المدار ترصد أواخر أيام المثقفين ((سليمان العيسى… شاعر الطفولة الهرم))
أواخر الأيام ترصدها للمدار نجاة أحمد الأسعد
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_توفي في دمشق الشاعر السوري سليمان العيسى عن عمر 92 سنة بعد أن دخل المشفى إثر تدهور في حالته الصحية. وأصدر اتحاد الكتاب العرب بياناً نعى فيه الشاعر الكبير. ودفن في مقبرة الشيخ رسلان.
عانى سليمان العيسى من مرض عضال في السنوات الأخيرة، لكنه حافظ على وعيه حتى آخر دقائق حياته حسب ما أفادت زوجته الدكتورة ملكة أبيض، بقي مهتماً بما يحدث حوله، ولو أنه عانى من صعوبة في النطق.
بدأ سليمان العيسى بكتابة الشعر وهو في التاسعة من عمره، وصف فيه معاناة أهله من الفلاحين وندد بالاستعمار الفرنسي، وهو من أهم الشعراء العرب القوميين ومن أكبر شعراء الأطفال، وهو من مؤسسي اتحاد الكتاب العرب في سنة 1969 في سوريا.
عدا مؤلفاته الشعرية والنثرية، عمل سليمان العيسى في ترجمة الأعمال الأدبية، حيث كان يجيد الفرنسية والإنكليزية والتركية، وتشارك مع زوجته ملكة أبيض في ترجمة أعمال أدباء جزائريين أنتجوا بالفرنسية.
ثمة الكثير من القصائد التي ردّدها الملايين في زمنه كما في أزمنة لاحقة ولا تزال تعيش حتى اليوم. وإن دلّ ذلك على شيء، لا على أن قرارا حزبيا فقط كان يأمر بأن تعيش القصيدة وتُستعاد وتُغنى، بل وببساطة، ثمة كلمات فيها تحاكي عاطفة ووجدانا وإحساسا وأشياء لا تزال حاضرة بقوة ولا نزال نحلم بها لغاية هذه اللحظة.
ناهيك عن أن أجيالا كاملة من الأطفال تربت على القصائد التي كان يكتبها لها. من الصعب أن تجد طفلا في المدارس السورية (وبعض المدارس الأخرى في بعض البلدان العربية) لم يحفظ له قصيدة، أو أغنية. أعرف أنه يمكن القول إن وزارة التربية هناك كانت تقف وراء ذلك، أي تضع قصائده في كتب مناهجها الدراسية، لكن ثمة أيضا الكثير من هذه القصائد والأغاني التي تخرج عن مفهوم “التنشئة” الحزبية الصرفة لتحاكي الطفل في جميع مراحل حياته، وقد أبدع فعلا في هذه الكتابة، شئنا أم أبينا.
يرحل سليمان العيسى عن 92 عاما، ومعه لا يرحل تاريخ فقط، بل ربما تواريخ، إذ ننتظر نهاية هذه العواصف التي قد تلغي كل شيء.
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_