قصص نسائنا في عيد النساء
توفيق أبو شومر
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_قال أحد الشباب في ندوة: ” ليتَ نساءنا الفلسطينيات يُشبهنها”!
جاءت الأمنية السابقة في معرض الحديث عن المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، حين أعلنت في نهاية العام الماضي أنها لن تُرشح نفسها مرة أخرى للرئاسة، فأبدى إعجابه بالمستشارة الألمانية لأنها متواضعة، وسياسية حكيمة، وقائدة لدولة عظيمة.
قال لي أحد الذين يعرفون هذا الشاب عن قُرب: “إن هذا المعجَب بالمستشارة هو شاب متزوج، له ثلاثة أطفال، اعتاد أن يضطهد أخواته الثلاثة، ويعنفهن بالقول وباليد صباح مساء على الرغم من تفوقهن، فهو ناقدٌ دائم لألوان ألبستهنَّ وأنواعها، وهو مراقبٌ دائم على حركاتهن، يحاسبهن على دقائق التأخير عن العودة للبيت، ويستجوبهن أمام زوجته!
أما الشخصيةُ الثانية فهي لرجلٍ يُنسبُ للوعي والثقافة، فقد كان متنورا في شبابه، يعيش حياة الحرية والانفتاح، غير أنه عندما عاد للوطن، سرعان ما لبس عباءة العائلة، ليس من أجل تثقيف شباب العائلة والرفع من شأنهم، ولكنْ، ليُكوِّن بعائلته ميليشيا تمنحه الرهبة، وتجعله مرجعا للعشيرة والعائلة، هذه المتنوِّر حَرَمَ أخواتِه الأربعة من نصيبهن في الميراث، لأنهنَّ فقط نساء!
أما الشخصية الثالثة، فهو ذو الوجهين، الوجه التحرري الزائف، أما الوجه الثاني المُدَّخر، الحقيقي، العملي، يُطبِّقه بصرامة على بناته وأخواته، وكل النساء في عائلته.
هذا الأب رفض خيار ابنته بالزواج من شابٍ مؤدب ومكافح، لأن الشاب من أسرة صغيرة وليست من أسرة (عريقة) تتوافق مع شرف فخره!
أما أشد ألوان القمع الذي تتعرض له النساء، فهو قمع المرأة للمرأة نفسِها، حين تصبح كثيرٌ من الأمهات متساهلاتٍ مع الذكور، مُعنِّفاتٍ للإناث، يمنحن الحرية للأبناء الذكور، ويحرمن البنات من تلك الحرية، كما أن هناك نساءً أُخرياتٍ يُميزن الذكور عن الإناث في الأكل والمصروف!
اشتكت لي إحدى الفتيات في مناسبةٍ، ليس من قمع أبيها، بل من قمع أمها، على الرغم من أن الفتاة صاحبة الشكوى تُساهم في مصروف العائلة بنسبة تزيد عن خمسين في المائة فهي موظفة، ولكنها في نظر أمها أنثى ناقصة، غادرها قطار الزواج منذ سنوات، قالت: “تصوَّر أنني أُعدُّ رسالة الماجستير، تستولي والدتي على مرتبي الشهري لتمنحه لإخوتي الذكور، ولا تسمح لي أمي في غير أوقات العمل بالخروج إلا بصحبة أخي الصغير، ابن الصف الثاني الابتدائي، لأنه وُلِد ذكرا فقط، أما أنا فمن الجنس الثاني”!
أما الشخصية الرابعة فهي لعاملٍ من العمال الكادحين، هذا العامل وقع في مصيدة الرسوم الجامعية لاثنين من أبنائه، ابنٍ، وبنتٍ، كانت البنت هي الأكبر، دخلت السنة الأولى في الجامعة وجرى إعفاؤها في السنة الأولى من الرسوم الجامعية لتفوقها، حصلت على منحة للدراسة في بلد عربي، غير أن والدها رفض سفرها، ثم نجح أخوها بعد عام في الثانوية العامة بتقدير متواضع، اتخذ الأب قرارا ذكوريأ؛ تعليم الابن ذي المستوى الضعيف، وسحب ملف الابنة المتفوقة من الجامعة، بحجة أنَّ هناك مَن جاء لخطبتها، وعليها أن تستعد للزواج!
القصص السابقة تُشير إلى ظاهرة القمع الصامت للأنثى في معظم المجتمعات العربية، على الرغم من أن هناك قصصا أخرى إيجابية، لا بد من رصدها، وإبرازها.
كمثالٍ فقط، أعرفُ شخصيا أسرة مكونة من ابنتين، وثلاثة إخوة ذات دخل متواضع، تمنح الابنتين حقوقا مساوية للذكور، حتى أن الأب قال لي منذ سنوات: “وافقت على سفر ابنتي الكبرى للخارج للدراسة، وهي اليوم تحمل لقب دكتوراه، لا أبالغ إذا قلت لك بأنني أفتخر بها في كل مناسبة، فهي الأحبُّ إلى قلبي”!
الحوار المتمدن