأوروبي وسيعرض الوضع في روسيا خلال الاجتماع المقبل لوزراء خارجية الاتحاد في 22 فبراير. وذلك حسب ما نشره موقع الحرة في 25 يناير 2020.

وقد نصحت وزارة الخارجية الروسية، في وقت سابق، السياسيين الأجانب الذين علقوا على الوضع مع نافالني باحترام القانون الدولي والاهتمام مشاكل بلادهم، وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، إن الكرملين لا ينوي الاستماع إلى تصريحات من الخارج حول نافالني. وفي سياق متصل قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، إن الغرب لا يحتاج سببا لفرض عقوبات على روسيا، مضيفة: “إذا لم يكن هناك سببا فسيقوم الغرب بتلفيقه” ، وفق ما نشره موقع وكالة “سبوتنيك ” الروسية في 02 فبراير 2021.

وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن موسكو مستعدة لقطع علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي بحال قرر التكتل فرض عقوبات جديدة من شأنها أن تؤثر على قطاعات حساسة في البلاد. يأتي ذلك بعد عودة وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من موسكو، الذي أعرب عن قلقه الكبير نتيجة رفض السلطات الروسية البدء بحوار بناء أكثر مع الاتحاد، داعيا القادة الأوروبيين إلى أخذ العبر من ذلك، الأمر الذي يؤدي إلى فرض عقوبات. ومن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 22 فبراير لعرض نتائج مهمة بوريل واتخاذ قرار في شأن الخطوات المقبلة، في ضوء رفض الكرملين مطالبة القادة الأوروبيين بالإفراج عن اليكسي نافالني وطرد موسكو لثلاثة دبلوماسيين أوروبيين، حسب ما نشره موقع ” يورونيوز” في 12 فبراير 2021

. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، معلقة على رد الفعل الألماني تجاه الحكم الصادر اليوم بحق المعارض الروسي أليكسي نافالني، إن روسيا لم تتلق حتى الآن ردا من الجانب الألماني بشأن الأسئلة التي طرحتها في قضية نافالني. ودعت زاخاروفا السلطات في برلين التي : “تطلق الكثير من عبارات الإدانة والمطالبات” للرد “بعدد أقل من الكلمات والحروف بشأن من تحتويه تحاليل نافالني “فائقة السرية”. وذلك حسب ما نشره موقع وكالة “سبوتنيك” الروسية في 02 فبراير 2020.

تأثير قضية نافالني على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي و روسيا

على وقع التصعيد الروسي بحق ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي، برز تعليق للكاتب الصحافي جاك شوستر، اعتبر فيه أنه “حان الوقت للتصريح وبوضوح أن العلاقات الروسية الألمانية أسوأ من أي وقت مضى منذ الحرب الباردة”، داعيا برلين “للتصرف وعدم الصمت، بدلا من الاستمرار بمواجهة كل استفزاز بلطف”، مبرزا أن “الهجمات العدائية لموسكو كتسميم المعارضين في أوروبا، مثل سيرغي سكريبال في بريطانيا وسلميشان شانغوشفيلي في برلين، تشكل انتهاكا للقانون الدولي، واحتلال شبه جزيرة القرم يؤكد ذلك”. حسب ما نشره موقع صحيفة “العربي الجديد” في 24 ديسمبر 2020.

إذا كانت التعاون السياسي بين الاتحاد الأوروبي وروسيا يتجه نحو مزيد من التدهور، فإن علاقاتهما الاقتصادية ما تزال محافظة على قوتها وتشعبها أكثر من أي وقت مضى رغم تأثرها السلبي بعقوبات اقتصادية متبادلة تتالي منذ ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا عام 2014. وهناك مؤشرات على التمسك بقوة العلاقات الاقتصادية مثل إصرار ألمانيا على استكمال مشروع “السيل الشمالي 2” رغم معارضة واشنطن ودول أوروبية أخرى له بشدة. ويضمن إنجاز هذا المشروع ضخ أكثر من 50 مليار متر مكعب من الغاز الروسي لمد السوق الألمانية والأوروبية بمصدر طاقة نظيف وأرخص من مثيله الأمريكي، حسب تقرير نشره موقع “دوتشه فيلله” في 14 فبراير 2020.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post الجهاديون” في مخيم الهول ـ جيل جديد يقلق الإستخبارات الألمانية
Next post إيران سلّمت بايدن للتو أول اختبار لمصداقيته